العمارة السعودية الأصيلة تتجسد: تطبيق الهوية العمرانية على فلل الأحساء، الطائف، وأبها 2025

في خطوة تاريخية نحو إعادة إحياء التراث المعماري الغني للمملكة وتطوير مشهد حضري فريد، بدأت المملكة العربية السعودية بتطبيق العمارة السعودية على الوجهات التصميمية للفلل السكنية في كل من الأحساء، الطائف، وأبها. هذه المبادرة، التي تُعد المرحلة الأولى من مشروع تطوير المشهد الحضري في مدن المملكة، تستند إلى الخصائص الجغرافية والثقافية المميزة لكل منطقة، لترسيخ هوية معمارية تجمع بين الأصالة والمعاصرة. يُقدم لكم موقع المواطن نيوز تفاصيل حول هذا المفهوم العمراني المتكامل وأهدافه في بناء بيئة حضرية حديثة متجذرة في الطابع المحلي.
العمارة السعودية: مفهوم متكامل يجمع الأصالة بالمعاصرة
يُشكل المفهوم العمراني المتكامل لـ العمارة السعودية رؤية طموحة تهدف إلى تعريف المجتمعات المحلية والعالمية بالثراء المعماري للمملكة. فالمملكة، بتنوعها الجغرافي والثقافي، تمتلك كنوزًا معمارية أصيلة تُعكس تاريخها وحضارتها. هذا المفهوم يسعى إلى:
- التعريف بالعِمارَة اﻷﺻﻴﻠﺔ واﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ: إبراز الأنماط المعمارية التقليدية التي ميّزت كل منطقة على مر العصور، والتي صُممت لتلائم الظروف المناخية والاجتماعية المحلية.
- تعزيزها من خلال ضوابط وموجهات تصميمية: لا يقتصر الأمر على مجرد المحاكاة، بل يتجاوز ذلك لوضع إرشادات تصميمية تُوجه عملية البناء الجديد، بحيث تُدمج هذه الأصالة في تصاميم عصرية.
- تحقيق التوازن بين اﻷﺻﺎﻟﺔ واﻟﺤﺪاﺛﺔ: الهدف هو خلق مبانٍ ووحدات سكنية تُعبر عن الهوية السعودية العريقة، وفي الوقت نفسه تُلبي احتياجات الحياة العصرية من حيث الكفاءة الوظيفية والاستدامة والراحة.
تهدف هذه الموجهات إلى توجيه عملية التصميم المعماري والعمراني نحو حلول معاصرة تعكس القيم الجمالية والتراثية للمملكة، مما يسهم في تطوير بيئة عمرانية حديثة متجذرة في الطابع المحلي. هذا يعني أن كل مبنى جديد لن يكون مجرد إضافة عشوائية للمشهد الحضري، بل سيكون جزءًا لا يتجزأ من النسيج الثقافي والمعماري للمنطقة.
تطبيق العمارة السعودية: رخص البناء والأنماط المعمارية
كشفت الحقيبة الإعلامية للعِمارَة السعودية، التي أطلقها ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، عن خطة شاملة لتطبيق هذا المفهوم. وتُعد هذه الحقيبة مرجعًا تصميميًا هامًا، حيث تشمل 19 طرازًا معماريًا مستوحاة من الخصائص الجغرافية والثقافية المتنوعة للمملكة.
الخبر الأبرز هو أنه سيتم تطبيق العمارة السعودية على التراخيص الإنشائية (رخص البناء) الجديدة. هذا يعني أن أي مشروع بناء جديد، وخصوصًا الفلل السكنية في المناطق المستهدفة بالمرحلة الأولى، سيُطلب منه الالتزام بهذه الطرز والموجهات التصميمية. هذا الإجراء سيضمن تناسقًا معماريًا وجماليًا على مستوى المدن، ويُقلل من عشوائية التصميم التي قد تُشوه المشهد الحضري.
خريطة العمارة السعودية: توثيق وتنوع
تُعد خريطة العمارة السعودية أداة محورية في هذا المشروع. فهي ليست مجرد خريطة تقليدية، بل هي توثيق مكاني للعِمارَة اﻷﺻﻴﻠﺔ واﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ في مختلف مناطق المملكة. تهدف هذه الخريطة إلى:
- إبراز التنوع الذي يميز كل منطقة: فلكل منطقة في السعودية طابع معماري خاص يتأثر بخصائصها الجغرافية (مثل الصحراء، الجبال، السواحل)، والعمرانية (مواد البناء المتوفرة، طرق التخطيط)، والثقافية (العادات والتقاليد)، والمناخية (درجات الحرارة، الأمطار، الرطوبة).
- تعكس أساليب البناء التقليدية: تُقدم الخريطة تفاصيل عن كيفية استخدام مواد البناء المحلية، والتقنيات القديمة التي سمحت للمباني بالتكيف مع البيئة المحيطة بها.
- توضح كيفية استلهامها في التصاميم المعمارية الحديثة: الهدف ليس بناء نسخ طبق الأصل من الماضي، بل استلهام الجماليات والوظائف الأساسية للأنماط التقليدية ودمجها بأسلوب حديث ومبتكر في المباني المعاصرة. هذا يُعزز استمرارية هذه الطرز في المشهد العمراني السعودي بأسلوب يُواكب العصر.
المدن المستهدفة: الأحساء، الطائف، وأبها – البداية الواعدة
اختيار الأحساء، الطائف، وأبها كمرحلة أولى لتطبيق هذه العمارة لم يأتِ من فراغ. فهذه المدن تمثل تنوعًا جغرافيًا وثقافيًا فريدًا داخل المملكة:
- الأحساء: بواحاتها الخضراء وطابعها المعماري الشرقي العريق الذي يتميز بالبيوت الطينية والقلاع القديمة.
- الطائف: بكونها مصيف المملكة ومدينة الورد، وبتأثرها بالعمارة الحجازية التي تُركز على الفتحات الواسعة والأخشاب.
- أبها: بعمارتها الجنوبية الجبلية الفريدة، التي تتميز بالبناء الحجري والتصاميم التي تتناغم مع تضاريس الجبال.
إن تطبيق العمارة السعودية في هذه المدن يُعد خطوة إيجابية نحو تحقيق رؤية شاملة لتطوير المشهد الحضري في المملكة، والحفاظ على الهوية الثقافية والمعمارية للأجيال القادمة، مع تقديم بيئات حضرية حديثة وجميلة.