نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : صيحَة وسط الصّمت العربي.. ورجّة داخل الكيان المحتلّ, اليوم الجمعة 13 يونيو 2025 12:48 صباحاً
نشر في الشروق يوم 12 - 06 - 2025
رغم تضاؤل حظوظ قافلة الصمود في العبور برّا الى مشارف قطاع غزّة، إلا أن ما حققته إلى حدّ الآن من "ضجيج" – منذ انطلاقتها من تونس وصولا إلى التراب الليبي مثل محاولة عربية جادّة، غير منتظرة، وخارج توقعات المستشرفين والمحللين. فهي الأولى من نوعها من حيث طريقة تنظيمها (برّا) ومن حيث عدد المشاركين فيها ( بالآلاف) ومن حيث التنوع الجغرافي لرقعة المشاركة (الدول المغاربية).. وهي تأتي بالتزامن مع تصاعد الدعوات الشعبية والرسمية في عدد من الدول العربية والغربية للتحرّك من أجل إنهاء الحصار المفروض على غزّة منذ سنوات والذي تحوّل في الاشهر الاخيرة الى حرب إبادة وتجويع ودمار شامل جعلت القطاع أكثر الأماكن جوعًا على الأرض وفق الأمم المتحدة.
القافلة التي انطلقت من تونس نحو قطاع غزّة، دعما للشعب الفلسطيني وسعيا لكسر الحصار عنه وإنهاء معاناة أبنائه وضمت آلاف المشاركين من موريطانيا والجزائر وتونس وليبيا، سرعان ما ادارت إليها الرقاب من كل أنحاء العالم منذ يوم انطلاقها وشدت على امتداد الأيام الموالية الانظار ومثلت الخبر الرئيسي في نشرات اخبار القنوات العربية والدولية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.. كيف لا وهي التي مثلت صرخة مُدوّية وسط صمت عربي مخجل وتواطئ دولي مفضوح تجاه ما يحصل في غزّة ، ومثلت "رجّة" معنوية غير مسبوقة داخل الكيان المحتل أقضّت مضجعه واخترقت سكينته وأثارت جنونه. فهي بالنسبة إليه صحوة شعبية عربية يخشاها لأنها تمثل بداية نهاية قد لحالة انقسام عربي حول القضية يتمنى تواصلها..
لا تتكون قافلة الصمود من آليات عسكرية أو دبابات بل من سيارات وحافلات مدنية، ولا يشارك فيها عسكريون بل فقط مدنيين، نساء ورجالا.. وهي ليست مُدججة بالعتاد والاسلحة بل فقط ببعض المؤونة والمستلزمات العادية، ولا يرتدي المشاركون فيها البدلات العسكرية بل اللباس المدني العادي.. لكن سلاحها وعتادها هو ضمير عربي حيّ زمن موت ضمائر الأنظمة العربية والقوى الدولية، وصرخات وشعارات يتوسطها العلم الفلسطيني حرّكت السواكن والمُهجات بين بقية الشعوب العربية وأيقظت الحواس الإنسانية في بقية العالم تجاه هول المأساة التي ترتكب في حق الانسانية داخل القطاع.. وسلاحها هو رسالة واضحة للكيان المحتل بأن الشعب العربي لم ينس قضيته ولن يتخلى عنها طال الزمان أم قصر..
سواء حققت القافلة مبتغاها النهائي وبلغت مشارف قطاع غزة ام لم تبلغ، إلا أن ما أحدثته إلى حدّ الآن من "ضجيج" أبلغ من البيانات الختامية للقمم العربية وأفصح من تقارير "التعبير عن القلق" و"الإدانة" التي تصدرها بين الحين والآخر المنظمات الاممية والقوى الدولية وأقوى من "الوساطات" التي تزعم بعض الأطراف القيام بها لحل القضية. ورغم ان قافلة الصمود لا تحمل معها مساعدات مادية ملموسة إلا أن ما حملته على متن حافلاتها وسياراتها من مواقف ومشاعر تضامن ومن تعابير عن الألم العربي المشترك وعن اوجاع الأمّة حولتها إلى لحظة فارقة في التاريخ العربي لكسر جدار صمت طال كثيرا وآن الأوان لهدمه تماما..
فاضل الطياشي
.
0 تعليق