ترسانة الدبابات والمدرعات العربية: تحليل القوة، التكنولوجيا، والتصنيع المحلي

في عالم تتسارع فيه سباقات التسلح والتحديثات العسكرية، تُعد الدبابات والمدرعات العمود الفقري للقوات البرية؛ لما تلعبه من دور حاسم في المعارك البرية والعمليات العسكرية المركبة. تُظهر الترسانات العسكرية للدول العربية اهتمامًا متزايدًا بهذه المعدات، سواء من حيث العدد، أو التقدم التكنولوجي، أو حتى التوجه نحو التصنيع المحلي. ويقدم لكم موقع المواطن نيوز تحليلًا شاملًا لترتيب الدول العربية في امتلاك هذه الأسلحة الاستراتيجية، مع تسليط الضوء على أبرز ما يميز كل دولة من قوة، حداثة، وتنوع.
الدول العربية الرائدة في امتلاك الدبابات والمدرعات
تتصدر عدة دول عربية مشهد امتلاك هذه المعدات سواء من حيث العدد أو التقدم التكنولوجي والتصنيع المحلي، مما يعكس اهتمامها بتعزيز قدراتها الدفاعية وتأمين حدودها في منطقة تشهد توترات مستمرة.
- مصر: الزعامة بالأرقام والصناعة تتصدر مصر المشهد العربي في امتلاك الدبابات من حيث العدد، بأسطول يتجاوز 3600 دبابة متنوعة. أبرز هذه الدبابات هي M1A1 Abrams الأمريكية، والتي تُجمع محليًا في مصنع 200 الحربي التابع لوزارة الإنتاج الحربي. هذا يجعل مصر الدولة الوحيدة خارج الولايات المتحدة التي تقوم بتجميع هذه الدبابة، مما يمنحها ميزة استراتيجية كبيرة في الصيانة والدعم اللوجستي. كما تضم ترسانتها دبابات M60A3، وتي-62، ويتم تحديث مئات الدبابات إلى معايير أكثر تطورًا في مشروع مشترك مع واشنطن، مما يعزز جاهزيتها القتالية باستمرار.
- الجزائر: قوة عددية بالمدرسة الروسية تمتلك الجزائر أكثر من 1400 دبابة، أغلبها من الطراز الروسي مثل T-90SA، التي تعد من أفضل النسخ المخصصة للتصدير، وتمتاز بقدرتها النيرانية ودرعها القوي. ورغم القوة العددية الكبيرة، فإن الجزائر لا تزال تعتمد على أنظمة تقليدية في بعض الجوانب مقارنةً بالدول الخليجية، لكنها تسعى لتحديث أسطولها ليتواكب مع التطورات العالمية، مع التركيز على العقيدة العسكرية الروسية.
- الأردن: تنوع واستفادة من الدعم يمتلك الأردن ترسانة مختلطة تشمل لوكلير فرنسية، وتشالنجر 1 البريطانية، ودبابات M60A3 الأميركية. العدد الإجمالي للدبابات يتجاوز 1400 وحدة، وتستفيد القوات المسلحة الأردنية من دعم غربي واسع في برامج التدريب والتحديث، مما يمنحها مرونة عملياتية وقدرة على دمج تقنيات متعددة. هذا التنوع يعكس استراتيجية الأردن في بناء قوة دفاعية قادرة على التعامل مع تحديات مختلفة.
- المغرب: تحديث متسارع بقدرات متقدمة يأتي المغرب كثالث دولة عربية من حيث العدد، بترسانة تضم أكثر من 900 دبابة. وقد شهدت السنوات الأخيرة تعزيز قوته بدبابات M1A2 SEPv3، وهي من بين الأحدث في فئتها عالميًا. التحديث السريع للمغرب يعكس استراتيجيته في تعزيز قدرات الردع في شمال أفريقيا، ويعتمد على أحدث التقنيات الغربية لضمان تفوقه النوعي.
- السعودية: الجودة قبل الكمية بتقنيات حديثة رغم أن عدد الدبابات السعودية يتراوح بين 800 و1200 دبابة حسب التصنيفات الدولية، فإن قوتها تكمن في امتلاكها لأحدث نسخ M1A2 Abrams بتعديلات محلية، إلى جانب خطط واضحة للتصنيع المحلي ضمن رؤية 2030. تعتمد القوات البرية السعودية على هيكلة مرنة تجمع بين التدريب المتقدم والتقنيات الأميركية الحديثة، مما يجعلها قوة نوعية مؤثرة في المنطقة.
- الإمارات: Leclerc الفرنسية بلمسة محلية فريدة تملك الإمارات عددًا أقل من الدبابات (حوالي 354 دبابة)، لكنها تستثمر في الجودة العالية، من خلال دبابات Leclerc الفرنسية، والتي جرى تطويرها في نسخ خاصة تتناسب مع البيئة الصحراوية الخليجية. كما تم الكشف مؤخرًا عن نسخة Leclerc XLR الحديثة خلال معرض IDEX 2025، مما يؤكد على توجه الإمارات نحو التكنولوجيا المتقدمة والتكيف مع الظروف البيئية الخاصة.
- الكويت: التحديث بالموجات والتكنولوجيا المتطورة رغم العدد المحدود، تمتلك الكويت دبابات M1A2K الحديثة، وهي نسخة معدلة خصيصًا لها، تتضمن أنظمة استشعار متطورة وحماية إضافية. وتُعد من أحدث ما تم تسليمه في الشرق الأوسط من خطوط إنتاج شركة جنرال دايناميكس، مما يعكس حرص الكويت على امتلاك قدرات دفاعية متطورة.
- قطر: الاعتماد على الدبابات الأوروبية الأحدث قطر تمتلك عددًا صغيرًا من الدبابات (نحو 62 من طراز Leopard 2A7+ الألمانية)، لكنها من الأكثر تطورًا عالميًا، مع خطط مستقبلية للحصول على دبابات Altay التركية، في إطار تنويع مصادر التسلح وتعزيز القدرات الدفاعية بأسلحة فائقة الجودة.
- عُمان: الحصان الأسود بتشالنجر 2 البريطانية تُعد سلطنة عمان الدولة العربية الوحيدة التي تشغل دبابات Challenger 2 البريطانية، والتي تُعرف بدقتها العالية وقدرتها على العمل في ظروف مناخية قاسية. ومع عدد يقارب 40 دبابة من هذا الطراز، تُعزز السلطنة قوتها البرية بتوازن بين الكفاءة والنوعية، مما يجعلها قوة دفاعية متخصصة.
- سوريا: الأرقام لا تعني الفعالية في مواجهة التحديات رغم امتلاك سوريا لعدد كبير من الدبابات (يتجاوز 2500 دبابة في بعض التقديرات)، فإن غالبيتها من الطرازات القديمة مثل T-55 وT-62 وT-72. وقد تأثرت كثيرًا بالحرب المستمرة، ما انعكس سلبًا على الجاهزية الفعلية والترسانة التقنية. هذا يؤكد أن العدد وحده لا يكفي لضمان الفعالية القتالية.
من الأقوى؟ ومن الأحدث؟ مقارنة بين الكم والكيف
في سباق التحديث والتسلح البري، تختلف الدول العربية في استراتيجياتها، فبين من يعتمد الكم الكبير ومن يراهن على النوعية الفائقة، تظل الجغرافيا السياسية والمخاطر الإقليمية هي المحدد الأكبر لاتجاهات التسلح.
- من حيث العدد: تتصدر مصر بفارق كبير، تليها الجزائر والأردن. هذه الدول تركز على امتلاك أعداد كبيرة من الدبابات لضمان القدرة على الانتشار والردع على نطاق واسع.
- من حيث الحداثة والتكنولوجيا: تتفوق السعودية، الإمارات، وقطر، ومصر بامتلاكها دبابات معدلة بمواصفات متقدمة، مما يعكس سعيها نحو التفوق التكنولوجي في ساحة المعركة.
- من حيث الإنتاج والتجميع المحلي: تتقدم مصر بوضوح في هذا المجال، بفضل مصنع 200 الحربي، تليها السعودية بخططها الطموحة للتصنيع ضمن رؤية 2030، مما يعزز من الاستقلالية الدفاعية.
- من حيث التنوع والتدريب: الأردن والإمارات يتميزان بدمج خبرات تدريبية وتقنيات غربية متعددة، مما يمنحهما مرونة تدريبية وعملياتية عالية.
في النهاية، تظل الاستراتيجية العسكرية لكل دولة رهينة لتحدياتها وظروفها الخاصة. وبينما تسعى بعض الدول إلى بناء قوة دبابات ضخمة، تركز أخرى على امتلاك أنظمة مدرعة متطورة، وكل ذلك بهدف تعزيز الأمن القومي والاستقرار في المنطقة.