مليون جنيه غرامة: نقابة المهن التمثيلية تضع حدًا لمشاركة “البلوغرز والتيك توكرز” في الأعمال الفنية المصرية

في خطوة حاسمة تهدف إلى حماية مهنة التمثيل والحفاظ على قيمتها الفنية، أعلن نقيب المهن التمثيلية في مصر، أشرف زكي، عن رفض النقابة القاطع للاستعانة بمشاهير منصات التواصل الاجتماعي، المعروفين بـ “البلوغرز والتيك توكرز“، في الأعمال الفنية. هذا القرار، الذي وصفه زكي بأنه ليس مطروحًا للنقاش أو التصويت، يعكس إصرار النقابة على تطبيق الضوابط المهنية التي ينبغي احترامها في مجال التمثيل. ويأتي هذا التصريح في ظل جدل متصاعد حول دور المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في المشهد الفني المصري. ويسعدنا في المواطن نيوز أن نسلط الضوء على تفاصيل هذا القرار وتداعياته على الساحة الفنية.
دفاعًا عن المهنة: قرار النقابة الصارم
شدد أشرف زكي على أن القرار الصادر عن النقابة بمنع مشاركة البلوغرز وصناع محتوى “تيك توك” في الأعمال التمثيلية دون تأهيل أكاديمي أو عضوية رسمية بالنقابة، هو قرار لا رجعة فيه. وأكد خلال مقابلة مع قناة “العربية”، أن هذا القرار ليس مطروحًا للاستفتاء، وبالتالي ليس من المهم أن يلقى ترحيبًا من عدمه، مما يوضح مدى جدية النقابة في تطبيق لوائحها. وقال نقيب المهن التمثيلية، خلال استضافته في برنامج “سؤال مباشر” عبر قناة “العربية”: “لقد قمنا بدراسة التمثيل والفن وأفنينا عمرنا بالمهنة ولن نتركها لمشاهير التيك توك”. هذه الكلمات تعبر عن التزام النقابة بحماية حقوق الممثلين المحترفين الذين قضوا سنوات طويلة في دراسة وتطوير مهاراتهم الفنية.
ولفت زكي إلى أن هذا القرار الذي اتخذته النقابة يمثل دفاعًا عن المهنة، التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون مهنة من لا مهنة له. هذا التأكيد على أن التمثيل مهنة تتطلب احترافية وتأهيلاً، وليس مجرد شهرة على منصات التواصل الاجتماعي، يرسخ مبدأ التخصص واحترام الخبرات. وأردف: “لا يرضي أحدًا أننا نكون استلمنا مصر هوليود الشرق ونفرط فيها.. مصر هي أم كلثوم وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالوهاب وفاتن حمامة وشادية وأحمد زكي وعادل إمام ومحمود عبدالعزيز وغيرهم من العظماء”. هذه الإشارة إلى عمالقة الفن المصري تبرز الإرث الثقافي والفني الذي تسعى النقابة للحفاظ عليه، وتؤكد على أن معيار الفن هو الموهبة والتأهيل، وليس عدد المتابعين.
اقرأ أيضًا: بعثة الفنون الشعبية تتجه إلى اليابان لتمثيل وزارة الثقافة في العيد القومي المصري
عقوبات رادعة ومبررات القرار
ولم يتوقف الأمر عند المنع فقط، بل أوضح أشرف زكي أن الفنان أو الجهة المنتجة التي تستعين بهؤلاء البلوغرز في أعمالها الفنية ستدفع غرامة قدرها مليون جنيه. وأوضح أنه إذا كان الهدف من الاستعانة بهؤلاء هو تسويق العمل الفني أو المنتج، فلا ضير من دفع الغرامة، مما يعني أن النقابة لا تمنع التسويق، ولكنها تضع حواجز مالية لضمان عدم استغلال المشاهير غير المؤهلين في أدوار تمثيلية. واستغرب زكي أن يكون مبرر الدفع بهؤلاء هو إجادتهم للتمثيل، قائلًا: “من قال إنهم يتقنون أو لا يتقنون التمثيل.. لماذا إذن توجد النقابات والمعاهد الفنية.. بهذا الشكل لا داعي لوجود هذه الكيانات”. هذا التساؤل يعمق النقاش حول الدور الأساسي للنقابات والمعاهد الفنية في تأهيل الكوادر الفنية والحفاظ على المستوى المهني.
وشدد نقيب المهن التمثيلية على أن ما يحركه في القرارات التي يتخذها ليست مواقع التواصل الاجتماعي، لكن ضميره والأمانة التي يحملها رفقة زملائه للحفاظ على المهنة. هذا يؤكد أن القرار نابع من قناعة مهنية وأخلاقية، وليس مجرد رد فعل لضغوط خارجية. وجاءت تصريحات نقيب الممثلين بعد الحضور اللافت لعدد من المؤثرين في العرض الخاص لأحد الأفلام الذي أقيم الأسبوع الماضي، والذي شهد وجود عدد كبير من المشاهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وبث مقاطع مباشرة من السجادة الحمراء التي وجد عليها أبطال العمل.
اقرأ أيضًا:هنا الزاهد تكسر القوالب بـ “الشاطر”: نقلة فنية نحو التنوع والعمق
تكرار الظاهرة والحاجة إلى تنظيم
هذه ليست المرة الأولى التي تتم فيها دعوة مؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي لحضور فعاليات فنية؛ حيث سبق تكرار دعوتهم لعدد من العروض الخاصة، سواء للأفلام أو المسلسلات، مع السماح بوجودهم في الأماكن المخصصة للنجوم أمام عدسات المصورين. هذه الظاهرة، التي انتشرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، دفعت النقابة إلى اتخاذ هذا الموقف الصارم للحد من تغلغل غير المؤهلين في المجال الفني. إن هذا القرار يمثل رسالة واضحة لكل من يحاول تجاوز القنوات الشرعية والتأهيل الأكاديمي لدخول مهنة التمثيل، مؤكدًا على أن الفن رسالة تتطلب الاحترام والاحترافية، وأن مصر ستبقى “هوليود الشرق” بفضل أبنائها الموهوبين والمؤهلين، وليس بفضل الشهرة العابرة على منصات التواصل الاجتماعي.