اقتصاد

توطين صناعة الألبان في مصر: 7 خطوات استراتيجية لزيادة الإنتاج ودعم القطاع

تولي الدولة المصرية اهتمامًا بالغًا بقطاع الزراعة، ويعد توطين صناعة الألبان أحد الأهداف الرئيسية التي تخطط وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي لتنفيذها خلال الفترة المقبلة. في هذا السياق، بدأت الدولة عمليات تطوير شاملة لمراكز تجميع الألبان على مستوى الجمهورية، بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان وزيادة دخل المزارعين. يقدم لكم موقع المواطن نيوز تقريرًا مفصلاً يكشف الخطوات الاستراتيجية لتعزيز هذه الصناعة الحيوية ودعم القطاع الزراعي بشكل عام.

أهمية توطين صناعة الألبان ودعم القطاع الزراعي

تؤكد الدكتورة رشا عبدالعال، الباحثة بقسم بحوث تكنولوجيا تصنيع الألبان بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية التابع لمركز البحوث الزراعية، أن التوجه العالمي يسير نحو توطين الصناعات. هذا التوجه جاء بعد تعرض سلاسل الإنتاج لاضطرابات شديدة في أعقاب أزمة انتشار وباء كورونا، مما أبرز أهمية الاعتماد على الإنتاج المحلي. تُعد صناعة الألبان من الصناعات الرئيسية في مصر، وتحتل مكانة بارزة في قطاع الأغذية. كما أنها تلعب دورًا محوريًا في القطاع الزراعي، حيث تُسهم إلى حد بعيد في الاقتصاد وتلبية الاحتياجات الغذائية لسكانها، وتشكل ما يقارب ثلث إجمالي الدخل الزراعي. تطوير هذا القطاع، وخاصة إنتاج الحليب الخام، يُعد أمرًا بالغ الأهمية للاقتصاد الريفي وسبل عيش المزارعين ومنتجي الألبان على النطاق الصغير ومتناهي الصغر.

الوضع الحالي لإنتاج الألبان في مصر والتحديات

تنتج الألبان في مصر من خلال قطاعين رئيسيين: القطاع التقليدي، الذي ينتج حوالي 75% من الإنتاج الكلي، والقطاع المتخصص الذي ينتج حوالي 25% من الناتج المحلي. على الرغم من هذا الإنتاج، لا يلبي الإنتاج المحلي سوى 72% من الطلب في مصر. لسد الفجوة بين العرض والطلب على الحليب عالي الجودة، يميل مصنعو الألبان إلى الاعتماد على استيراد الحليب المجفف ومنتجات الألبان الأخرى. يُقدر نصيب الفرد من استهلاك الألبان في مصر بحوالي 51 كيلوجرامًا سنويًا، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي الذي يبلغ حوالي 100 كيلوجرام سنويًا، مما يُظهر التحديات التي تواجه قطاع الألبان في مصر.

تحدد الدكتورة رشا عبدالعال عدة عوامل تؤثر على كفاءة قطاع إنتاج الحليب الخام، منها ممارسات إنتاج الحليب، الموسمية في الإنتاج والاستهلاك، كفاءة الهياكل التنظيمية لمجتمع المزارعين، توافر الموارد المالية والوصول إليها، سلوكيات الوسطاء، والبنية التحتية للإنتاج والنقل والتداول والتوزيع. كما تشير إلى دور آليات تثبيت الأسعار السائدة ودور القطاع الخاص والجهات الحكومية وغير الحكومية. تتمركز معظم مصانع الألبان البلدية في المناطق الريفية بمحافظات الدقهلية، الفيوم، دمياط، المنوفية، والغربية، بالإضافة إلى الشرقية، القاهرة، الجيزة، وكفر الشيخ.

ومن أهم التحديات التي تواجه توطين صناعة الألبان في مصر: انخفاض الإنتاجية لدى منتجي الألبان، قلة الكفاءة في تربية الحيوانات المنتجة للألبان، وفي التعامل مع الحليب المنتج، واتباع ممارسات إنتاج غير فعالة ومكلفة. يُضاف إلى ذلك نقص الخدمات الخاصة للمزارعين الصغار والمتوسطين (مثل خدمات الإرشاد الزراعي والخدمات المالية، والتلقيح الاصطناعي إلخ)، وارتفاع تكاليف المدخلات، وخاصةً الأعلاف، وانخفاض جودة الأعلاف المتاحة وأنظمة التغذية.

7 خطوات استراتيجية للتغلب على التحديات وزيادة الإنتاج

للتغلب على هذه التحديات وتحقيق هدف توطين صناعة الألبان، يقترح التقرير سبع خطوات استراتيجية يمكن تطبيقها:

  1. زيادة كفاءة الإنتاج بتنمية الثروة الحيوانية: يتم ذلك عن طريق استخدام سلالات محسنة وراثيًا وسلالات عالية الإنتاجية ذات تاريخ موثق، لضمان الإنتاج الاقتصادي المربح. هذا يشمل برامج تحسين السلالات الوطنية وإدخال سلالات عالمية ذات إنتاجية عالية تتناسب مع البيئة المصرية.
  2. توفير نظم التربية السليمة: يجب توفير نظم التربية الملائمة للحيوانات، وتوفير الاحتياجات الغذائية لها على أسس علمية، بما يضمن كميات ومكونات التغذية السليمة التي تزيد من إنتاج الحليب وتحسن جودته. هذا يتطلب وعيًا أكبر لدى المربين بأهمية التغذية المتوازنة.
  3. توفير الرعاية الصحية والبيطرية: من الضروري توفير الرعاية الصحية والبيطرية للحيوانات بشكل دوري، وتوفير اللقاحات اللازمة لتحصينها من الأمراض الخطيرة مثل مرض الحمى القلاعية. هذا يقلل من نسب النفوق ويحافظ على صحة القطيع وإنتاجيته.
  4. توفير كوادر بيطرية مدربة: يجب توفير كوادر بيطرية مدربة ومراكز علمية بيطرية متخصصة للأبحاث والتدريب، لتقديم الدعم الفني والإرشادي للمزارعين وتحسين الممارسات المتبعة في المزارع.
  5. زيادة إنتاج الأعلاف: تشمل هذه الخطوة تشجيع زراعة المحاصيل العلفية الأساسية مثل البرسيم الحجازي والذرة الصفراء، مع الالتزام بزراعة تلك المحاصيل بمعايير الجودة العالمية لضمان توفير أعلاف عالية الجودة بكميات كافية للثروة الحيوانية.
  6. تشجيع إنشاء مزارع الألبان المتخصصة: الاستفادة من قانون الإصلاح الزراعي في هذا الصدد، وتقديم التسهيلات والدعم اللازم للمستثمرين لإنشاء مزارع ألبان حديثة ومتخصصة تتبنى أحدث التقنيات في الإنتاج.
  7. الاهتمام بطريقة الحلب وسرعة نقل الحليب: لضمان الحصول على ألبان عالية الجودة، يجب الاهتمام بطريقة الحلب الصحيحة وتوفير وسائل مخصصة وسريعة لنقل الحليب من أماكن الحلب إلى مراكز التجميع، مع الحفاظ على معايير النظافة والتبريد اللازمة.

هذه الخطوات مجتمعة، إذا تم تطبيقها بشكل فعال، ستمكن مصر من تحقيق توطين صناعة الألبان، وستسهم في سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك المحلي، بالإضافة إلى دعم الاقتصاد الريفي وتوفير منتجات ألبان صحية وآمنة للمواطنين، مما يعزز الأمن الغذائي للبلاد ويفتح آفاقًا جديدة للتصدير في المستقبل.

ياسمين حسن

صحفية محترفة تكتب بموضوعية واحترافية في مختلف المجالات الإخبارية. تعمل على تغطية الأحداث العاجلة، وتقديم التحقيقات والتقارير المتعمقة حول القضايا الاجتماعية والسياسية. تتميز بأسلوبها التحليلي الذي يثري القارئ بالمعلومة الدقيقة، مع التزام كامل بالمصداقية والحياد. تهدف دائمًا إلى إيصال الحقيقة بوضوح لتكون مرجعًا موثوقًا في عالم الصحافة والإعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى