الصواريخ الإيرانية المطوّرة تغيّر معادلات الردع.. تصعيد تقني يكشف هشاشة الدفاعات الصهيونية

قناة المنار 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الصواريخ الإيرانية المطوّرة تغيّر معادلات الردع.. تصعيد تقني يكشف هشاشة الدفاعات الصهيونية, اليوم الخميس 19 يونيو 2025 05:11 مساءً

في تطوّر نوعي يعكس تحوّلًا استراتيجيًا في معادلات المواجهة، دخلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية مرحلة جديدة من الردّ على العدوان الصهيوني، مستخدمة صواريخ مطوّرة ذات قدرة تدميرية عالية وتقنيات تكنولوجية دقيقة. وقد شكّلت هذه الصواريخ، التي استهدفت مواقع استراتيجية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، صدمة عسكرية وأمنية داخل كيان الاحتلال، وكسرت جدار الوهم الذي ظلت منظومته الأمنية تتكئ عليه لعقود.

اللافت في هذه الجولة من التصعيد أنّ إيران لم تكتفِ بردود تقليدية، بل استخدمت أسلحة دقيقة ونقطية الاستهداف، مما شكّل اختراقًا غير مسبوق للمنظومات الدفاعية الصهيونية. وقد أعلن حرس الثورة الإسلامية، في بيانه رقم 12 ضمن عملية “الوعد الصادق 3″، استهداف مركز القيادة والمعلومات التابع لجيش الاحتلال قرب مستشفى “سوروكا” العسكري في تل أبيب، باستخدام صواريخ استراتيجية وطائرات انتحارية مسيّرة.

الرسالة التي أرادت طهران إيصالها واضحة: القدرة الاستخبارية والتقنية للجمهورية الإسلامية لم تعد موضع شك، وإن منظوماتها الصاروخية باتت قادرة على اختراق عمق العدو بدقة، في ظل عجز تام عن التصدي أو التنبؤ.

وفيما كانت حكومة الاحتلال تروّج، على مدى الأيام السابقة، لانخفاض زخم الهجمات الإيرانية، جاءت هذه الضربة لتنسف تلك المزاعم وتُدخل المؤسسة الأمنية والعسكرية في حالة من الإرباك والذهول. فقد عادت تساؤلات الداخل الصهيوني إلى الواجهة: ماذا أنجز جيش الاحتلال منذ بداية العدوان؟ وأين نتائج غاراته على طهران؟ وما مدى جدوى “القبة الحديدية” التي لم تستطع إيقاف صواريخ وصلت إلى قلب تل أبيب؟

جبهة داخلية إسرائيلية منقسمة وشعب إيراني موحد

لكن الأمر لا يتوقف عند الضربات فقط، بل يمتد إلى الجبهة الداخلية الاسرائيلية التي تعيش اليوم حالة من الخوف والهلع. فقد تم إجلاء آلاف المستوطنين إلى الفنادق، وتضرّرت عشرات المنازل والمنشآت الاقتصادية، بما فيها بورصة تل أبيب التي هزّ استهدافها ثقة المستثمرين بالاقتصاد الصهيوني.

وفي هذا الإطار، أشار مدير موقع “الخنادق” الإلكتروني، الدكتور محمد شمص، إلى أن العدوان ساهم في توحيد الداخل الإيراني، في حين أن الجبهة الداخلية لدى الاحتلال تُعاني استنزافًا اقتصاديًا متفاقمًا، خصوصًا بعد استهداف البورصة الإسرائيلية مؤخرًا، وما خلّفه ذلك من نتائج اقتصادية سلبية.

ولفت الدكتور شمص، في مقابلة مع قناة “المنار”، إلى أن المستوطنين يعيشون في حالة من الرعب داخل الملاجئ، وهو ما يجعل من حرب الاستنزاف عامل ضغط كبير على الاحتلال. وقد بدأت أصوات الاحتجاج تتصاعد، لا سيما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر العديد من الإسرائيليين عن استيائهم من تصريحات رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي وعد بأن تستمر الحرب أسبوعًا أو أسبوعين، وبأن منظومات الدفاع الجوي ستؤمّن الحماية لهم، ليتّضح لاحقًا أن هذه المنظومات عاجزة عن توفير الحماية المطلوبة.

وتعمّقت الأزمة مع مشروع قانون يناقشه الكنيست، يفرض عقوبات صارمة على من يصوّر مواقع القصف أو الصواريخ الاعتراضية، في محاولة لمنع تسرب الصور التي تعكس هشاشة الواقع الأمني إلى الداخل الصهيوني، أكثر من خشية تسريبها إلى الخارج.

وأكد الدكتور شمص أن العدوان وحّد الإيرانيين، فالشعب الإيراني اليوم، بملايينه، موحّدٌ على قلب رجل واحد، حتى المعارضة الإيرانية، من نخب مثقفة وأكاديمية وجامعية وفنية، خرجت لتقول: “نحن نختلف مع النظام في بعض القضايا الداخلية، لكننا موحّدون يدًا واحدة في مواجهة العدو الخارجي، نتنياهو”.

وهذا الموقف واقعي وملموس، وفق الدكتور شمص، أما ما يُتداول من أصوات عبر بعض منصات التواصل الاجتماعي، فهي في الغالب تدار من الخارج، ويعبّر عنها أفراد من مجموعات مقيمة خارج البلاد. وأشار، في هذا الإطار، إلى أن العديد من التظاهرات التي خرجت في كندا وعدد من الدول الأوروبية شارك فيها معارضون إيرانيون، عدد كبير منهم خرج دعمًا لإيران في مواجهة العدوان الصهيوني عليها.

ضربة ايرانية تهز بورصة تل أبيب

مخاوف إسرائيلية حقيقية من حرب استنزاف

من جهة أخرى، تكشف هذه التطورات أن إيران مستعدّة لحرب استنزاف طويلة الأمد، مبنية على بنك أهداف متدرّج ومدروس. وقد أثبتت بالفعل قدرتها على استهداف منشآت استراتيجية، من حيفا إلى بئر السبع، كما كشفت عجز الاحتلال عن السيطرة على المعادلة الميدانية، رغم امتلاكه أحدث منظومات الاعتراض.

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور شمص أن الاحتلال الإسرائيلي غير قادر على الاستمرار في هذا المسار لفترة طويلة، نظرًا إلى أن جبهته الداخلية تتصدّع وتتآكل بسرعة، فالمستوطنون اليوم يعيشون تحت الأرض داخل الملاجئ على مدار 24 ساعة، وليس فقط في ساعات الليل، بسبب استمرار الضربات الصاروخية الإيرانية التي باتت تستهدف الأراضي المحتلة، بما فيها تل أبيب، ليلًا ونهارًا.

وعلى عكس الاحتلال، تُعدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية دولة كبيرة وتتمتّع بمقوّمات صمود عسكري واقتصادي ونفسي لفترات طويلة، وقد أعدّت نفسها جيدًا لحرب طويلة الأمد تمتدّ لأشهر، من حيث الجهوزية العسكرية والاقتصادية والمعنوية.

ولفت الدكتور شمص إلى أن حرب الاستنزاف تُلحق ضررًا كبيرًا بالاحتلال على المستويين البشري والمعنوي، إذ إن مفهوم “الردع” الذي طالما تبجّح به الاحتلال بدأ يتآكل. ويُذكر أن ديفيد بن غوريون قال في ستينيات القرن الماضي: “عندما يسقط الردع الإسرائيلي، تسقط إسرائيل”.

ومع أن الأصوات في كيان الاحتلال بدأت تنادي بتدخل أميركي مباشر، فإن الغموض لا يزال يلفّ القرار الأميركي، في ظل إدراك حقيقي لصعوبة تحقيق نصر ميداني، ولأن التورط في مواجهة مفتوحة مع إيران قد يُفشل الأهداف السياسية والعسكرية المعلنة للحرب.

في المقابل، يبرز سؤال استراتيجي يُربك قيادة الاحتلال: كيف ستتصرف واشنطن في ظل هذا التصعيد؟ وهل ستخاطر بالتورط المباشر؟ التردد الأميركي لا يخفى، خاصة مع التحذيرات من أن الانخراط في صراع مباشر مع إيران قد يُشعل جبهات إقليمية متعددة لا ترغب بها إدارة ترامب.

ويتصاعد الجدل داخل الكونغرس الأميركي حول احتمال انخراط الولايات المتحدة عسكرياً إلى جانب إسرائيل في المواجهة المفتوحة مع إيران، في وقت تظهر فيه استطلاعات الرأي معارضة شعبية متزايدة لأي تدخل أميركي مباشر في المواجهة. وفيما يدفع تيار واسع من “الصقور” الجمهوريين (حزب ترامب) وحلفائهم التقليديين في الحزب الديمقراطي نحو دعم إسرائيل عسكرياً، تقود مجموعة من النواب والشيوخ من كلا الحزبين جهوداً معاكسة لمنع أي تدخل من دون تفويض رسمي من الكونغرس.

إيران تتدرج في الردّ وتُلحق أضرارًا ملموسة بالكيان الإسرائيلي

على الجانب الآخر، تُظهر الجمهورية الإسلامية أنها لم تستخدم كامل ترسانتها بعد، بل تعمل وفق خطة مدروسة ومتصاعدة، في حين يحاول الاحتلال ترميم صورته المهشّمة عبر تصريحات متشنّجة لقياداته، من نتنياهو إلى بن غفير، دون أن ينجحوا في تهدئة ذعر المستوطنين أو استعادة الثقة.

وتعتمد التكتيكات العسكرية التي ينتهجها الجيش الإيراني والحرس الثوري على مبدأ التصعيد التدريجي، أي الرد التصعيدي المتدرّج، مع زيادة الزخم بشكل تصاعدي بهدف إيلام العدو الإسرائيلي بصورة مستمرة. وأوضح الدكتور شمص أن الجمهورية الإسلامية تستخدم عددًا محدودًا من الصواريخ في كل موجة، ما يتيح لها الحفاظ على وتيرة نارية مستدامة لفترة طويلة، خاصة في حال توسّعت المواجهة ودخلت الولايات المتحدة على خط التصعيد، إذ ستكون طهران حينها أمام تحدي إدارة حرب على عدّة جبهات متزامنة.

وبحسب الدكتور شمص، فإن استخدام أسلحة ثقيلة ومتطوّرة، مثل صاروخ “خرمشهر” وصاروخ “فتّاح” من الجيل الأول، إضافة إلى استهداف مواقع حساسة — كهيئة الأمن العام (الشاباك)، وجهاز “الموساد”، ومعهد وايزمان، ومراكز نووية — يكشف عن تطوّر لافت في استراتيجية الردّ الإيرانية، وانتقالها إلى مستوى جديد من المواجهة النوعية.

كما شملت الضربات الإيرانية عشرات القواعد والمطارات العسكرية التابعة للاحتلال، نُفّذت بدقة إصابة عالية، ما يُظهر أن إيران لم تعد في موقع الدفاع فقط، بل باتت صاحبة اليد العليا في الميدان، خصوصًا فيما يتعلق بالسيطرة الجوية والهيمنة على أجواء الأراضي الفلسطينية المحتلة، بحسب ما أكد الدكتور شمص.

الواقع أن الاحتلال يقف اليوم على حافة أزمة وجودية. فالمواجهة المباشرة مع إيران أثبتت أن عقيدة التفوق الأمني والعسكري الصهيوني لم تعد كافية، بل باتت عبئًا يصعب تسويقه خارجيًا. والخسائر الاقتصادية، إلى جانب الفشل الاستخباري والدفاعي، تدفع المستوطنين للهروب من الكيان، ولو في قوارب نحو قبرص.

أما ما ينتظر كيان الاحتلال في المرحلة المقبلة، فمرهون بمدى قراءته لما يحدث، وإدراكه أن المواجهة مع إيران، بشروطها الجديدة، لم تعد معركة توازن ردع، بل تحوّلت إلى معركة كشف هشاشة، وكسر هيبة، وتآكل أسطورة الدولة الآمنة.

المصدر: موقع المنار

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق