نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
غياب التحريج شرق البقاع…ما الحل ؟, اليوم الجمعة 2 مايو 2025 11:54 مساءً
علي الأكبر البرجي
يُعَدّ شرق البقاع من أكثر المناطق اللبنانية غنًى بالتنوّع البيئي والجغرافي، لكنّه، في المقابل، يُعاني من إهمالٍ بيئيٍّ مزمن، خصوصًا فيما يتعلّق بالتحريج وغياب المحميّات الطبيعيّة. فعلى الرغم من التحدّيات المناخية التي تعصف بالمنطقة، كالحرائق المتكرّرة، والتصحّر، وتراجُع الغطاء النباتي، لا يزال العمل البيئي فيها يراوح مكانه، وسط غياب استراتيجيات واضحة ومستدامة من قِبَل الجهات الرسميّة.
وتشير الدراسات البيئية إلى أنّ نسبة المساحات الحرجيّة في شرق البقاع شهدت تقلّصًا كبيرًا خلال العقدين الماضيين، وذلك بفعل القطع العشوائي للأشجار، والزحف العمراني، والرعي الجائر، وغياب التشجير المنظَّم. هذه العوامل، إلى جانب تغيّر المناخ، ساهمت في تقليص الغطاء الأخضر، ممّا أثّر سلبًا على التنوع البيولوجي، والتربة، والمياه.
من ناحية أخرى، تفتقر المنطقة بشكل شبه كلي إلى وجود محميات طبيعية مُصنَّفة، باستثناء بعض المبادرات الفردية التي لا تمتلك الغطاء القانوني أو الموارد الكافية للاستمرارية. في المقابل، تُشكّل المحميّات في مناطق أخرى من لبنان ملاذًا للثروات البيئية وموردًا للسياحة البيئية المستدامة، ما يطرح تساؤلات جديّة حول غياب هذا النموذج في شرق البقاع.
ومع اقتراب الاستحقاقات البلدية، يبرز صوت جديد من البلديات والمجتمع المحلي، يُطالب بإدراج موضوع التحريج وإنشاء المحميّات في صُلب البرامج الانتخابية والخطط التنموية المستقبلية. فالمجالس البلدية المقبلة مُطالبة بتحمّل مسؤولياتها البيئية، عبر التعاون مع وزارتي البيئة والزراعة، والمنظمات غير الحكومية، لإطلاق مشاريع تحريج جماعية، وتحديد مناطق محمية، وتأمين حمايتها وتطويرها.
كما يُعَدّ إشراك المجتمعات المحلية في هذه العملية أمرًا أساسيًا، من خلال حملات توعية، ومشاريع مُدرّة للدخل قائمة على الزراعة المستدامة والسياحة البيئية، تُسهم في خلق فُرَص عمل وتعزيز العلاقة بين الإنسان والطبيعة.
في الختام، إنّ مستقبل شرق البقاع البيئي لن يتغيّر ما لم تُصبح قضاياه جزءًا من القرار المحلي، ضمن بلديات واعية لدورها في حماية البيئة، ومصمّمة على جعل التحريج والمحميّات أولويّة لا خيارًا ثانويًا. فالحفاظ على ما تبقّى من طبيعة المنطقة هو حفاظ على هويّتها، وعلى حقّ الأجيال القادمة في بيئة صحيّة ومتوازنة.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق