16 مليار دولار.. خطة مصر لمضاعفة الاستثمارات الصينية في البلاد وجذب رؤوس الأموال وتحفيز الصادرات

تُعلن الدولة المصرية عن خطة طموحة لاستقطاب استثمارات أجنبية جديدة بقيمة 15 مليار دولار خلال عام 2025 وحده، مما يُشكل قفزة نوعية في جهود جذب رؤوس الأموال الأجنبية. تأتي هذه الأهداف الطموحة ضمن استراتيجية حكومية شاملة تُركز على تفعيل دور مكاتب التمثيل التجاري، والترويج لمشروعات استراتيجية في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية، والصناعة، والطاقة المتجددة، والقطاعات التكنولوجية. يُقدم لكم موقع المواطن نيوز في هذا المقال، استعراضًا تفصيليًا لهذه الخطة، وأبرز آلياتها، وتأثيرها المتوقع على الاقتصاد المصري، مع التركيز على دور مصر كوجهة استثمارية بديلة في ظل التغيرات العالمية.
طموح استثماري غير مسبوق: تجاوز المتوسط السنوي بثلاثة أضعاف
تُشير التقارير الرسمية إلى أن هذا الرقم المستهدف، البالغ 15 مليار دولار، يتجاوز ثلاثة أضعاف المتوسط السنوي لحجم الاستثمارات التي تم جذبها خلال السنوات العشر الماضية. يُعكس هذا الطموح تحولًا نوعيًا في أداء الأجهزة المعنية، ورغبة واضحة في تسريع وتيرة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى البلاد. تهدف الحكومة من خلال هذه الاستراتيجية إلى تعزيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل، ودعم الميزان التجاري.
مصر وجهة استثمارية جاذبة: استغلال التغيرات في النظام التجاري العالمي
رصدت الجهات الاقتصادية الحكومية مؤشرات متزايدة لاهتمام المستثمرين الدوليين في آسيا وأوروبا بدخول السوق المصرية. جاء هذا الاهتمام المتزايد، خاصة بعد التطورات الأخيرة في النظام التجاري الدولي، وفرض رسوم جمركية إضافية على صادرات بعض الدول الصناعية إلى الأسواق الكبرى. هذا الوضع جعل مصر تظهر كوجهة بديلة ومُفضلة، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي، واتفاقياتها التجارية المتنوعة التي تُوفر فرص وصول كبيرة إلى الأسواق الإقليمية والدولية.
تعتمد الاستراتيجية المصرية الجديدة على إعادة توجيه التدفقات التجارية والاستثمارية، مع استثمار المزايا النسبية للقطاع الصناعي والخدمي المحلي. يهدف ذلك إلى تعزيز قدرة الدولة على جذب استثمارات إنتاجية حقيقية تُسهم في توفير فرص عمل مستدامة وتدعم الميزان التجاري.
تحدي الفجوة التجارية مع الصين: جذب الاستثمارات المباشرة كحل
تُعكس بيانات التجارة الخارجية فجوة ضخمة في الميزان التجاري بين مصر والصين، حيث تتجاوز قيمة الواردات من الصين 16 مليار دولار سنويًا، في حين لا تتعدى الصادرات المصرية إلى السوق الصيني حاجز نصف مليار دولار. هذا العجز التجاري الكبير دفع الدولة إلى تبني سياسة جديدة لا تقتصر على زيادة الصادرات فقط، بل تُركز بشكل مكثف على جذب الاستثمارات الصينية المباشرة. تهدف هذه الاستثمارات إلى توطين الصناعات في مصر، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يُساهم في تقليص العجز التجاري وتحقيق التوازن الاقتصادي.
حصاد 10 سنوات من الاستثمار الأجنبي: 57 مليار دولار وقطاعات حيوية
كشفت تقارير صحفية أن مكاتب التمثيل التجاري المصري بالخارج نجحت في جذب استثمارات أجنبية مباشرة تجاوزت 57 مليار دولار خلال الفترة من 2014 حتى 2024. جاء ذلك من خلال الترويج لفرص ومشروعات نوعية في قطاعات حيوية، مما يعكس تطورًا في فاعلية الجهاز الاقتصادي الخارجي للدولة.
شملت تلك المشروعات مجالات متنوعة من بينها: البنية التحتية، والنقل، والطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والصناعات الكيميائية والتقنية، وإعادة تدوير المخلفات، والرعاية الصحية، والطيران، وصناعة السيارات. يُعزز هذا التنوع من مصادر الاستثمار ويُدعم الاقتصاد الإنتاجي طويل الأجل.
مستهدف تصديري طموح: 70 مليار دولار بحلول 2026
وضعت الدولة ضمن أولوياتها رفع قيمة الصادرات غير البترولية إلى 70 مليار دولار بنهاية عام 2026، مقابل 45 مليار دولار متوقعة بنهاية عام 2025. يأتي ذلك في ضوء خطة توسعية تستهدف فتح أسواق جديدة، ورفع كفاءة القطاعات التصديرية، وتحسين قدرات المنتج المحلي على المنافسة الخارجية.
تُظهر البيانات الصادرة عن الجهات الرقابية أن الصادرات غير البترولية المصرية بلغت 40.8 مليار دولار في عام 2024، مقارنة بـ 35.7 مليار دولار في عام 2023، مسجلة نسبة نمو قدرها 14%، رغم التحديات المرتبطة باضطرابات سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن والطاقة عالميًا.
الاستثمار المباشر: المسار الأكثر استدامة لتمويل الاحتياجات الدولارية
في ظل صعوبة إتمام صفقات ضخمة خلال المرحلة الراهنة، تُعول الحكومة بشكل أكبر على تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر باعتباره المسار الأكثر استدامة لتمويل الاحتياجات الدولارية. هذا التوجه يُجنب الدولة الضغوط المرتبطة ببيع الأصول العامة أو الاعتماد المفرط على الديون.
وتحظى الاستثمارات الصينية باهتمام خاص في هذا السياق، نظرًا لحجمها الكبير، وامتدادها إلى قطاعات استراتيجية، وارتباطها بعلاقات تجارية قوية تمتد لسنوات طويلة بين القاهرة وبكين.
التحديات وفرص النجاح: ضمان الاستقرار وتقديم الحوافز
رغم وضوح الخطة وتعدد مسارات التنفيذ، لا تزال التحديات قائمة. وعلى رأسها ضرورة ضمان استقرار المناخ التشريعي، وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، وتحسين بيئة الأعمال. يُعد ذلك ضروريًا لتحويل الاهتمام الخارجي إلى استثمارات فعلية على أرض الواقع.
وتبقى قدرة الدولة على تنفيذ هذه الأهداف مرهونة بمدى قدرتها على تقديم حوافز حقيقية، وتوفير بنية تحتية داعمة، واستغلال التغيرات العالمية لصالح الاقتصاد المحلي، مع بناء شراكات دولية متوازنة تقوم على المصالح المشتركة والنمو المتبادل.