مصر

إنجاز تاريخي بالضبعة: مصر تنهي تركيب المستوى الثالث لوعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطتها النووية

في خطوة عملاقة نحو تعزيز قدرات مصر في مجال الطاقة النووية السلمية، شهد موقع الضبعة النووية أمس إنجازًا هندسيًا بارزًا بتركيب آخر شريحة من المستوى الثالث لوعاء الاحتواء الداخلي في موضعه التصميمي بالوحدة الثانية من محطة الضبعة النووية. هذا الإنجاز يعكس التزام مصر القوي بتنفيذ مشروعها النووي وفقًا لأعلى المعايير العالمية والجداول الزمنية المحددة. يقدم لكم موقع المواطن نيوز تفاصيل هذا الإنجاز الهندسي الحيوي، وأهميته في مسيرة مصر نحو تأمين مصادر طاقة موثوقة ومستدامة للأجيال القادمة.

وعاء الاحتواء الداخلي: حجر الزاوية في سلامة المفاعلات النووية

يُعد وعاء الاحتواء الداخلي هيكلًا أسطوانيًا بالغ الأهمية، حيث يضم بداخله المفاعل النووي والمعدات الخاصة بالدائرة الأولية للمحطة. وظيفته الأساسية هي توفير طبقة حماية إضافية تضمن سلامة التشغيل وتحتوي أي مواد نووية محتملة في حال وقوع أي طارئ، مما يعزز من مستويات الأمان القصوى للمحطة.

يتكون المستوى الثالث لوعاء الاحتواء الداخلي من 12 شريحة مسبقة الصنع، تم تصنيعها بدقة متناهية في موقع محطة الضبعة النووية نفسه، مما يعكس القدرات التصنيعية المتقدمة التي يتم تطويرها محليًا. يبلغ ارتفاع شرائح هذا المستوى 9 أمتار، بينما يتراوح وزنها ما بين 40 و100 طن، وذلك حسب عناصرها الهيكلية المعقدة.

اقرأ أيضًا:مصرع شخص وإصابة 5 آخرين جراء انهيار عقار بالعطارين في وسط الإسكندرية

إنجاز قياسي: تركيب المستوى الثالث في أسبوعين فقط

يحتوي المستوى الثالث من وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة النووية على أكبر شريحة في الهيكل بأكمله، حيث يبلغ طولها 17 مترًا. سيتم لاحقًا تركيب الجزء المدمج من القفل الهوائي المخصص لنقل المعدات الخاص بمبنى المفاعل بها، وهي عملية تتطلب دقة هندسية عالية.

ما يميز هذا الإنجاز بشكل خاص هو سرعة تنفيذه؛ فقد أُنجز تركيب المستوى الثالث من وعاء الاحتواء الداخلي في غضون أسبوعين فقط. يبلغ قطر هذا المستوى 44 مترًا، وقد شارك نحو 50 متخصصًا في تركيب كل شريحة، وتم تنفيذ أعمال التركيب باستخدام رافعة ثقيلة تبلغ قدرتها 1350 طنًا، مما يدل على الكفاءة اللوجستية والهندسية لفريق العمل.

اقرأ أيضًا:النشرة الاقتصادية المصرية: اكتشافات ذهب وفضة ضخمة، تشديد الرقابة على الوقود، وتقلبات أسعار السلع

تأكيد على الالتزام والتعاون الدولي

صرح الدكتور شريف حلمي، رئيس مجلس إدارة هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، بأن الانتهاء من تركيب المستوى الثالث من وعاء الاحتواء الداخلي للوحدة النووية الثانية بمحطة الضبعة النووية، يُعد محطة بارزة على طريق تنفيذ هذا المشروع القومي. وأكد حلمي أن المشروع يمثل أحد أعمدة رؤية الدولة المصرية لتأمين مصادر طاقة موثوقة ومستدامة للأجيال القادمة.

وأضاف حلمي أن هذا الإنجاز يؤكد مجددًا التزام الهيئة الكامل بتنفيذ الأعمال وفق الجدول الزمني المحدد، ووفقًا لأعلى معايير الجودة والسلامة العالمية. وأشار إلى أن هذا التقدم تم في ظل تعاون وثيق وبنّاء مع الشركاء من شركة “آتوم ستروي إكسبورت” الروسية، الجهة المُنفذة للأعمال الإنشائية بالمشروع، مما يعكس قوة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

وتابع رئيس هيئة المحطات النووية: “إن تحقيق هذا التقدم في وقت قياسي – لم يتجاوز أسبوعين – ما كان ليتحقق لولا الجهود المخلصة لفِرق العمل الهندسية والفنية من الجانبين المصري والروسي، الذين يعملون جنبًا إلى جنب بروح الفريق الواحد، مدعومين بنظام الإنتاج الخاص بشركة روساتوم (RPS) الذي يُعد من النماذج الرائدة في إدارة وتنفيذ المشروعات الكبرى.” وأشار حلمي إلى أنه مع استمرار خطوات التنفيذ بوتيرة ثابتة، يؤكد أن مشروع محطة الضبعة النووية يسير بخطى واثقة نحو تحقيق الهدف المنشود في إرساء دعائم قطاع طاقة نووية سلمي ومتطور، يُسهم في تعزيز أمن الطاقة ويدعم خطط الدولة لتحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات.

مشروع المحطة النووية بالضبعة: ركيزة أساسية لمستقبل الطاقة في مصر

تُعد المحطة النووية بالضبعة أول محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية في مصر، ويتم بناؤها في مدينة الضبعة بمحافظة مطروح على ساحل البحر الأبيض المتوسط، على بعد حوالي 300 كيلومتر شمال غرب القاهرة. هذا الموقع الاستراتيجي يعزز من قدرة المحطة على توفير الطاقة اللازمة للمناطق الصناعية والسكانية الكبرى.

تتكون المحطة النووية بالضبعة من أربع وحدات للطاقة بقدرة 1200 ميجاوات لكل منها، مزودة بمفاعلات الماء المضغوط من الطراز الروسي VVER-1200 من الجيل الثالث المُطور. تُعد هذه التقنيات هي الأحدث في مجال الطاقة النووية، ولها بالفعل محطات مرجعية تعمل بنجاح في روسيا وخارجها. تتضمن هذه التقنيات أربع وحدات للطاقة النووية قيد التشغيل، موزعة كالآتي: مفاعلان في محطة نوفوفورونيش للطاقة النووية ومفاعلان في محطة لينينجراد للطاقة النووية، كما تم تشغيل وحدتي طاقة تابعتين لمحطة الطاقة النووية البيلاروسية خارج روسيا. هذا السجل الحافل للمفاعلات يمنح الثقة في أداء محطة الضبعة المستقبلية.

يعكس هذا الإنجاز الجديد التزام مصر الثابت بتحقيق أهدافها في مجال الطاقة، وتؤكد على أن مشروع الضبعة النووي ليس مجرد مشروع لإنتاج الكهرباء، بل هو مشروع تنموي شامل يسهم في بناء مستقبل أكثر استدامة وأمانًا للطاقة في مصر.

ياسمين حسن

صحفية محترفة تكتب بموضوعية واحترافية في مختلف المجالات الإخبارية. تعمل على تغطية الأحداث العاجلة، وتقديم التحقيقات والتقارير المتعمقة حول القضايا الاجتماعية والسياسية. تتميز بأسلوبها التحليلي الذي يثري القارئ بالمعلومة الدقيقة، مع التزام كامل بالمصداقية والحياد. تهدف دائمًا إلى إيصال الحقيقة بوضوح لتكون مرجعًا موثوقًا في عالم الصحافة والإعلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى