اقتصاد

مصر تستهدف 3 مليارات دولار من برنامج الطروحات الحكومية: خطة لتعزيز الإيرادات واستقرار الاقتصاد

في إطار جهود الدولة المصرية لتعزيز مواردها المالية، وتوسيع قاعدة الملكية، وتحفيز الاستثمار، تستهدف مصر جمع ما يقرب من 3 مليارات دولار من برنامج الطروحات الحكومية خلال العام المالي الحالي. هذا الرقم يمثل قفزة كبيرة مقارنة بالـ600 مليون دولار التي تم جمعها خلال العام الماضي، ويأتي في إطار رؤية اقتصادية أوسع تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي وتعزيز النمو المستدام. يقدم لكم المواطن نيوز تفاصيل هذه الأهداف الطموحة، والإجراءات المصاحبة لها، وتأثيرها المتوقع على المشهد الاقتصادي المصري، وذلك وفقًا لآخر تقارير صندوق النقد الدولي.

برنامج الطروحات: محرك رئيسي لزيادة الإيرادات وتنشيط السوق

يُعد برنامج الطروحات الحكومية أحد أبرز ملامح خطة الإصلاح الاقتصادي المصري، ويهدف إلى إفساح المجال للقطاع الخاص للمشاركة بفاعلية أكبر في الاقتصاد، وتخفيف العبء عن كاهل الموازنة العامة للدولة. المخطط الحالي يهدف إلى تحقيق حصيلة قدرها 3 مليارات دولار في العام المالي 2024/2025، ثم 2.1 مليار دولار في العام المالي 2026/2027، بحسب ما جاء في المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الصادرة عن صندوق النقد الدولي. هذه الأهداف الطموحة تعكس ثقة الحكومة في قدرتها على جذب المستثمرين، سواء المحليين أو الأجانب، وزيادة جاذبية الأصول المملوكة للدولة.

الهدف من هذا البرنامج لا يقتصر فقط على جمع العملة الصعبة، بل يمتد ليشمل عدة أبعاد استراتيجية:

  • توسيع قاعدة الملكية: من خلال طرح حصص من الشركات الحكومية في البورصة، يتم توسيع قاعدة ملكية الشركات، مما يُسهم في تعزيز الشفافية والحوكمة.
  • جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة: توفر الطروحات فرصًا للمستثمرين الأجانب للمشاركة في الاقتصاد المصري، مما يجلب عملة صعبة وخبرات إدارية وتقنية.
  • تنشيط البورصة المصرية: تزيد الطروحات من عمق السوق المالي، وتوفر فرصًا استثمارية جديدة للمستثمرين، مما يُسهم في زيادة السيولة ونشاط التداول.
  • تخفيف الأعباء عن الموازنة: بيع حصص من الشركات الحكومية يُقلل من التزامات الدولة تجاه هذه الشركات، ويُمكنها من توجيه الموارد نحو قطاعات أخرى ذات أولوية مثل الصحة والتعليم.

اقرأ أيضًا: الإدارة العامة للمرور | تجديد رخصة مركبتك من بوابة مصر الرقمية بـ 6 خطوات فقط.. من هذا الرابط

إجراءات داعمة: إصلاحات ضريبية لتعزيز الحصيلة المالية

بالتوازي مع برنامج الطروحات، كشف تقرير صندوق النقد الدولي عن حزمة من الإجراءات الإضافية التي تتخذها الحكومة لتعزيز الإيرادات العامة. هذه الإجراءات تُظهر التزام الدولة بتحسين الكفاءة المالية وتنويع مصادر الدخل:

  • تعديلات ضريبة القيمة المضافة: يتوقع أن تُسهم هذه التعديلات في زيادة الحصيلة الضريبية بما يعادل 0.62% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس حرص الحكومة على توسيع القاعدة الضريبية بشكل عادل.
  • نظام ضريبي مبسط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة: بهدف الحد من الاقتصاد غير الرسمي ودمج المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنظومة الرسمية، سيتم استحداث نظام ضريبي مبسط يُقدر أن يوفر 0.15% من الناتج المحلي. هذه الخطوة تُشجع ريادة الأعمال وتُعزز من الشمول المالي.
  • تعديل قانون الإعاقة: يهدف هذا التعديل إلى سد الثغرات في الإعفاءات الجمركية على السيارات المستوردة، مما يُضيف 0.1% من الناتج المحلي. تُسهم هذه الإجراءات في تحقيق العدالة الضريبية ومنع التهرب الجمركي.
  • تعديل قانون الضريبة العقارية: سيُسهم هذا التعديل في توفير 0.05% إضافية من الناتج المحلي، مما يعكس جهود الحكومة لتحسين كفاءة تحصيل الضرائب العقارية.

هذه الإجراءات مجتمعة تُظهر مقاربة شاملة من جانب الحكومة لتعزيز إيراداتها، ليس فقط من خلال بيع الأصول، ولكن أيضًا من خلال تحسين كفاءة المنظومة الضريبية.

اقرأ أيضًا:في مصر | الداخلية تضبط موظف سابق في شركة تمويل بتهمة الاحتيال على العملاء بتلك الحيلة

تباطؤ النمو وتحسن في الرصيد المالي: نظرة على الأداء الاقتصادي

على الرغم من التحديات الإقليمية والدولية التي تؤثر على الاقتصاد العالمي، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن الاقتصاد المصري شهد تباطؤًا في النمو إلى 2.4% خلال العام المالي 2023/2024 مقارنة بـ3.8% في العام السابق. وقد عزا الصندوق جزءًا من هذا التباطؤ إلى التوترات الإقليمية التي تسببت في انخفاض حاد في إيرادات قناة السويس، والتي تُعد شريانًا حيويًا للاقتصاد المصري.

ومع ذلك، أشار التقرير إلى علامات تعافٍ، حيث عاد النمو ليسجل نحو 3.5% على أساس سنوي خلال الربع الأول من 2024/2025. هذا التعافي يُعزى إلى استمرار تطبيق سياسات استقرار الاقتصاد الكلي التي تتبناها السلطات المصرية.

وفيما يخص الموازنة العامة، فقد شهد العام المالي 2023/2024 اتساعًا في عجز الحساب الجاري إلى 5.4% من الناتج المحلي الإجمالي. ورغم ذلك، تحسن الرصيد المالي الأولي بمقدار 1% ليبلغ 2.5% من الناتج المحلي، وهو ما يُظهر نجاح ضوابط الإنفاق المشددة التي عوضت تراجع الإيرادات. وقد وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على إعادة تقييم الأهداف المالية المتوسطة الأجل، متوقعًا أن يصل الفائض الأولي (باستثناء عائدات التخارج) إلى 4% من الناتج المحلي في 2025/2026، ثم إلى 5% في 2026/2027، مما يؤكد على الثقة الدولية في مسار الإصلاح الاقتصادي المصري.

بالإضافة إلى ذلك، أقر الصندوق بأن التحسن المالي في النصف الأول من 2024/2025 كان أقل من المتوقع، رغم ارتفاع حصيلة الضرائب. وفي هذا الصدد، أشار إلى أن السلطات تتخذ خطوات لضبط الإنفاق في النصف الثاني من السنة، لضمان تحقيق الأهداف المالية المستهدفة، مما يعكس مرونة الحكومة في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية.

في الختام، تُظهر هذه الأرقام والخطط التزام مصر الثابت بتحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام، من خلال مزيج من الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز الإيرادات، وتوسيع دور القطاع الخاص، مما يُبشر بمستقبل واعد للاقتصاد المصري.

ياسمين حسن

صحفية محترفة تكتب بموضوعية واحترافية في مختلف المجالات الإخبارية. تعمل على تغطية الأحداث العاجلة، وتقديم التحقيقات والتقارير المتعمقة حول القضايا الاجتماعية والسياسية. تتميز بأسلوبها التحليلي الذي يثري القارئ بالمعلومة الدقيقة، مع التزام كامل بالمصداقية والحياد. تهدف دائمًا إلى إيصال الحقيقة بوضوح لتكون مرجعًا موثوقًا في عالم الصحافة والإعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى