نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من البحر الأحمر إلى حيفا.. كيف أثّر الحصار اليمني على الاقتصاد الإسرائيلي؟, اليوم الأربعاء 28 مايو 2025 08:45 صباحاً
تشهد الأسواق في المدن الفلسطينية المحتلة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار المواد الغذائية والخدمات، في ظل تأثيرات مباشرة للحصار البحري والجوي الذي تفرضه الجبهة اليمنية على كيان الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما بدأت نتائجه بالانعكاس على البنية الاقتصادية والاجتماعية للاحتلال.
وبحسب ما أوردته وسائل إعلام عبرية، فإن شركة “أسّام نستله”، وهي من كبرى شركات الأغذية في الكيان، أعلنت عن رفع أسعار عشرات المنتجات الغذائية، مبررة ذلك بارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الخام. وأشارت التقارير إلى أن هذا الارتفاع يعود بدرجة كبيرة إلى تعطل سلاسل التوريد نتيجة للحصار البحري المفروض من اليمن، والذي طال البحر الأحمر وامتد مؤخراً إلى البحر المتوسط، حيث تم استهداف حركة الشحن نحو ميناء حيفا الاستراتيجي.
وتشير التقديرات إلى أن هذا الحصار فرض تكاليف إضافية هائلة على شحن المواد الخام، تجاوزت 300%، ما انعكس مباشرة على أسعار السلع النهائية. وتعتمد أسواق الاحتلال بشكل رئيسي على الواردات، ومع اضطرار السفن إلى تغيير مساراتها عبر رأس الرجاء الصالح، ومرور البضائع عبر موانئ الدول المطبعة ومن ثم نقلها براً، تزايدت التكاليف الجمركية واللوجستية، ما أدى إلى موجة غلاء غير مسبوقة.
تُظهر المؤشرات الاقتصادية أن هذه الأوضاع تفرض ضغوطاً مركبة على الاقتصاد الإسرائيلي، الذي يعتمد على قطاعات خدمية ذات كثافة رأسمالية عالية مثل التكنولوجيا والبنوك والسياحة، وهي قطاعات سريعة التأثر بالأزمات الجيوسياسية والاقتصادية.
في موازاة ذلك، أكدت تقارير اقتصادية أن الإجراءات اليمنية، من خلال استهداف الموانئ الاستراتيجية وفرض حصار جوي شامل، خلقت اختناقات لوجستية عميقة في الداخل الإسرائيلي، وأدت إلى تراجع حاد في النشاطات الاقتصادية، وانخفاض حركة التصدير والاستيراد، ما فاقم من حالة الركود الاقتصادي.
وتشير المعطيات إلى أن العدو بات مضطراً لتحمّل تكاليف مضاعفة في شحن بضائعه من خلال مسارات بعيدة ومعقدة، وبتكاليف تأمين مرتفعة، وهو ما أدى إلى تراجع حجم المشتريات والاستهلاك المحلي، إضافة إلى تضرر قطاعات السياحة بنسبة تجاوزت 70% نتيجة الحصار الجوي، ما ساهم في تراجع المؤشر المدمج للنشاط الاقتصادي.
وفي السياق ذاته، حذّر محافظ ما يسمى بـ”بنك إسرائيل المركزي” من انخفاض متزايد في معدل النمو الاقتصادي، موضحاً أن العدوان المستمر على غزة وعدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة يمنعان السيطرة على التضخم ويحولان دون خفض أسعار الفائدة. وأشار إلى أن الدين العام مرشح للارتفاع، في ظل العجز المالي المتصاعد والذي بلغ حتى أبريل 2025 نسبة 5.1%، مرجحاً أن يتجاوز عجز هذا العام ما تحقق في 2024، الذي بلغ حينها 7% من الناتج المحلي.
تأتي هذه التطورات في ظل استنزاف متواصل لاحتياطيات العدو المالية، نتيجة الإنفاق العسكري المرتفع، وتراجع الاستثمار الأجنبي، وهروب رؤوس الأموال والمستثمرين، وزيادة معدلات الهجرة العكسية. كما أن اضطرار الاحتلال لسحب قوات الاحتياط من وظائفهم المدنية وتوظيفهم في العمليات العسكرية أدى إلى شلل في عدد من القطاعات الحيوية.
وفي هذا الإطار، تؤكد المؤشرات أن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من أعراض متفاقمة تتمثل في انخفاض الصادرات، تراجع الإنتاج، تضخم مرتفع، ركود في سوق العمل، وانخفاض في قيمة العملة، وهي نتائج مباشرة لضربات الردع اليمني المتصاعدة، وللصمود الاستثنائي لجبهة غزة.
وفي السياق العسكري والسياسي، يُجمع متابعون على أن اليمن بات يمتلك واحدة من أبرز قدرات الردع في المنطقة، مكّنته من فرض معادلات استراتيجية جديدة، كسرت هيبة الهيمنة الأميركية وأربكت حسابات كيان الاحتلال الإسرائيلي.
وتؤكد المعطيات أن استخدام القوات المسلحة اليمنية للصواريخ الفرط صوتية والبالستية في عملياتها الأخيرة التي استهدفت عمق فلسطين المحتلة، أسهم في إرباك المؤسسة السياسية والعسكرية للاحتلال، وولّد ضغوطاً متزايدة في المدن الإسرائيلية، خصوصاً مع التزامن بين الضربات البحرية والجوية، وما أفضت إليه من تعطيل للحياة اليومية في الداخل الإسرائيلي.
وتشير التقديرات إلى أن استراتيجية الردع اليمنية، بالتكامل مع ضربات المقاومة الفلسطينية، تشكّل تحدياً وجودياً للكيان، في ظل فشل المنظومات الدفاعية الأميركية والإسرائيلية، وتراجع فعالية الإجراءات الرامية إلى احتواء سلسلة الأزمات المتفاقمة.
وفي الوقت الذي كانت التقديرات الإسرائيلية تشير مع بداية العام إلى إمكانية تعافي الاقتصاد خلال خمس سنوات إذا توقفت الحرب على غزة، فإن استمرار الضربات اليمنية واتساع مفاعيلها الجغرافية والاستراتيجية، جعلا من هذا السيناريو أكثر بعداً وتعقيداً. بل إن الأزمة الاقتصادية مرشّحة للاستمرار والتعمّق لسنوات، بفعل عجز الاحتلال عن كسر الطوق البحري والجوي المفروض عليه.
وتُظهر المؤشرات الميدانية أن الجبهة اليمنية، عبر أدواتها النوعية واستراتيجيتها المركّزة، تمضي في مسار تقويض مرتكزات الاقتصاد الإسرائيلي وتعطيل بناه التحتية الحيوية، بما يتكامل مع حالة الإنهاك العسكري في غزة، ويعمّق مسار الاستنزاف والتفكك الداخلي، وسط تصاعد الانقسامات السياسية وتراجع الثقة الدولية بقدرة الاحتلال على الصمود.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق