مصير قانون الإيجار القديم: هل يصدق الرئيس السيسي أم يعترض؟ صلاحيات دستورية حاسمة

يعيش الملاك والمستأجرون في مصر حالة من الترقب الشديد بانتظار قرار حاسم بشأن قانون الإيجار القديم. فبعد أن وافق عليه مجلس النواب نهائيًا، بات مصيره في يد رئيس الجمهورية، الذي يمتلك صلاحيات دستورية إما بالتصديق على القانون وإصداره، أو الاعتراض عليه وإعادته إلى مجلس النواب. يُعد هذا القانون من القضايا الشائكة التي تلامس مصالح ملايين الأسر المصرية، وتثير جدلًا واسعًا حول العدالة الاجتماعية وحقوق الملكية. يُقدم لكم موقع المواطن نيوز في هذا المقال تحليلًا معمقًا للوضع القانوني، مستعرضًا صلاحيات رئيس الجمهورية الدستورية، والخيارات المتاحة أمام مجلس النواب، وتأثير هذه القرارات على مصير الوحدات السكنية الخاضعة لهذا القانون.
صلاحيات رئيس الجمهورية تجاه قانون الإيجار القديم
أوضح الدكتور صلاح فوزي، الفقيه الدستوري وأستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة، وعضو لجنة العشرة لإعداد دستور عام 2014 وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، أن الدستور المصري يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واضحة ومحددة فيما يخص إصدار القوانين. وفقًا لنص المادة 123 من الدستور، يحق للرئيس:
- عدم التصديق على القانون: بمعنى أن الرئيس ليس ملزمًا بالموافقة التلقائية على أي قانون يُقره مجلس النواب.
- الاعتراض على القانون كله أو عدد من مواده: يمكن للرئيس أن يُعرب عن عدم موافقته على القانون برمته، أو على أجزاء محددة منه يرى أنها تحتاج إلى إعادة نظر.
- إعادة القانون إلى مجلس النواب خلال 30 يومًا: إذا اعترض الرئيس على مشروع قانون أقره مجلس النواب، وجب عليه رده إلى المجلس خلال مدة أقصاها ثلاثون يومًا من تاريخ إبلاغ المجلس إياه بمشروع القانون.
وأشار الدكتور فوزي إلى أن هذه المدة الزمنية حاسمة؛ فإذا لم يرد رئيس الجمهورية مشروع القانون في هذا الميعاد، يُعتبر القانون ساري المفعول ويتم إصداره تلقائيًا. أما إذا رد في الميعاد المحدد، وأقره مجلس النواب ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه، فإنه يُعتبر قانونًا واجب الإصدار حتى لو كان الرئيس قد اعترض عليه.
خيارات مجلس النواب أمام الاعتراض الرئاسي
في حال قرر رئيس الجمهورية ممارسة حقه الدستوري والاعتراض على قانون الإيجار القديم ورده إلى مجلس النواب، يجد المجلس نفسه أمام خيارين أساسيين، كما يوضح الفقيه الدستوري:
- تبني الاعتراض الرئاسي: في هذا السيناريو، يقوم مجلس النواب بمراجعة اعتراضات الرئيس ويتبناها، مما يعني أن القانون سيُعدل مرة أخرى على النحو الذي ارتآه رئيس الجمهورية. هذا يدل على توافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حول محتوى القانون.
- عدم تبني الاعتراض الرئاسي والتمسك بالرأي: يمكن لمجلس النواب أن يتمسك بموقفه الأصلي ويرفض تبني اعتراضات الرئيس. في هذه الحالة، ولكي يُصبح القانون ساريًا رغم اعتراض الرئيس، يجب أن يُقر مجلس النواب القانون مرة أخرى بـأغلبية ثلثي أعضائه. هذا الشرط الدستوري يضمن أن القوانين التي يُصر عليها مجلس النواب رغم الاعتراض الرئاسي تحظى بدعم واسع من نواب الشعب.
اختصاصات الرئيس التشريعية الإضافية
بالإضافة إلى حقه في إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، يمتلك رئيس الجمهورية اختصاصات أخرى ذات طبيعة تشريعية. فمن حقه أن يقدم مشروع قانون مباشرة إلى اللجنة النوعية بمجلس النواب، دون الحاجة للمرور على لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب. هذا يُسهل عملية تقديم التشريعات الهامة التي تراها السلطة التنفيذية ضرورية.
واختتم الدكتور صلاح فوزي تصريحاته بالتأكيد على أن إصدار القوانين هو عمل تشريعي بامتياز، ويُعد المحطة الأخيرة من عمل القانون، حيث يُصبح الرئيس هو الآمر لبقية السلطات بتنفيذ هذا القانون. هذا يُبرز الدور المحوري للرئيس في العملية التشريعية، ليس فقط كمرجع أخير للتصديق، بل كصاحب مبادرة تشريعية أيضًا.
تداعيات القرار على الوحدات السكنية والإيجار القديم
يبقى السؤال الأهم الذي يشغل الرأي العام: ما هي تداعيات هذا القرار على الوحدات السكنية الخاضعة لقانون الإيجار القديم؟ في حال التصديق على القانون، سيتم تفعيل بنوده التي تتضمن آليات لتحديد القيمة الإيجارية، وقد تؤثر على شروط الحصول على وحدات سكنية بديلة، وربما تؤدي إلى إخلاء بعض الوحدات فورًا في أول أيام تفعيل القانون، حسب ما أشار إليه بعض البرلمانيين والمتابعين.
إن حسم هذا الملف الشائك سيُحدد مصير الملايين من العقارات والعلاقات بين الملاك والمستأجرين، ويُتوقع أن يكون له تأثيرات اقتصادية واجتماعية واسعة.