نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ضربة القاذفات.. ما مدى تأثير عملية شبكة العنكبوت على روسيا؟, اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 11:30 صباحاً
ويقول المحلل العسكري الأميركي براندون وايكيرت في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأميركية إنه بينما تتفاخر وسائل الإعلام الغربية وتحتفل بـ"هدف الانتصار" في أعقاب الهجوم المفاجئ واللافت الذي شنته أوكرانيا على أسطول القاذفات الاستراتيجية الروسية القادرة على حمل رؤوس نووية بعيدة المدى، من المهم الحصول على تقييم أكثر دقة لحجم الأضرار.
وحتى الآن، ركزت معظم التقارير، التي غالبا ما تستند إلى مصادر أوكرانية، على إبراز تراجع القدرة التشغيلية الفعلية لأسطول القاذفات بعيدة المدى لدى روسيا.
ويرى وايكيرت أنه لا شك في أن الضربة ستخلف أضرارا حقيقية ودائمة. ولكن هناك من أشار إلى أن ما تبقى لدى روسيا من قدرات في مجال القاذفات الاستراتيجية لا يزال يشكل خطرا بالغا، فضلا عن امتلاك الكرملين لقدرات ضاربة بعيدة المدى من البر والبحر تساهم في استكمال عناصر "ثالوثه النووي".
وفيما يتعلق بالهجوم نفسه، تقدر أوكرانيا أنها ألحقت أضرارا بما يصل إلى 30 بالمئة من أسطول القاذفات الاستراتيجية النشطة لدى روسيا والقادرة على حمل رؤوس نووية. أما التأثيرات طويلة المدى لتلك الضربة فما تزال غير واضحة. ومع ذلك، من الجدير بالذكر أن روسيا لا تزال تحتفظ بعدد كبير من الأنظمة المماثلة في المخازن الباردة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي.
وبالتأكيد، تُعد هذه الهياكل الجوية عتيقة وفقا للمعايير الحديثة. لكن، كما هو الحال مع دبابات القتال الرئيسية "تي 72" و"تي 90" ، فقد أثبتت موسكو بالفعل قدرتها العالية على تحديث الأنظمة القديمة وتحويلها إلى أدوات فعالة في ميادين المعارك الحديثة.
فلماذا يُفترض أن الوضع سيكون مختلفا بالنسبة لقاذفاتها الاستراتيجية الموجودة في المخازن وغير المستخدمة حاليا؟
تجدر الإشارة أيضا إلى أن القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية تعمل حاليا بمستويات من الكفاءة لم يشهدها أحد منذ أوج الاتحاد السوفيتي في حقبة الحرب الباردة. وإذا أرادت روسيا إعادة القاذفات المخزنة إلى الخدمة، فإنها على الأرجح ستكون قادرة على فعل ذلك خلال فترة قصيرة.
ويقول وايكيرت إنه يجب على الناتو أن يدرك الواقع الذي يواجهه فيما يخص القدرات الروسية. وإذا تبنى الحلف دون تمحيص كل ما يقوله النظام الأوكراني خلال زمن الحرب، فإنه سيكون عرضة لارتكاب أخطاء استراتيجية جسيمة.
واستهدفت الهجمات المفاجئة بالطائرات المسيّرة الأوكرانية قواعد عسكرية استراتيجية روسية رئيسية تقع في عمق سيبيريا، مركزة على قاذفات "تي يو – 95" و "تي يو – 22 إم" بالأساس.
وبوضوح تُظهر الأدلة المصورة للهجمات وما تلاها وجود عدد من القاذفات وهي مشتعلة على مدارج القاعدتين.
وبالمقارنة مع ذروة قوة القوات الجوية السوفيتية خلال الحرب الباردة، يُعتبر أسطول القاذفات العملياتي الروسي اليوم صغيرا نسبيا. ولذلك، فقد ألحقت الهجمات الأوكرانية أضرارا، على الأقل على المدى القريب.
وقبل الهجوم الأوكراني على روسيا، كان يُعتقد أن لدى الروس ما بين 50 إلى 60 طائرة من طراز "تي يو 95" في الخدمة الفعلية، مع وجود هياكل جوية إضافية في الاحتياط أو المخازن. وخضع أسطول "تي يو 95" لعمليات تحديث على مر السنوات، مثل النسخة "تي يو 95 إم إس إم".
أما الطرازات الأقدم، مثل "تي يو 95 كي" و "تي يو 95 إم" فمن المرجح أنها محفوظة في المخازن كاحتياطي استراتيجي.
وتشير بعض التقديرات إلى أن روسيا قد تمتلك ما بين 20 إلى 30 طائرة إضافية من طراز "تي يو 95" في المخازن، على الرغم من أن صلاحيتها للطيران تختلف من طائرة لأخرى.
وقبل الهجوم الأوكراني في أول يونيو، كان لدى الروس نحو 60 إلى 70 طائرة من طراز "تي يو 22 إم" في الخدمة الفعلية.
ويُعتقد أن روسيا تمتلك ما بين 50 إلى 100 هيكل طائرة إضافي من هذا الطراز في المخازن.
وتشير تقارير غير مؤكدة إلى أن جزءا كبيرا من هذه الطائرات المخزّنة غير صالح للطيران في حالتها الراهنة. ومع ذلك، ونظرا لكفاءة القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية (كما اعترف بذلك قادة الناتو على مضض)، فإن موسكو ستكون قادرة على الأرجح على إعادة عدد كبير من هذه الطائرات إلى حالة قتالية خلال فترة زمنية مضغوطة نسبيا، إذا اقتضت الحاجة.
وعلى غرار الولايات المتحدة، حافظت القوات المسلحة الروسية على ما يُعرف بـ"مقابر الطائرات"، في إشارة إلى ساحات لتخزين الطائرات غير المستخدمة، خصوصا في قواعدها الجوية الداخلية مثل تشيبينكي وإنجيلز.
وتضم هذه "المقابر" النماذج التي جرى الحديث عنها من القاذفات، وهي ليست في الخدمة الفعلية، لكن يحتفظ بها في القواعد الجوية باعتبارها احتياطيا استراتيجيا، كإجراء وقائي، تحسبا لتصعيد مفاجئ، من النوع الذي تواجهه موسكو حاليا.
ورغم النجاح الذي حققته روسيا في تجهيز قاعدتها الصناعية الدفاعية للصراع بين القوى العظمى في العصر الحديث، فإنها تعاني من "عنق زجاجة" في مجال أنظمة الإلكترونيات مزدوجة الاستخدام.
وببساطة، فإن روسيا ليست جيدة في تصنيع الإلكترونيات، خاصة تلك المطلوبة لأنظمة الدفاع قصيرة المدى التي كان من الممكن أن تحمي قواعدها الجوية من هجمات المسيرات الأوكرانية.
وعلاوة على ذلك، فإن هذه الأنظمة الإلكترونية مزدوجة الاستخدام تُعد ضرورية أيضا لتطوير مكونات الطائرات المقاتلة والقاذفات المطورة.
ومن اللافت أن هذه المعضلة المتعلقة بالإلكترونيات مزدوجة الاستخدام، والتي لا تزال تعقد القدرة الإنتاجية الكثيفة والموثوقة للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية، ليست مشكلة جديدة على الكرملين. بل تعود إلى الحقبة السوفيتية، عندما خسر الاتحاد السوفيتي الحرب الباردة إلى حد كبير بسبب عجزه عن مجاراة الولايات المتحدة في هذا المجال الحاسم.
وفي حين أن الصين، بصفتها مركزا عالميا للتصنيع المتقدم، تمكنت من تعلم كيفية إنتاج مثل هذه الأنظمة الحيوية، لا تزال روسيا متأخرة بشكل كبير عن كل من الولايات المتحدة والصين، رغم امتلاكها لقاعدة هندسية وعلمية ذات كفاءة.
ومع ذلك، فإن القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية مهيأة بشكل جيد لخوض حرب استنزاف طويلة الأمد من النوع الذي تخوضه حاليا ضد أوكرانيا.
ويقول وايكيرت إنه لا شك أن أزمة الإلكترونيات مزدوجة الاستخدام ستشكل عامل تعقيد في جهود روسيا لإعادة تأهيل أسطول قاذفاتها. لكن مع ذلك، فإن قواتها العسكرية لم تتعرض لضرر بالغ كما يزعم بعض المعلقين المؤيدين لأوكرانيا.
بل إن احتمالية تعافيها من هذا الهجوم خلال فترة قصيرة تُعدّ مرتفعة.
ولا تزال الحقائق الأساسية لهذا الصراع تميل ضد أوكرانيا وحلف الناتو، فروسيا أكبر بكثير، وتمتلك قاعدة صناعية دفاعية أكثر تطورا، وأي مشكلات واجهها جيشها في الأسابيع الأولى من الصراع تم تجاوزها إلى حد بعيد.
أما الضربة التي استهدفت أسطول قاذفاتها، ورغم جرأتها، فهي لا تُغير من هذه الحقائق الجوهرية كثيرا.
خلص وايكيرت إلى أن الحل التفاوضي يبقى هو المسار الأفضل لإنهاء هذه الحرب. فإن لم يحدث ذلك، فإنه من المؤكد تقريبا أن روسيا ستفوز إن عاجلا أو جلا.
0 تعليق