فن

جمال عبد الناصر يستعرض تجربة بيتر بروك في المهابهاراتا

بيتر بروك والمهابهاراتا: عندما تتحول الملحمة إلى تجربة في التلقى

في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة ويتم تقديم التجارب الفنية بشكل مختصر عبر الهواتف الذكية، قام بيتر بروك بتحدٍ جديد. قدّم أضخم نص ملحمي في تاريخ الهند، المهابهاراتا، في عرض مسرحي يستمر تسع ساعات كاملة. ولكن لم يكتف بروك بهذا الإنجاز، بل قدّم هذه الملحمة الروحية في فيلم سينمائي لا يتجاوز ثلاث ساعات. وهنا برز سؤال حاسم: من يمتلك السيطرة على المعنى في النهاية… المبدع نفسه أم الجمهور الملهم؟

الخشبة: حيث يتنفس المعنى

في المسرح، لا مجال للاستسلام. هناك تجربة حية تتطلب تفاعلك الكامل. بروك في نسخته المسرحية من المهابهاراتا لم يقدم لك مشاهد جاهزة، بل خلق فراغات تتطلب ملء عقولك وقلوبك. كل لحظة تعيشها في المسرح تكون تجربة لا تُنسى، حيث تشعر بحرارة الممثل وترى العرق يتدلى من جبينه تحت أضواء المسرح.

الشاشة: الوهم المصقول

ثم تأتي السينما بسحرها وجمالها لتأخذك في رحلة مختلفة. هنا ليس هناك مكان للاشتراك، بل أنت مجرد مشاهد تستهلك ما تراه. المهابهاراتا في الفيلم كانت تقدم لنا لوحات بصرية لا يستطيع المسرح تقديمها، حيث يتم تقديم المعنى قبل أن تكون قادرًا على تفسيره.

الجمهور: بين الشريك والزبون

تجربة بروك كانت تجربة للجمهور أيضًا. هل تريد أن تكون شريكًا في خلق المعنى أم مجرد متلقي؟ المسرح يجعلك جزءًا من الأداء، بينما السينما تجعلك مراقبًا فقط. المعنى يتشكل بتفاعلك مع العرض، سواء كنت في الخشبة أو أمام الشاشة.

ماهي المهابهاراتا؟

المهابهاراتا هي ملحمة الهند الرئيسية، تحتوي على تاريخ الهنود وأساطيرهم. تُعد من أهم الملاحم الأدبية في التاريخ الإنساني، وتحتل مكانة عظيمة في الثقافة الهندية.

بيتر بروك يعد من أهم مخرجي المسرح في القرن العشرين، وقدّم المهابهاراتا بشكل مسرحي وسينمائي. هذا العمل الضخم حاز على إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء، وأثار العديد من التساؤلات حول العرض والتلقي.

احمد الحسيني

"صحفي مهني يتميز بالدقة والحياد في نقل الأخبار وتحليل الأحداث. يمتلك خبرة واسعة في تغطية القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويحرص دائمًا على تقديم محتوى موثوق يثري القارئ بالمعلومة الصحيحة. يهتم بتقديم التقارير الاستقصائية والمقالات التحليلية التي تبرز أبعاد القضايا المختلفة، مع الالتزام بأعلى معايير المصداقية والمهنية في العمل الصحفي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى