سد النهضة: مصر تحذر من “الصدمة الكارثية” على السودان وتُعلن المتابعة الدقيقة للتحركات الإثيوبية

يُعد ملف سد النهضة الإثيوبي أحد أبرز التحديات المائية التي تواجه مصر والسودان، حيث تتواصل التحذيرات المصرية من خطورة استمرار إثيوبيا في اتخاذ إجراءات أحادية الجانب دون التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم يضمن حقوق دولتي المصب. في هذا السياق، حذر الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري المصري، من أن أي تصرف إثيوبي غير محسوب قد يهدد السودان أولًا. يقدم موقع المواطن نيوز تفاصيل حول أبعاد هذا التحذير، وموقف مصر، وأثر التحركات الإثيوبية على دولتي المصب.
تحذيرات مصرية من تداعيات أحادية الجانب لسد النهضة
أكد الدكتور هاني سويلم أن أي خطأ متعمد أو غير متعمد من الجانب الإثيوبي في تشغيل أو ملء سد النهضة قد يؤدي إلى تداعيات كارثية على السودان، مشيرًا بشكل خاص إلى سد الروصيرص الذي يقع على بعد 100 كيلومتر فقط من سد النهضة. هذا القرب الجغرافي يجعل السودان عرضة للخطر المباشر من أي تصرف مائي مفاجئ أو غير منسق.
وصف وزير الري المصري السد الإثيوبي خلال تصريحات تليفزيونية بأنه “غير شرعي”، مشددًا على أن بنائه جاء بالمخالفة للقانون الدولي ولـإعلان المبادئ الموقع عام 2015. هذا الإعلان يلزم إثيوبيا بالتنسيق المسبق وتبادل المعلومات مع مصر والسودان بشأن أي إجراءات تؤثر على تدفقات المياه. وتساءل الوزير عن سبب رفض أديس أبابا تحويل تصريحاتها المتكررة بعدم الإضرار إلى اتفاق مكتوب وملزم، مؤكدًا أن غياب مثل هذا الاتفاق يعكس نوايا غير مطمئنة ويثير الشكوك حول التزاماتها.
اقرأ أيضًا: وزير الثقافة يطالب بمراجعة شاملة لإجراءات السلامة بالمنشآت الثقافية
اقرأ أيضًا: 4 قتلى ووزير الاتصال يعلن استمرار خروج سنترال رمسيس عن الخدمة أسبوع على الأقل بعد حريق سنترال رمسيس
متابعة دقيقة وتقييم للمخاطر: مصر تراقب بالأقمار الصناعية
أشار الدكتور سويلم إلى أن مصر تراقب عن كثب كل ما يحدث في موقع سد النهضة باستخدام أحدث تقنيات الأقمار الصناعية، ما يتيح لها تقدير حجم التخزين الفعلي والتصرفات المائية بدقة شديدة. هذه المراقبة المستمرة تؤكد جدية الموقف المصري واستعدادها للتعامل مع أي طارئ. وقال الوزير: “نحن نخشى من العشوائية والعبث في إدارة المياه، وسنتعامل مع أي طارئ وفق ما يحفظ مصالحنا المائية”، مؤكدًا على أن الحفاظ على الأمن المائي المصري خط أحمر لا يمكن المساس به.
السودان الأكثر تضررًا من أي تصرف إثيوبي غير محسوب
أوضح وزير الري أن السودان سيكون أول المتضررين من أي تصرف إثيوبي غير محسوب، نظرًا لقربه الجغرافي الحرج من السد. وشدد على أن أي تدفق مفاجئ أو تصريف عشوائي للمياه من سد النهضة قد يهدد سلامة سد الروصيرص، خاصة أن المياه تصل إليه خلال ساعات قليلة. في المقابل، تحتاج المياه عدة أيام لتصل إلى مصر، ما يمنح القاهرة فرصة أوسع للتعامل مع الأزمة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من حدة أي تأثيرات سلبية.
وأكد الوزير أن أي كمية مياه تخزنها إثيوبيا خلف سد النهضة تعتبر خصمًا مباشرًا من حصص مصر والسودان المائية، وهو ما يمثل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي ولمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول للموارد المائية المشتركة. هذا التأكيد يعكس تمسك مصر والسودان بحقوقهما التاريخية والقانونية في مياه النيل.
تحديات فنية لسد النهضة وتنسيق مصري سوداني مستمر
كشف الوزير أن سد النهضة لم يكتمل بعد، حيث تم الانتهاء من 8 من أصل 13 توربينة فقط، ويعمل منها 5 إلى 6 توربينات بشكل غير منتظم حتى الآن. وأكد أن هذه المؤشرات تعكس تحديات فنية تواجه المشروع رغم محاولات إثيوبيا إظهار الأمور بشكل مغاير. هذه التفاصيل الفنية تثير تساؤلات حول قدرة إثيوبيا على التشغيل الآمن والكامل للسد دون اتفاق ملزم.
وعلى صعيد التعاون بين دولتي المصب، كشف وزير الري عن وجود تنسيق مستمر بين القاهرة والخرطوم على أعلى المستويات لمواجهة أي تطورات محتملة في ملف سد النهضة. وأكد أن لجانًا مشتركة من وزارتي الري والخارجية والجهات السيادية في البلدين تعمل على وضع سيناريوهات للتعامل مع مختلف الاحتمالات، بما يضمن حماية الحقوق المائية لكلا الدولتين والشعوب.
سياسة “النفس الطويل” المصرية وتمسك بالحقوق
اختتم الوزير سويلم تصريحاته بالتأكيد على أن مصر تتعامل مع ملف سد النهضة بسياسة “النفس الطويل”، مما يعكس نهجًا دبلوماسيًا يتسم بالصبر والحكمة. لكنه في الوقت نفسه شدد على أن مصر لا تنسى حقوقها ولن تفرط فيها قيد أنملة، مؤكدًا على الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة لتعزيز أمنها المائي من خلال مشروعات داخلية ضخمة مثل إعادة استخدام المياه، ومعالجة الصرف الزراعي، وتطوير منظومة الري الحديثة لتعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه.
تظل التحركات الإثيوبية بشأن سد النهضة محل قلق مصري وسوداني عميق، وسط تحذيرات متكررة من عواقب التصرفات الأحادية. بينما تؤكد القاهرة مرارًا أنها لن تسمح بالمساس بحقوقها التاريخية في مياه النيل، وأنها مستعدة للتعامل مع أي طارئ للحفاظ على أمنها المائي.