بطاقة اللاجئين الموحدة في ألمانيا 2025: خطة فريدريش ميرتس الجديدة بين التنظيم والجدل

في وقتٍ تتصاعد فيه التحديات المرتبطة بملف الهجرة واللجوء داخل ألمانيا، فجّر المستشار الاتحادي فريدريش ميرتس موجة من الجدل بإعلانه عن خطة طموحة تهدف إلى توحيد نظام صرف المساعدات للاجئين عبر بطاقة مدفوعة مسبقًا، تُعمّم على مستوى البلاد. هذه المبادرة تأتي في سياق يرى فيه البعض ضرورة إحكام السيطرة على تدفقات الهجرة، بينما يراها آخرون تقييدًا لحقوق اللاجئين. يُقدم لكم موقع المواطن نيوز في هذا المقال تفاصيل هذه الخطة المثيرة للجدل، ومناقشة الآراء المؤيدة والمعارضة، بالإضافة إلى ارتباطها بسياسات الرقابة على الحدود ودور ألمانيا في الحل الأوروبي الشامل لأزمة اللجوء.
دعوة لتوحيد نظام صرف المساعدات: نهاية “الفوضى”
خلال مؤتمر صحفي عُقد على قمة تسوغشبيتسه، أعلى جبل في ألمانيا، دعا فريدريش ميرتس، زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي، إلى إقرار بطاقة موحدة للاجئين على مستوى البلاد. أكد ميرتس أن الوقت قد حان لإنهاء “الفوضى” الناتجة عن تباين أنظمة الدعم بين الولايات الألمانية المختلفة.
وقال في كلمته: “تأخّرنا كثيرًا في تطبيق البطاقة الموحدة، وقد آن الأوان لاتخاذ القرار. لطالما كنت من المؤيدين لهذه الخطوة، وسنطرحها مجددًا ضمن نقاشات الائتلاف الحاكم.” تُشير هذه التصريحات إلى عزم كبير على تنفيذ هذه الخطة التي طالما كانت محل نقاش وجدل، وتُبرز رؤية ميرتس بضرورة توحيد السياسات المتعلقة باللاجئين لضمان عدالة أكبر وفعالية أعلى.
تعميم نموذج البطاقة المدفوعة: بافاريا مثالًا يُحتذى به
تُعد ولاية بافاريا من أولى الولايات التي طبقت نظام البطاقة المدفوعة للاجئين، حيث تُصرف مخصصات اللاجئين جزئيًا عبر بطاقات إلكترونية، بدلاً من النقد المباشر. يُنظر إلى هذه الخطوة كأداة رئيسية للحد من التحويلات غير النظامية للأموال خارج البلاد، لا سيما إلى المهربين أو شبكات الدعم في بلدان المنشأ. هذا الجانب يمثل حجر الزاوية في مبررات المؤيدين للبطاقة الموحدة.
أشاد ميرتس بالنموذج البافاري، معتبرًا إياه “مثالًا يُحتذى”. وقال: “ما قامت به بافاريا يُعد مثالًا يُحتذى، ويجب أن نعممه على المستوى الاتحادي عبر قانون موحد يشمل جميع الولايات.” هذا التأييد يعكس الرغبة في توحيد السياسات على نطاق أوسع لضمان فعالية أكبر ومواجهة التحديات بشكل متكامل.
جدل واسع حول البطاقة الموحدة للاجئين
لم تمر خطة البطاقة الموحدة دون انتقادات واسعة. فبينما أيدها بحماس ماركوس زودر، رئيس وزراء بافاريا والرجل القوي في الحزب المسيحي الاجتماعي، مطالبًا بتوسيع تطبيق البطاقة على مستوى البلاد ومؤكدًا أن “الوحدة في السياسة اللجوئية لم تعد رفاهية… بل ضرورة عاجلة”، إلا أن المعارضة كانت قوية أيضًا.
اعتبر بعض النشطاء والمنظمات المعنية بحقوق اللاجئين هذه الخطوة تمييزية ومقيّدة للكرامة الإنسانية. يرون أن البطاقة قد تحدّ من حرية اللاجئين في إدارة نفقاتهم اليومية، وتُقلل من استقلاليتهم، مما قد يؤثر سلبًا على دمجهم في المجتمع. هذا الجدل يُسلط الضوء على التوازن الدقيق بين الرغبة في التنظيم وضرورة احترام الحقوق الأساسية للأفراد.
الرقابة على الحدود والحل الأوروبي الشامل
بالتوازي مع إعلانه عن البطاقة الموحدة، دافع ميرتس عن استمرار الرقابة على الحدود الألمانية، واصفًا إياها بأنها “مؤقتة ولكن ضرورية”، في ظل الضغوط الأمنية والاقتصادية الراهنة. كشف أن عدد طلبات اللجوء انخفض بنسبة 50% خلال شهري مايو ويونيو 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، معتبرًا أن “النهج الجديد يؤتي ثماره”.
ورغم تركيزه على ضبط السياسة الداخلية، أكد ميرتس أن حل أزمة اللجوء لا يمكن أن يكون ألمانيًا صرفًا، بل يجب أن يكون أوروبيًا شاملاً. وشدد على ضرورة أن يحترم هذا الحل مبادئ منطقة شينغن دون المساس بحرية الحركة داخل الاتحاد الأوروبي. وقال: “لا نريد المساس بشينغن، بل نريد الحفاظ على حرية الحركة والتبادل داخل أوروبا، عبر حلول أكثر تنسيقًا وإنصافًا.” هذا يعكس رؤية ألمانيا بأن المشكلة عابرة للحدود وتتطلب استجابة جماعية من الدول الأوروبية.
تساؤلات حول فعالية البطاقة الموحدة وتداعياتها
فيما يرى البعض أن خطوة ميرتس نحو بطاقة موحدة ستُسهم في تعزيز الرقابة والشفافية في إدارة ملف اللاجئين، يعتبرها آخرون محاولة لتقنين التمييز بحق فئة ضعيفة بالفعل. في ظل الانقسام الحاد بين الداعمين والرافضين، تبقى خطة البطاقة الموحدة موضع نقاش واسع، وسط تساؤلات جدية حول قدرتها على تحسين إدارة ملف اللاجئين، دون المساس بالحقوق الأساسية لهم. فهل تنجح خطة ميرتس في تحقيق التوازن بين الصرامة والتنظيم من جهة، والعدالة والكرامة من جهة أخرى؟ وهل يشكّل هذا المشروع بداية لإصلاح شامل، أم بوابة لمرحلة جديدة من التضييق البيروقراطي على اللاجئين؟