م. طارق لطفي يكتب: أينشتاين.. وكجوك.. والضرائب!

الجمهورية اونلاين 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
م. طارق لطفي يكتب: أينشتاين.. وكجوك.. والضرائب!, اليوم الاثنين 12 مايو 2025 12:12 صباحاً

ومنذ تم تعيين السيد أحمد كجوك وزيرا للمالية تابعت حالة من التفاؤل في دوائر المال والأعمال والاستثمار، أوجزها البعض قائلا: «غدًا أفضل مع صديق المستثمرين»، وفى ذلك إشارة عميقة إلى بدء مسار جديد للسياسات المالية في مصر. 

ومما كان يشغلني آنذاك : ماذا يفعل «كجوك» لدفع النشاط الاقتصادى فى ظل ارتفاع تكلفة التمويل. وهل يمكن أن نرى روحًا جديدة في الضرائب والجمارك تختفى معها التقديرات الجزافية وينخفض زمن الإفراج الجمركي وتتراجع تكاليف الإنتاج المحلى وتتصاعد تنافسية الصادرات... وكيف يتحرك لتوسيع القاعدة الضريبية؛ فالممولون الحاليون لا يمثلون الحجم الحقيقى لاقتصاد مصر... وماذا سيقدم لتحفيز دمج الاقتصاد غير الرسمي .. ثم كيف يتصرف في ملف الديون، الذي بات يشكل سحابة سوداء» تخفى وراءها جهودا تنموية غير مسبوقة، لم يعد يراها الكثيرون كما هي على أرض الواقع متدثرين بالمثل الشعبي: «السلف.. تلف... والرد خسارة؟!


وقبل وبعد ذلك: الصحة.. التعليم.. والحماية الاجتماعية. حتى أيقنت أننا أمام معضلة اقتصادية .. وأن «كجوك» في مهمة صعبة.. ولكنها ليست مستحيلة.. أخذا في الاعتبار ما يتمتع به من خبرات اقتصادية كبيرة سواء في المؤسسات الدولية، أو طوال فترة عمله بوزارة المالية. 

ولما تأملت أداء الوزير، وجدته منفتحا لأبعد مدى على مجتمع الأعمال، وفيما يؤكد ويبدو أيضًا أنه يفكر كما يريد القطاع الخاص، وقد أثر إعلان أولوياته في لقائه غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة؛ حيث طرح رؤية واقعية للتحديات الاقتصادية، وتحديدا دقيقا للأولويات، فى إطار شامل ومتكامل للإصلاح الاقتصادي والمالي والضريبي والجمركي متدرجا خطوة بخطوة، مع الإيمان الكامل بأن التطوير مستمر بدوام الحياة. 

ولما توقفت بعين المدقق أمكنني القول إن «كجوك» يسير على خطى د. يوسف بطرس غالى وزير المالية الأسبق، في جوهر فلسفة التعامل مع الملف الضريبي وأعتقد أن غالى تتفق أو تختلف معه كانت لديه تجربة ضريبية جديرة بالاهتمام، وأن منهجية كجوك» تنبئ بميلاد تجربة أخرى أكثر ثراء على المديين المتوسط والبعيد.

وحدد «كجوك» أولوياته في: 

تبنى مسار محفز للإصلاح الضريبي يرتكز على بناء الثقة والشراكة والمساندة لمجتمع الأعمال. 

بناء سياسات مالية متوازنة لتحقيق الانضباط والاستقرار المالي ودفع النشاط الاقتصادي. 

تنفيذ استراتيجية متكاملة ومتسقة لخفض معدلات الدين للناتج المحلى.

خلق حيز مالى لزيادة أوجه الإنفاق على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. 

وسرعان ما بدأ وزير المالية يترجم هذه الأولويات في مبادرات وإجراءات دخلت حيز التنفيذ .

في الضرائب أطلق كجوك» ٢٠ إجراء، وصفها بالخطوة الأولى فى مسار التسهيلات الضريبية مؤكدا أنها تحظى بدعم ومساندة استثنائية من الرئيس عبد الفتاح السيسى؛ حيث تستهدف توسيع القاعدة الضريبية عبر تحفيز الامتثال الطوعي من خلال تخفيف الأعباء والالتزامات عن مجتمع الأعمال؛ فكلما ارتفع عدد الممولين زادت قدرة الدولة في التيسير على الجميع.


وبدأت المأموريات والمراكز تنفيذ قوانين التسهيلات الضريبية»، وسط حالة من التجاوب، رصدها الوزير في جولاته الميدانية التي تحاور خلالها مع بعض الممولين والموظفين قائلا: «لمست بداية تغيير حقيقي تدفعنا لاستكمال المسار الإصلاحي الجديد، وزملاؤنا أصبحوا أكثر وعيا، ويجتهدون في تحويل التسهيلات الضريبية لواقع ملموس وتفاءلت بشباب يقترحون أفكارًا جديدة للتيسير على شركائنا الممولين واتفقنا على توسيع القاعدة الضريبية بخدمات متميزة ترتكز على الثقة المتبادلة.

وتفاءلت كثيرًا بنجاح هذه المبادرة الواعدة لتطوير المنظومة الضريبية عندما قرأت رسائل «كجوك» للممولين قائلا كل الدعم والمساندة حتى تنمو مشروعاتكم لصالح بلدنا .. تقييم التسهيلات الضريبية من جهات محايدة تعتمد على قياس مستوى رضائكم.. ونؤمن بأن أفضل دعاية لما نتبناه من إصلاحات وتيسيرات سيكون من خلالكم.. ونتعامل معكم بما يرضى الله ويرضيكم أيضًا، وسنصل إليكم بخدمات ضريبية متنقلة».

ومما نذكره بمزيد من التقدير لهذه المعالجات المرنة للتحديات الضريبية: استحداث نظام ضریبی مبسط ومتكامل لأى أنشطة لا تتجاوز إيراداتها ٢٠ مليون جنيه سنويًا، يتضمن حوافز وتيسيرات غير مسبوقة في كل أنواع الضرائب و إعفاءات ضريبية، وإقرار ضريبة نسبية مبسطة على الإيرادات السنوية دون الحاجة لحساب صافي الأرباح والتوسع في نظام الفحص بالعينة ليشمل كل المراكز الضريبية، ووضع حد أقصى المقابل التأخير أو الضريبة الإضافية لا يتجاوز أصل الضريبة المستحقة، وتشجيع غير المسجلين ضريبيا على التسجيل وفتح صفحة جديدة دون النظر للماضى، وآليات ميسرة لتسوية المنازعات الضريبية وخلق بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة وآليات مستحدثة ومبسطة للتصالح في المخالفات الضريبية التي لا تتعلق بمستحقات ضريبية والسماح بتقديم أو تعديل الإقرارات والنماذج الضريبية من عام ۲۰۲۰ إلى ٢٠٢٤ دون عقوبات أو جزاءات أو غرامات وتسريع وتسهيل إجراءات رد ضريبة القيمة المضافة وزيادة عدد المستفيدين. وهكذا .. يمكن القول إننا أمام حوافز وتيسيرات غير مسبوقة لكل الشركات والأنشطة؛ حتى يربح الجميع وتتحقق العوائد الاقتصادية للدولة.

ومما يبعث على التفاؤل أيضًا، هذا التناول الإعلامي المتميز الذي يوثق العهد الجديد لوزارة المالية ومصلحة الضرائب المصرية مع مجتمع الأعمال: ثقة .. شراكة.. ومساندة لكل الممولين الحاليين والجدد فى إطار من اليقين وذلك في إصدار صحفى متكامل، أعده المكتب الإعلامي لوزارة المالية تحت عنوان: «معا نبدأ صفحة جديدة.. نقطة ومن أول السطر»، متضمنا كل تفاصيل حزمة التسهيلات الضريبية، وردود الأفعال الإيجابية والمحفزة من رموز مجتمع الأعمال ورجال الاقتصاد والإعلام.

ولم يكن كجوك» غافلاً عن تحقيق الاستقرار المالي، بل تحسنت بقوة كل مؤشرات الأداء المالي والاقتصادي، خلال الأشهر التسعة الماضية؛ نتيجة لتطور الأوضاع الاقتصادية للأفضل؛ حيث تم تسجيل أعلى إيرادات ضريبية منذ سنوات بقيمة ١,٤ تريليون جنيه وبنسبة %٣٨، دون فرض أعباء جديدة بل بالعكس تم -الاعتماد كما ذكرت على التبسيط والتسهيل والميكنة وتوسيع القاعدة من خلال الشراكة مع مجتمع الأعمال، وتحقيق أعلى فائض أولى بنحو ٤٣٥ مليار جنيه وبنسبة ٢,٥٪ من الناتج المحلى رغم تراجع إيرادات قناة السويس وقطاع البترول.

وبلغ صافي احتياطي النقد الأجنبى ٤٧,٧ مليار دولار، وتراجع التضخم من %۳۳٫۳ إلى ١٣,٦، واستحوذ القطاع الخاص على %٥٩ من إجمالي الاستثمارات.

خلال النصف الأول، بمعدل نمو سنوي ۸۰٪، وشهدنا نموا قويًا، خلال النصف الأول، لقطاعات السياحة بنسبة ۱٣,١، والصناعات التحويلية غير البترولية ١٢,٤، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ١٥,١ وبلغ دعم الإنتاج الصناعى ٨ مليارات جنيه بنمو ٪۱۲۸، وتنشيط الصادرات 7 مليارات جنيه بزيادة ۷۸ وانخفض حجم الدين الخارجي لأجهزة الموازنة بقيمة مليار دولار خلال 8 أشهر. 

وعطفا على هذه النتائج الجيدة، التي تعكس أولويات السياسات -المالية كما يرويها كجوك يمكن أن نصف موازنة العام المالي المقبل ٢٠٢٥٠- ٢٠٢٦ الأكثر طموحا .. بموازنة النمو والاستقرار والشراكة مع مجتمع الأعمال؛ حيث تضمنت أكبر مساندة استثنائية للأنشطة الصناعية والتصديرية بإجمالي ۷۸ مليار جنيه؛ من أجل تشجيع القطاع الخاص.

بسياسات مالية ومبادرات وبرامج محددة وأكثر تحفيزا للنمو الاقتصادي، منها : ٨,٤ مليار جنيه لدعم الاستثمار السياحى وزيادة طاقة الغرف الفندقية لاستيعاب المزيد من السائحين، و٢٩,٦ مليار جنيه لدعم الإنتاج الصناعى بمعدل نمو ٦٩ عن موازنة العام الحالي؛ لتشجيع توطين وتعميق الأنشطة الصناعية، وه مليارات جنيه لدعم الصناعات ذات الأولوية لزيادة الطاقة الإنتاجية من الآلات والمعدات وه مليارات جنيه حوافز نقدية لتمويل عدد كبير ومتنوع من المبادرات الموجهة للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، و ٣ مليارات جنيه لدعم صناعة السيارات ومستلزماتها ومكوناتها بمصر، و٣ مليارات جنيه لمبادرات التحول إلى مصادر طاقة أكثر كفاءة، توفر بدائل أقل تكلفة للجميع.

وخلال عرض «موازنة النمو والاستقرار والشراكة مع مجتمع الأعمال، تحدث كجوك» عن مستهدفات الدين خلال العام المالى المقبل، علي نحو يعكس مسارًا جيدًا وقابلا للتطبيق قائلا: نستهدف استمرار خفض معدل الدين للناتج المحلى إلى ۸۱ بنهاية يونيو ،۲۰۲٦ ، ومواصلة النزول بحجم الدين الخارجى لأجهزة الموازنة بنحو ١ إلى ٢ مليار دولار سنويًا، وتنويع مصادر التمويل المحلى والخارجي الخفض تكلفة الدين وإطالة عمره، وطرح أدوات تمويل جديدة ومتنوعة وإصدار سندات التجزئة بالسوق المحلية والصكوك. 

ومما يدفع مسار تحسين كل مؤشرات المديونية الحكومية وضع سقف لدين الحكومة العامة.. وسقف للضمانات والعمل على مبادلة الديون بالاستثمارات التنموية. 

ونعود مجددًا للحديث عن الأولوية الرابعة للسياسات المالية كما يرويها «كجوك التي تتحقق بشكل أكبر في العام المالي الجديد، بدءًا من استيفاء نسب الاستحقاق الدستورى للصحة والتعليم، وتخصيص ٧٤٢,٥ مليار جنيه للحماية الاجتماعية بنمو سنوى ١٦,٨٪ منها : ١٦٠ مليار جنيه لدعم السلع التموينية بنمو سنوى %۱۹ لتخفيف الأعباء عن المواطنين، و ١٥٠ مليار جنيه لدعم المواد البترولية والكهرباء، لتأمين قطاع الطاقة وضمان توافر احتياجات المواطنين والتنمية و ٥٤ مليار جنيه للإنفاق على الضمان الاجتماعى تكافل وكرامة بنمو سنوى ٣٥%، و٤٥ مليار جنيه للإنفاق على الأدوية والمستلزمات الطبية.. بمعدل نمو سنوى %٢٦ لضمان توفر خدمة صحية متميزة للمصريين و ١٥,١ مليار جنيه لعلاج المواطنين محدودى الدخل على نفقة الدولة بنمو سنوی ۵۰ و ۲۲۷ مليار جنيه «مساهمات» في صناديق المعاشات.


وتشهد مرتبات شهر يوليو المقبل زيادة في إجمالي الأجر تبلغ ۱۱۰۰ جنيه شهريًا لأقل درجة وظيفية للعاملين بالدولة، في إطار حزمة الحماية الاجتماعية؛ لترتفع مخصصات الأجور بالموازنة الجديدة إلى ٦٧٩,١ مليار جنيه بمعدل نمو سنوى ۱۸,۱٪، وتوفير المخصصات المالية الكافية لتعيين أكثر من ٧٥ ألف معلم و ٣٠ ألف طبيب و ۱۰ آلاف بباقي أجهزة الدولة لضمان تحسن الخدمات المقدمة للمواطنين.

وقبل وبعد كل ذلك تبقى إشارة مهمة إلى حالة التناغم المثمر بين وزراء المجموعة الاقتصادية التي تشكل رؤية أكثر وضوحًا وشمولا واتساقا وقدرة على القراءة الراشدة للواقع بإشكالياته، واقتراح الحلول الواقية والمؤثرة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية أيضًا .. فإذا سمعت أحدهم يتحدث رأيت خطاب الآخر مكملا له في صورة
مضيئة لإدارة واعية وحكيمة.

لكن يبقى التحدى الأكبر، وهو أن يشعر المواطن بتحسن حقيقى فى مستوى معيشته والخدمات التي يتلقاها بوصفه جوهر أى سياسات إصلاحية وإيجابية وبناءة.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق