مصر

قانون الإيجار القديم: جدل الإيصالات المتداولة وصلاحيات الرئيس.. هل تتجدد الأزمة بين الملاك والمستأجرين؟

تُشكل قضية قانون الإيجار القديم واحدة من أكثر الملفات إثارة للجدل في المجتمع المصري، وتتجدد النقاشات حولها مع كل تطور تشريعي. مؤخرًا، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة ضوئية لإيصال استلام إيجار يُشير إلى تحصيل زيادات إيجارية بأثر رجعي، بناءً على المادة (4) من مشروع القانون الجديد، حتى قبل تصديق رئيس الجمهورية عليه. هذا الإيصال أثار حالة من البلبلة والتساؤلات حول مدى قانونية هذه الإجراءات، وتوقيت تطبيق الزيادات. يُقدم لكم موقع المواطن نيوز في هذا المقال تحليلًا مستفيضًا لهذه الظاهرة، مع استعراض رأي الخبراء والبرلمانيين حول الموقف القانوني، وصلاحيات رئيس الجمهورية، والتداعيات الاجتماعية المتوقعة على العلاقة بين الملاك والمستأجرين.

الإيصال المتداول: هل هو مؤشر لتطبيق مبكر للقانون؟

الصورة المتداولة لإيصال الإيجار تُظهر بوضوح نصًا يُفيد بأن المستأجر سيدفع مبلغًا وقدره (250) جنيهًا كحد أدنى شهريًا “وفقًا للمادة (4) من تاريخ سريان القانون”، وأن هذه القيمة المدفوعة “جزء من القيمة الإيجارية التي سوف تحددها اللجنة، وسوف يتم تحصيل الإيجار بأثر رجعي من يوم 1 / 7 / 2025”. هذا الإيصال، الذي لم يتم التحقق من مصدره الرسمي بشكل قاطع بعد، أثار مخاوف من أن بعض الملاك بدأوا بالفعل في تطبيق الزيادات المنصوص عليها في مشروع القانون الجديد قبل دخوله حيز التنفيذ رسميًا.

رأي رئيس لجنة الإسكان بالبرلمان: الاتفاق الودي خارج القانون

علق النائب محمد الفيومي، رئيس لجنة الإسكان بمجلس النواب، على تداول هذا الإيصال، مؤكدًا أن أي اتفاق على قيمة إيجارية بين المالك والمستأجر، يتم بالتراضي ودون انتظار تصديق رئيس الجمهورية على قانون الإيجار القديم، يُعتبر اتفاقًا ساريًا. وأوضح الفيومي لـ”صدى البلد” أنه إذا كان هناك رضا بين الطرفين، فليسوا بحاجة إلى قانون أو انتظار تصديق الرئيس.

وأشار الفيومي إلى أن مثل هذه الاتفاقات الودية، التي تتم بعيدًا عن قانون الإيجار القديم، تُخضع للعقد الجديد بموجب القانون رقم 4 لسنة 1996. هذا القانون يُعرف بـ”القانون الحر”، ويُمثل العلاقة الحرة بين المالك والمستأجر، حيث يجعل العقد هو شريعة المتعاقدين طبقًا للقانون المدني. فبموجب هذا القانون، يمكن للمالك والمستأجر التعاقد على مدة إيجارية تتراوح من 10 سنوات إلى 50 سنة أو أكثر، وذلك وفقًا لاتفاقهما الحر.

وفي ختام تصريحاته، توقع الفيومي أن 90% من المستأجرين سيقومون بحل مشاكلهم مع الملاك بشأن الاتفاق حول القيمة الإيجارية بعد تطبيق قانون الإيجار القديم، مما يُشير إلى إمكانية التوصل إلى تسويات ودية.

تساؤلات برلمانية حول الإيصالات المتداولة ومصير القانون

من جانبها، تقدمت النائبة سميرة الجزار، عضو مجلس النواب، بسؤال عاجل إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، لتوجيهه إلى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والمهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، حول الإيصال المتداول لزيادة الإيجار بالمخالفة لأحكام القانون.

أشارت الجزار إلى أن الدستور، وتحديدًا المادة 123، ينص على أن مشروع القانون الذي يوافق عليه مجلس النواب يُرسل إلى رئيس الجمهورية للتصديق عليه وإصداره خلال مهلة ثلاثين يومًا من تاريخ إبلاغ المجلس إياه، وهي مهلة تنتهي في الأول من شهر أغسطس.

وأوضحت النائبة أن رئيس الجمهورية يكون أمامه ثلاثة خيارات خلال هذه المدة:

  1. التصديق على القانون: في هذه الحالة، يُنشر القانون في الجريدة الرسمية ويصبح ساري المفعول.
  2. الاعتراض على القانون (رد القانون): يحق للرئيس الاعتراض على مشروع القانون ورده إلى مجلس النواب في الميعاد المذكور (خلال 30 يومًا)، ويجب أن يكون الاعتراض مسببًا. هذا الخيار هو الذي ينتظره الكثيرون، لا سيما المستأجرون، لتحقيق المزيد من النقاش والعدالة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
  3. عدم اتخاذ أي إجراء (عدم التوقيع أو الرفض): إذا لم يرد رئيس الجمهورية مشروع القانون إلى مجلس النواب خلال المدة المحددة (ثلاثين يومًا)، اعتبر القانون صادرًا ويجب نشره في الجريدة الرسمية ليصبح ساري المفعول. أي أن عدم توقيع الرئيس أو اعتراضه خلال 30 يومًا يُعد بمثابة موافقة ضمنية على القانون، ويصبح ملزمًا بالصدور والنفاذ، مما يضمن أن عملية التشريع لا تتعطل ويُحقق التوازن بين سلطات التشريع والتنفيذ.

“البلبلة” و”المشاجرات”: تداعيات التطبيق المبكر للزيادات

أكدت النائبة سميرة الجزار أن ما حدث من تداول لإيصالات الإيجار بزيادات، قبل توقيع الرئيس ونشر القانون بالجريدة الرسمية، أثار حالة من البلبلة والجدل والمشاجرات والتلاسن بين الملاك والمستأجرين في أماكن متفرقة. وأشارت إلى أن بعض الملاك نجحوا في إجبار المستأجرين، خاصة البسطاء من الأرامل والعجائز، على سداد الإيجار بالإضافة إلى الزيادات التي قررها مشروع القانون في المادة 4، والتي تتضمن زيادة 20 مثل القيمة الإيجارية الحالية بحد أدنى ألف جنيه للمناطق الراقية، و10 أمثال الأجرة الحالية للمناطق المتوسطة بحد أدنى 400 جنيه، و250 جنيهًا للوحدات في المناطق الاقتصادية.

إشكاليات قانونية واجتماعية واستفسار برلماني

أوضحت النائبة أن هذه الممارسات أثارت العديد من الإشكاليات القانونية والاجتماعية، في مقدمتها:

  • غياب الضمانات القانونية للطرف الأضعف (المستأجر).
  • التلاعب في القيمة الإيجارية دون رقابة.
  • تهرب بعض الملاك من الضرائب العقارية.
  • خلق سوق موازية وغير رسمية للعقود، بما يؤدي إلى غموض العلاقة التعاقدية.

وعليه، وجهت النائبة سؤالًا واضحًا للوزارة المعنية: “ما هي الإجراءات التي ستتخذها الوزارة لتوعية المواطنين ورصد هذه الظاهرة والتعامل معها قانونيًا؟ وهل هناك تنسيق مع وزارة العدل والنيابة العامة لمواجهة هذه المخالفات؟”. وطالبت بالإجابة كتابة لنشرها للشعب للتوعية، مما يؤكد أهمية معالجة هذه القضية بحزم وشفافية.

محمد إسماعيل

صحفي مصري خريج كلية إعلام امتلك خبرة في كتابة الاخبار في العديد من المواقع الشهيرة. ومهتم بالتعرف على مستجدات الأخبار في الوطن العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى