نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محمد الساعد: التسريبات الصوتية.. نصف الحقيقة فقط!, اليوم الخميس 1 مايو 2025 03:36 صباحاً
صحيفة المرصد: علق الكاتب محمد الساعد، على تسريب تسجيل صوتي لمكالمة بين الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
صراعات داخلية
وقال الساعد في مقال له بعنوان "التسريبات الصوتية.. نصف الحقيقة فقط!"، المنشور بصحيفة "عكاظ": منذ حرب 1948، وهناك ثلاثة محاور رئيسية في العالم العربي؛ محور واقعي، ومحور مُخلص في مزايدته، يبدو أنه انتهى تماماً، ومحور نصف واقعي، ولكنه شعبوي يزايد في كل شيء، ومن أجل لا شيء، يهدف فقط لخدمة قضاياه الخاصة، مثل أزماته المعيشية، أزمة الحكم، أو صراعات داخلية.. إلخ، ولذلك يجدون أنه من الأجدى تصدير المشكلات للخارج.
مخابرات القذافي
وأشار: ما يخص التسريبات الأخيرة، هناك رأيان إن جاز القول بهما، إما قام بها جهاز مخابرات لديه مخزن معلومات ويرى فائدة من إعادة تشكيل الرأي العام العربي وصولاً إلى نتائج محددة يحتاجها، وهناك رأي آخر يقول إن دولة ما تحصلت على أرشيف مخابرات القذافي وهي تسرب ما تراه مفيداً لها، لإرباك المشهد المرتبك أصلا وصولاً إلى حالة سيولة تستفيد منها لاحقاً.
حالة اختناق
ولفت: صحيح إن الإجابة ستعطينا نصف الحقيقة، ولكن في أجواء لا يمكن الجزم بها، فلا أقل من فهم انعكاسها على المشهد الإقليمي، فمن سرب المحادثات والاجتماعات السرية واعٍ تماماً ماذا يريد منها، وإلى أين ستصل انعكاساتها، مضيفا: فهل نحن أمام تغيير في التحالفات الإقليمية، أو التخفيف من أعباء سياسية بقيت طوال خمسة عقود تكبل دولاً وتمنع انطلاقها اجتماعياً واقتصادياً، أو ربما أدت إلى تعقيد المشهد الإقليمي والوصول إلى حالة اختناق، لم يعد معها إلا الانقلاب عليها، والبحث عن حلحلة.
المحك الحقيقي
وأكمل: منذ السابع من أكتوبر ونحن أمام انقلاب حقيقي في المشهد الإقليمي، والجميع ذاهب نحو أجواء سياسية وأمنية جديدة ربما تفرز عن رحلة لمدة خمسين عاماً قادمة أو أكثر؛ أهمها أن العالم لم يعد يستوعب فكرة الحروب بالنيابة، ولا المخادمة عن بعد، فالمحك الحقيقي اليوم هو الاقتصاد ولا شيء غير الاقتصاد، ولأجل ذلك أضحت واشنطن اليوم تدافع عن اقتصاد بلادها وكأنها معركة عسكرية لا تقل ضراوة عن حرب عالمية، إما تنتصر فيها أو تعود إلى ما وراء المحيط وهي لا تريد ذلك أبداً.
البنية التحتية
وزاد: الواقعية السياسية التي قاومت الشعبوية طوال خمسة عقود يبدو أنها تنتصر أخيراً، فدول مثل الأردن والبحرين والمغرب، تحسب على الاقتصادات المتوسطة إلا أنها وبالرغم من ظروفها استطاعت تسخير واقعيتها السياسية لخدمة تنمية بلدانها، ولا أكثر وضوحاً من البنية التحتية الجيدة فيها ومظاهر التحضر الواضحة والتي تفوق دولاً أكبر منها اقتصاداً، مردفا: الدول الواقعية والغنية التي تصالحت مع نفسها وقرأت المشهد الدولي، واستطاعت التحرك والمساعدة ضمن مساحات واسعة لصالح قضايا أمتها، ومنها السعودية التي ساهمت في تحرير أفغانستان، وإنهاء مجازر البوسنة والهرسك، وفي القضية الفلسطينية تمكنت من تحقيق الاعتراف الأمريكي بمنظمة التحرير الفلسطينية، وساعدتها في تجاوز كل أزماتها، حتى تحقق لها أن تكون سلطة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.
عاصفة الصحراء
وأوضح: مصر على سبيل المثال استطاعت بواقعية محترمة من الرئيس أنور السادات، والرئيس حسني مبارك من استرجاع أراضيهم (سيناء، وطابا) وهي واقعية لم تستفد من تجربتها بعض الدول الأخرى، ألا نتذكر كيف أن جيمس بيكر حاول المستحيل لإقناع طارق عزيز في مفاوضات اللحظات الأخيرة في جنيف قبيل بدء حرب عاصفة الصحراء 1991، بالانسحاب من الكويت، لم يفهم طارق عزيز ومن خلفه صدام واقع القوة التي تستحيل معها مواجهة أمريكا والتحالف المكون من 30 دولة، إن عدم فهم الوزن السياسي والعسكري لصدام، أدى في نهاية الأمر لاستسلام العراق في خيمة صفوان، وإسقاط النظام العراقي لاحقاً.
الشتائم والدسائس
ومضى: القذافي مارس نفس العقيدة القائمة على المواجهة الدائمة، وتسخين كل القضايا، ومحاربة الأعداء بالشتائم والدسائس والعيش في الأحلام الرومانسية، أفكار لم تستطع أن تخرج من وهم القدرة على إسقاط الأمريكان عبر أثير الميكروفونات.
حذر شديد
واستطرد: الملك عبدالعزيز كان واحداً من السياسيين البارعين الذين فهموا واقع العالم الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية، حرب استخدم فيها قنبلتان نوويتان واستسلم نصف العالم للجيش الأمريكي، لقد تعامل الملك المؤسس بحذر شديد وبواقعية مثالية انعكست على موقع وثقل بلاده لـ100 عام بعده.
السياسات المحطمة
وتابع، قائلا:"لا يمكن فهم التسريبات التي حصلت بعيداً عن تشابك المشهد السياسي في الإقليم، الذي تحول إلى كومة من السياسيات المحطمة، وأصبح من الضروري إعادة تشكيله من مبدأ السياسات الواقعية، ليلائم عالماً آخر لعل أدق ما يوصف به هو عالم ما بعد الحروب الاقتصادية وتسريبات الغرف المغلقة".
0 تعليق