الجمعية الفلكية بجدة: القمر وزحل يتألقان في سماء الوطن العربي الليلة في ظاهرة فلكية مميزة مرئية بالعين المجردة

تُشكل الظواهر الفلكية لحظات فريدة تُثير الدهشة والإعجاب لدى محبي الفلك وعامة الناس على حد سواء. وفي هذا السياق، أوضح المهندس ماجد أبو زاهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة، أن سماء الوطن العربي ستشهد اعتبارًا من منتصف ليل اليوم الثلاثاء، 15 يوليو 2025، وحتى بزوغ الفجر، ظاهرة فلكية مميزة يمكن مشاهدتها بالعين المجردة. تتمثل هذه الظاهرة في اقتران القمر الأحدب المتناقص مع كوكب زحل، حيث سيظهر الجرمان السماويان قريبين من بعضهما البعض في مشهد ساحر يفصل بينهما نحو 4 درجات. يُقدم لكم موقع المواطن نيوز تفاصيل هذا الاقتران البديع، أهميته العلمية، وكيف يمكن الاستمتاع به بعيدًا عن التلوث الضوئي.
مشهد ساحر ومرئي للعين المجردة: اقتران القمر الأحدب وزحل
يُعد هذا المشهد الفلكي البديع فرصة مثالية لهواة الفلك ومحبي السماء، إذ لا يتطلب رصده أي أدوات فلكية متقدمة. يُمكن لأي شخص الاستمتاع به بمجرد النظر إلى السماء في التوقيتات المحددة. سيظهر القمر الأحدب بضوئه الأبيض المشرق، وإلى جواره كوكب زحل بلونه الذهبي الخافت الذي يُشبه نجمًا ساطعًا. سيكون المنظر أكثر وضوحًا وجمالًا في المناطق البعيدة عن التلوث الضوئي للمدن، حيث يُمكن للسماء المظلمة أن تُبرز جمال الأجرام السماوية بشكل أفضل.
أوضح المهندس أبو زاهرة أن الاقتران في علم الفلك هو ظاهرة تحدث عندما يظهر جرمان سماويان، كالقمر وكوكب ما، قريبين من بعضهما في السماء من منظور الراصد على الأرض، رغم أن بينهما في الواقع مسافات شاسعة. يحدث ذلك نتيجة لوقوعهما على نفس خط الطول السماوي تقريبًا، مما يخلق وهم القرب الظاهري.
زحل وحلقاته: مشهد يتغير مع الزمن ودلالات فلكية
تطرق أبو زاهرة إلى واحدة من أبرز الظواهر المرتبطة بكوكب زحل هذا العام، وهي “عبور مستوى الحلقات” الذي حدث في مارس 2025. خلال هذا الحدث، أصبحت حلقات زحل موازية تمامًا لخط نظر الأرض بزاوية ميل قريبة من 0 درجة، مما جعلها شبه غير مرئية حتى من خلال التلسكوبات الصغيرة.
وأضاف أنه مع مرور الأشهر، بدأت زاوية ميل الحلقات بالتزايد تدريجيًا، لتبلغ حاليًا بين 1 و4 درجات فقط. هذا يُفسر لماذا تظهر الحلقات في السماء كخط رفيع يحيط بزحل. ومن المتوقع أن تستمر هذه الزاوية في الارتفاع خلال الشهور المقبلة، لتعود الحلقات للظهور بوضوح أكبر بحلول عام 2026.
أكد أبو زاهرة أن هذا التغير الدوري في شكل حلقات زحل هو نتيجة لميل محور دورانه، الذي يبلغ نحو 26.7 درجة. هذا الميل هو ما يجعلنا نرى حلقات زحل أحيانًا بزاوية مائلة واضحة، وأحيانًا أخرى بشكل جانبي ضيق، كما هو الحال هذا العام. هذه الظاهرة تُقدم فرصة فريدة لمتابعة التغيرات الدورية في مظهر الكواكب وتأثير حركتها المدارية ومحور دورانها.
جمال بصري ومعرفة علمية: فرصة للتعلم والاستمتاع
شدد رئيس الجمعية الفلكية بجدة على أن مثل هذه الظواهر الفلكية لا تُعد مجرد مشاهدات ليلية خلابة، بل تحمل أيضًا بُعدًا علميًا مهمًا. تُساعد هذه الظواهر في فهم حركة الأجرام السماوية ومواقع الكواكب، كما تُتيح فرصة ممتازة لتعلم كيفية تتبع الكواكب بالعين المجردة وتحديد مواقعها في قبة السماء.
وقال أبو زاهرة: “اقتران القمر بزحل هذه الليلة هو مناسبة فلكية مميزة، فهو يمنحنا فرصة لرؤية كوكب الحلقات الأشهر في النظام الشمسي، وفي الوقت ذاته يساعدنا على استيعاب كيفية تغيّر مظهره من الأرض تبعًا لموقعه وحركته المدارية”. يُمكن للآباء والمعلمين استغلال هذه الظاهرة لتعليم الأطفال والشباب مبادئ علم الفلك بطريقة شيقة وممتعة.
دعوة للاستمتاع بعيدًا عن أضواء المدن
في ختام حديثه، دعا رئيس الجمعية الفلكية بجدة عموم المواطنين والمهتمين إلى متابعة هذا المشهد الفلكي، خاصة في المناطق البعيدة عن التلوث الضوئي للمدن. “هو مشهد لا يُفوت، يجمع بين هدوء الليل وروعة الكون، ويذكرنا دومًا بعظمة هذا النظام السماوي البديع الذي نحيا في ظله.” تُعد هذه دعوة للتأمل في الكون الفسيح، والاستمتاع بجماله، وتعزيز الوعي بأهمية علم الفلك ودوره في فهم مكاننا في هذا الكون الشاسع.