اعتقاد خاطئ يضع مستقبل الأغذية الصحية المُعلّبة على المحك

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
 اعتقاد خاطئ يضع مستقبل الأغذية الصحية المُعلّبة على المحك, اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025 01:06 مساءً

في زمن تتكاثر فيه الدعوات لتبنّي أنماط غذائية متوازنة ومستدامة، تُواجه صناعة الأغذية الصحية المُعلّبة والمُغلّفة، تحدياً غير متوقع، يتمثّل باعتقاد خاطئ متجذّر لدى المستهلكين، يقول بأن هذا النوع من المنتجات يفسد بسرعة أكبر من غيره، ما يدفعهم إلى تفضيل خيارات غذائية أقل جودة، فقط لأنها تبدو أطول عمراً.

وهذا الانطباع واسع الانتشار، يتسبب بخسارة مزدوجة، فهو أولاً يُبعد المستهلكين عن مُنتج صحي صُمم أصلاً ليحسّن من صحتهم، وثانياً يضعف الثقة في صناعة الأغذية الصحية المُعلّبة، لينتهي جزء كبير من الطعام عالي الجودة في مكبّ النفايات.

وبحسب تقرير نشرته "وول ستريت جورنال" واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، قد كشفت دراسة حديثة شارك فيها أكثر من 3500 مستهلك في كندا وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، أن قسماً كبيراً من الأشخاص يميلون إلى التخلص من الطعام الصحي فور اقتراب تاريخ انتهاء صلاحيته، حتى مع غياب أي مؤشر فعلي على تلفه، وذلك بعكس ما يفعلونه مع الأغذية التقليدية التي تتمتع بتساهل أكبر من المستهلك.

أسباب هذه الظاهرة

ويُرجع الخبراء هذه الظاهرة إلى عاملين أساسيين، أولهما ضعف التوعية الغذائية لدى المستهلك، وثانيهما غموض الرسائل التسويقية المعتمدة من بعض شركات الأغذية الصحية المُعلّبة، إذ تلجأ هذه الشركات أحياناً إلى استخدام ملصقات تحمل عبارات مبهمة مثل "تاريخ التعبئة" دون أن توضح الفرق بينها وبين تاريخ انتهاء الصلاحية الفعلي، ما يزرع الحيرة لدى المستهلك. وفي ظل غياب المعلومات الواضحة، يغلب الحذر على الاختيار، فيميل كثيرون إلى التخلص من المنتج أو العزوف عن شرائه تماماً.

وبحسب جيهي كريستين كيم، الأستاذة المساعدة في التجارة بكلية ماكنتاير للتجارة بجامعة فرجينيا والمؤلفة المشاركة في الدراسة، فإن المستهلكين يميلون إلى الاعتقاد بأن الأطعمة الصحية المُعلّبة، تماماً كما هو الحال مع المنتجات الزراعية الطازجة، تفسد بسرعة، حيث يُعزى هذا الاعتقاد في الغالب إلى نقص المعرفة لديهم.

من جهته يكشف برنت ماكفيران، أستاذ التسويق في كلية بيدي للأعمال بجامعة سيمون فريزر والمؤلف المشارك في الدراسة، أن هناك أنواعاً عديدة ومختلفة من الملصقات التي يستخدمها مصنعو الأغذية، تجعل المستهلكين غير متأكدين بشأن معناها، وتدفعهم لتفسيرها على أنها تواريخ إنتهاء الصلاحية، مشيراً إلى أنه غالباً ما يتم التخلص من الكثير من الطعام الصحي والآمن للأكل في القمامة.

ودعا ماكفيران، إدارة الغذاء والدواء الأميركية، الى المساعدة في ذلك من خلال فرض قواعد واضحة ومتسقة، لوضع ملصقات تاريخ انتهاء الصلاحية على جميع الأطعمة.

ودعا ماكفيران إدارة الغذاء والدواء الأميركية إلى التدخل، من خلال إقرار نظام موحّد وواضح لتواريخ الصلاحية على المنتجات الغذائية، بما يسهّل على المستهلكين فهمها، واتخاذ قرارات أفضل عند الشراء أو التخلص من الطعام.

حجم صناعة الأغذية الصحية

وفقاً لبيانات شركة Grand View Research للأبحاث، فقد سجّل سوق الأغذية الصحية العالمية قيمة تقديرية بلغت نحو 653 مليار دولار أميركي في عام 2023، ومن المتوقع أن تتضاعف هذه القيمة تقريباً لتصل إلى 1.26 تريليون دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يقدّر بـ 10 في المئة.

وتشمل هذه السوق مجموعة واسعة من المنتجات مثل الأغذية العضوية والطبيعية، والأطعمة الوظيفية، والمعلّبات الصحية، بقيادة أسماء كبرى في صناعة الغذاء، أبرزها، Nestlé وPepsiCo وDanone وKellogg Company وGeneral Mills.

صورة ذهنية مضللة

وتقول الرئيسة التنفيذية لشركة سلطان فودز نجوى الخطيب، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ظاهرة التخلص من الطعام الصحي فور اقتراب تاريخ انتهاء صلاحيته، تعكس ميولاً نفسية واجتماعية عميقة، فالمستهلكون غالباً ما يربطون "الطعام الصحي" بـ"الطعام الطازج" بشكل لا واعٍ، وبالتالي فإنهم يتوقعون منه أن يكون قصير الأجل وسريع التلف، وهذه الصورة الذهنية تجعلهم أكثر حذراً حين يرون منتجاً صحياً في عبوة، خصوصاً أن عبوات الأطعمة الصحية غالباً ما ترتبط بمصطلحات مربكة مثل "غني بالبروبيوتيك" أو "خالٍ من الغلوتين" أو "مُدعّم بالفيتامينات"، فرغم أن هذه العبارات مفيدة علمياً، إلا أنها تُشعر المستهلك بأن المنتج معقد وسريع التأثر، فيُفضل عدم المجازفة ويقوم بالتخلص منه تفادياً لتعرضه لضرر ما.

وتشرح الخطيب أن ما يحدث فعلياً هو تحيّز إدراكي يُعرف باسم "التحيّز التأكيدي" أوConfirmation Bias، أي أن المستهلك يتوقّع أن المنتج الصحي المعلّب سيفسد بسرعة، فيقوم بالتصرف على هذا الأساس، حتى من دون وجود دليل فعلي على التلف. في المقابل فإن الأغذية التقليدية، تمنح المستهلك شعوراً أكبر بالمرونة، وبالتالي يتساهل أكثر تجاه تاريخ الصلاحية، مشيرة إلى أن منتجات الأغذية التقليدية غالباً ما ترتبط بالعادات اليومية والموروثات العائلية، أي أن الكثير من الأشخاص يدركون أن استخدامها حتى بعد انقضاء مدة صلاحيتها بفترة قصيرة لا يشكل ضرراً صحياً، في حين أن المنتجات الصحية يتم عرضها بطريقة علمية بحتة وكأنها دواء، فتفقد بذلك عنصر "الراحة النفسية" ويصبح المستهلك أكثر عرضة للتخلّي عنها بسرعة عند الشك.

وتؤكد الخطيب أن المطلوب للتخلص من ظاهرة رمي الطعام الصحي فور اقتراب تاريخ انتهاء صلاحيته، هو "أنسنة" العلامات التجارية الصحية عبر ربطها بقصص مألوفة تمنحها عمراً أطول في عاطفة المستهلك، وليس فقط في عبوتها.

خطوة إنقاذية أساسية

من جهتها تقول خبيرة التسويق ساندرا ملحم، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن إعادة صياغة الملصقات على عبوات الأطعمة الصحية، هي خطوة أساسية تساعد في التخلص من ظاهرة رمي هذا النوع من الأطعمة، فالمُلصق هو نقطة التقاء بين المنتج والمستهلك، وإذا كان هذا اللقاء مشوشاً أو محيّراً، فمن الطبيعي أن يُفسد العلاقة بينهما، مشيرة إلى أن ما نراه اليوم من استخدام لعبارات مثل "تاريخ التعبئة"، أو "يفضل استهلاكه قبل"، دون أي شرح للسياق ودون توحيد عالمي لتعريف هذه المصطلحات، يخلق بيئة خصبة لسوء الفهم.

نقص الوعي يشمل أطرافاً عدة

وبحسب ملحم فإن نقص المعرفة لا يقتصر على المستهلكين فقط، بل يشمل أيضاً العديد من المتاجر والعاملين فيها، الذين يجهلون الفرق بين مصطلحات مثل "تاريخ التعبئة" و"يفضّل استهلاكه قبل"، ما يؤدي في كثير من الأحيان، إلى إزالتهم لمنتجات سليمة من الأرفف قبل موعدها الفعلي، مشيرة إلى أن الحل يبدأ بإعادة تصميم اللغة على العبوات لتكون لغة مباشرة، مثل "صالح لغاية" أو "لا يمكن استخدامه بعد هذا التاريخ"، كما يمكن إطلاق حملة دولية يقودها تحالف منظمات الغذاء العالمية مثل FAO وWHO بالتعاون مع شركات الأغذية الكبرى، لوضع نظام تصنيفي موحّد وسهل الفهم، وواضح لتواريخ انتهاء الصلاحية.

وأكدت ملحم أن إعادة تصميم الملصقات على عبوات الأطعمة الصحية خطوة ضرورية، لكنها لا تكفي وحدها، فالتحوّل الحقيقي يتطلب إطلاق حملة توعية شاملة، تقودها الجهات الصحية والتجارية، بهدف تصحيح الفكرة المغلوطة التي تربط بين "الغذاء الصحي" و"قصر مدة الصلاحية"، معتبرة أن العالم اليوم بحاجة إلى منظومة تعليمية وتثقيفية، تعيد بناء الثقة في هذه المنتجات، وتشرح للمستهلكين أن الأطعمة الصحية وُجدت لحمايتهم، لا لتُرمى بسبب التباس في الفهم أو نقص في المعرفة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق