تمور الأمهات المصرية: كنز محلي ينتظر فرصته العالمية – نظرة شاملة وتحديات التصدير 22 يوليو 2025

لأن مصر أكبر دولة في العالم في إنتاج التمور، فإنه من الطبيعي أن تتعدد أنواعها سواء رطبة أو جافة أو نصف جافة، ومن أهمها تمور الأمهات. ويسعدنا في المواطن نيوز أن نسلط الضوء على هذا الصنف المميز الذي يحظى بشعبية واسعة محليًا، رغم التحديات التي تواجهه في الوصول إلى الأسواق الدولية. يصل حجم الإنتاج المحلي من التمور بشكل عام إلى 1.8 مليون طن سنويًا، ما سمح بوجود تنوع كبير أيضًا في الأصناف المزروعة والتي تتجاوز الـ 100 صنف، مما يؤكد على الثراء الزراعي لمصر في هذا القطاع الحيوي.
تمور الأمهات المصرية
تعتبر تمور الأمهات من أهم الأنواع المصرية، وتُصنف على أنها من بين الأكثر انتشارًا في مصر، حيث تُزرع في عدد كبير من المحافظات، وتُطرح بشكل مكثف في الأسواق المحلية، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من المائدة المصرية. يتميز هذا النوع من التمور بلونه البني المائل إلى الأسود، وحجمه الصغير الذي يجعله سهل التناول، وشكله الأسطواني المميز، بالإضافة إلى طعمه الحلو والمذاق الفريد الذي يفضله الكثير من المصريين في مختلف الأوقات والمناسبات. أما أهم أماكن زراعته فهي المنيا وأسيوط حيث تتوفر الظروف المناخية الملائمة والتربة الخصبة التي تضمن جودة المحصول، وكذلك واحات الداخلة والخارجة في محافظة الوادي الجديد بفضل وفرة المياه الجوفية التي تدعم زراعة النخيل بكثافة، مما يساهم في الحفاظ على هذا الإرث الزراعي العريق.
لا زال هذا النوع من التمور لم يعرف الطريق بعد إلى الأسواق الدولية رغم مذاقه الرائع وجودته العالية التي تؤهله للمنافسة عالميًا. يرجع ذلك إلى عدة أسباب رئيسية تعيق عملية التصدير. أولًا، عدم اهتمام كثير من الشركات المصدرة به، بالإضافة إلى غياب التقنيات الحديثة في التعبئة والتغليف، مما يؤثر سلبًا على مظهره الخارجي وعمره الافتراضي، ويقلل من قدرته على الظهور دوليًا بشكل جذاب ومنافس. ثانيًا، لا تحصل أي مزرعة تقوم بزراعته على الاعتماد الدولي، وهو أحد الشروط الأساسية التي تطلبها الأسواق العالمية لضمان جودة المنتج وسلامته، وهذا يتطلب جهودًا مكثفة من المزارعين والجهات المعنية للحصول على هذه الشهادات. ثالثًا، لأنه من الأصناف الرطبة اللينة، فإنه يحتاج إلى مواصفات وأجهزة معينة للتبريد والنقل، مثل سلاسل التبريد المتطورة، لضمان وصوله إلى الأسواق الخارجية طازجًا وبجودة عالية، وهو الأمر الذي لا يزال غير متوافرًا بالقدر الكافي حتى الآن في جميع مراحل سلسلة الإمداد. رابعًا، عدم وجود حملات ترويجية وتسويقية له في الأسواق الخارجية، مما يجعله غير معروف للمستهلك الدولي ولا توجد خطط واضحة لإبراز مميزاته وفوائده الفريدة. هذه التحديات مجتمعة تحول دون تمكن تمور الأمهات المصرية من تحقيق الانتشار الذي تستحقه عالميًا.
اقرأ أيضًا:“المتحف المصري الكبير” جسر ثقافي بين مصر والعالم يعزز السياحة والاقتصاد الوطني في عام 2025
اقرأ أيضًا: “وداعًا للبطالة المصرية” الاقتصاد المصري قادر على خلق مليون فرصة عمل سنويًا بفضل الإصلاحات والاستثمارات
على الرغم من تحديات التصدير، تعتمد عدد من الصناعات على هذا النوع من التمور، مما يضفي عليه قيمة اقتصادية إضافية على المستوى المحلي. من بين هذه الصناعات، صناعة المعمول الذي يُعد من أشهر الحلويات العربية التي تعتمد بشكل أساسي على التمر كحشوة، وبعض الأنواع الأخرى من الحلويات الشرقية التي تستفيد من مذاقه الحلو وقوامه المميز. ومن الصناعات التي يدخل فيها أيضًا صناعة أنواع من الخل والدبس (عسل التمر) والتمور المجففة التي تُعد منتجات ذات قيمة غذائية عالية وتخزين طويل الأجل. كما أنه يدخل في صناعة بعض مستخلصات الطاقة الرياضية، التي توفر طاقة طبيعية وسريعة للرياضيين، بالإضافة إلى مستحضرات التجميل والزيوت المستخلصة من النوى، مما يدل على الاستخدامات المتعددة والشاملة لهذا المحصول الثمين، ويفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والتطوير في هذه الصناعات.
من ناحية أخرى، شهدت الصادرات المصرية من التمور بشكل عام ارتفاعًا ملحوظًا، حيث وصل إجمالي ما تم تصديره من التمور خلال العام الماضي إلى 88 ألف طن بقيمة 108 ملايين دولار، مما يعكس جهود الدولة والقطاع الخاص في تعزيز مكانة مصر في سوق التمور العالمي. أوضح الدكتور عز الدين جاد الله، مدير المعمل المركزي لأبحاث وتطوير نخيل البلح، أن هناك عدة أسباب وراء تلك الطفرة، منها: اهتمام القيادة السياسية بالقطاع والتوجيهات الدائمة بتطويره، والتي تضمنت إنشاء أكبر مزرعة نخيل في العالم بمنطقة توشكى بسعة 2.5 مليون نخلة من الأصناف ذات القيمة التسويقية المرتفعة وما يرتبط بها من معاملات ما بعد الحصاد وتعظيم قيمتها المضافة. كما يأتي التوسع في زراعة النخيل من الأصناف ذات القيمة السوقية المرتفعة، مما يساهم في تلبية احتياجات الأسواق المختلفة. ويجري حاليًا زراعة 5 ملايين نخلة من مختلف الأصناف لتغزو محصولها كل من السوق المحلي وأسواق التصدير، مما يعد استثمارًا ضخمًا في مستقبل قطاع التمور. بالإضافة إلى ذلك، وجود لجان متخصصة من وزارتي الزراعة واستصلاح الأراضي، والصناعة وكذلك القطاع الخاص، تعمل على تغطية جميع مراحل سلسلة القيمة لقطاع النخيل والتمور بهدف تحسين الإنتاج وجودة التمور، وضمان مطابقتها للمعايير الدولية. هذه الجهود المتكاملة تهدف إلى تعزيز صادرات مصر من التمور وتحقيق أقصى استفادة اقتصادية منها.