في إطار التزامها بتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومواجهة تحديات التغير المناخي، أعلنت الحكومة المصرية عن إطلاق مشروع وطني طموح بعنوان “المدن الذكية الخضراء“. يهدف المشروع إلى دمج أحدث التقنيات الذكية مع الممارسات البيئية المستدامة في التخطيط والتصميم الحضري للمدن الجديدة والقائمة، مما يسهم في خلق بيئات حضرية أكثر كفاءة وصحة وجودة حياة أفضل للمواطنين. يقدم لكم المواطن نيوز تفاصيل هذا المشروع التحولي، وأهدافه، وكيف سيعزز من مكانة مصر كرائدة في مجال الاستدامة الحضرية.
“المدن الذكية الخضراء”: رؤية لمستقبل حضري مستدام
تُعد المدن من أهم مراكز النشاط البشري والاقتصادي، ولكنها أيضًا تُسهم بشكل كبير في الانبعاثات الكربونية واستهلاك الموارد. لذلك، جاءت فكرة “المدن الذكية الخضراء” كحل لمواجهة هذه التحديات، من خلال تطبيق نموذج تنموي حضري يجمع بين التكنولوجيا والبيئة.
يركز المشروع على عدة محاور أساسية:
- الاستدامة البيئية: تصميم المدن بطريقة تقلل من البصمة الكربونية، وتعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، وتُحسن إدارة النفايات والمياه. يشمل ذلك زيادة المساحات الخضراء، وتطبيق أنظمة الري الحديثة، وتشجيع استخدام وسائل النقل المستدامة مثل الدراجات والسيارات الكهربائية.
- التقنيات الذكية: دمج التكنولوجيا الحديثة مثل إنترنت الأشياء (IoT)، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة في إدارة المدن. سيشمل ذلك أنظمة إدارة المرور الذكية، وشبكات الإنارة الموفرة للطاقة، وأنظمة المراقبة البيئية، وتطبيقات المدن الذكية التي تُحسن من جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
- جودة الحياة: تصميم المدن بطريقة تعزز من جودة حياة السكان، من خلال توفير مساحات عامة صديقة للبيئة، وخدمات متكاملة، وبنية تحتية عصرية تدعم أنماط الحياة الصحية والمستدامة.
المشروع سيشمل في بدايته عددًا من المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة، بالإضافة إلى تطبيق بعض المبادرات في المدن القائمة لتحويلها تدريجيًا إلى مدن ذكية خضراء. هذا التوجه يعكس رؤية مصر الشاملة للتنمية الحضرية التي لا تكتفي بإنشاء مدن جديدة، بل تسعى لتحويل كافة المدن إلى نماذج حضرية مستدامة.
شراكات دولية وتمويل مستدام لدعم المشروع
لتحقيق أهداف مشروع “المدن الذكية الخضراء”، تعتمد الحكومة المصرية على شراكات دولية قوية مع المؤسسات المالية الدولية، والخبرات العالمية في مجال التخطيط الحضري المستدام. كما سيتم استقطاب استثمارات من القطاع الخاص للمساهمة في تنفيذ مكونات المشروع، وتوفير التمويل اللازم للمبادرات المختلفة.
من المتوقع أن يُحدث هذا المشروع تأثيرًا تحوليًا على التنمية الحضرية في مصر، ويُعزز من قدرتها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وخاصة الهدف 11 المتعلق بالمدن والمجتمعات المستدامة. كما سيُساهم في تحسين جودة الهواء، وتقليل استهلاك الطاقة، وتوفير بيئات صحية وآمنة للمواطنين.
أكد وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية أن مشروع “المدن الذكية الخضراء” ليس مجرد مبادرة بيئية، بل هو رؤية شاملة لمستقبل حضري متكامل، يجمع بين التطور التكنولوجي والمسؤولية البيئية. وأشار إلى أن مصر تسعى لتكون نموذجًا إقليميًا في مجال الاستدامة الحضرية، وتطبيق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
بالإضافة إلى الفوائد البيئية والاقتصادية، سيُسهم المشروع في تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الاستدامة، وتشجيع المواطنين على تبني سلوكيات صديقة للبيئة. هذا التغيير الثقافي يُعد ضروريًا لتحقيق الأهداف طويلة الأجل للمشروع، وضمان استمرارية تأثيره الإيجابي على الأجيال القادمة.
