مشوار صلاح بين "المجد والغضب".. هكذا صنع الفرعون الملك تاريخه في إنجلترا

لا يكترث الملك محمد صلاح مهاجم ليفربول بالنقد ويركز على أهدافه لكن هناك بعض الأمور التي لا ينساها ولا تخرج من باله للرد عليها.

ولعل أكثر ما لفت الأنظار في حديث محمد صلاح هذا الأسبوع عقب التتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز هو المقارنة التي عقدها بين الألماني يورجن كلوب مدربه السابق، والهولندي أرني سلوت المدير الفني الحالي.

وتحدث محمد صلاح لشبكة "سكاي سبورتس" البريطانية قائلاً: "يمكنكم رؤية الأرقام الآن، لم أعد مضطرا للعودة إلى الدفاع كثيراً، الخطط التكتيكية مختلفة تماماً".

وأتبع: "لقد قلت طالما تريحونني دفاعياً، سأقدم أداء أفضل هجومياً، وأنا سعيد بذلك".

وأسهب: "المدرب سلوت استمع إلي كثيراً، ويمكنكم رؤية الأرقام ودلالتها، حين تلعب في البريميرليج يجب أن تعود للخلف، لكني استطيع المخاطرة وبطريقة ما إحداث الفارق، وعدد تمريراتي الحاسمة يظهر قدرتي على خلق الفرص أيضاً".

يقول صلاح عن أرني سلوت: "إنه صارم للغاية ولكنه يجعل حياتنا أفضل".

حديث محمد صلاح عن سلوت في ظاهره إشادة بالمدرب الهولندي ولكنه حمل في طياته انتقادات لسلفه لم يصرح بها علانية في ولاية الألماني الذي لعب تحت إمرته من 2017 إلى 2024.

ويمكن الكشف عن انتقاد صلاح لكلوب في تلك التصريحات من خلال علاقة الدولي المصري بالألماني خلال سنواتهما معاً.

قبل 3 أشهر تحدث محمد صلاح عن وجود علاقة قوية بينه وبين كلوب بل أنهما باتا يتحدثان بصورة أكبر الآن عن الفترة التي كانا يعملان فيها معاً، وهذا أيضاً له معنى، فعلاقة الاثنين الآن تقتصر على الأمور العائلية أو الشخصية وليس الفنية.

وقال: "نرسل لبعضنا البعض الرسائل في آخر 3 أشهر أكثر من السبع سنوات التي عملنا فيها معاً، أنا لا أشعل نارًا في أي مكان، أنا فقط أقول بطريقة لطيفة، إنه بخير، وعائلته بخير، لقد سألني عن عائلتي وعيد الميلاد وما إلى ذلك، لذا كل شيء على ما يرام".

ويترجم هذا أكثر من أمر، بداية أن صلاح لم يكن راضياً عن الكثير من قرارات كلوب والطريقة التي يدير بها الفريق، وهو ما ظهر في مشاجرات بينهما في أكثر من مناسبة آخرها جاء في أبريل من العام الماضي.

وربما كانت تلك اللحظة هي الأكثر تعقيداً، في علاقة المصري والألماني حين صرح صلاح عقب مباراة وست هام يونايتد في أبريل من العام الماضي، لقناة "TNT Sports" البريطانية قائلاً: "لو تحدثت الآن ستشتعل الأمور".

وقتها دخل صلاح في مشادة حامية على خط التماس مع كلوب وبدا لو كأنهما يتناقشان بحدة على شيء ما قيل وقتها أنه مرتبط توقيت دخول الملعب.

بعدها استخدم كلوب طريقته المعتادة في تهدئة الأمور: "لقد تحدثنا عن الأمر في غرفة الملابس، وانتهى كل شيء بالنسبة لي".

لماذا يشعر صلاح بغضب تجاه كلوب؟

تحدثت تقارير في الصحافة الإنجليزية عن وجود شعور رافض لدى صلاح نحو المدير الفني الألماني بسبب تفضيل الأخير لمواطنه يوليان براندت الذي طلب التعاقد معه في صيف 2017 لكن إدارة الريدز استقرت على الهداف المصري.

يمنح هذا صلاح شعوراً بأن كلوب لم يكن له فضل عليه أو على توقيعه لليفربول بأنه بمفرد وبأرقامه وأهدافه من صنع أسطورته داخل قلعة أنفيلد.

ومن جانبه زعم إيان جراهام، مدير الأبحاث السابق في ليفربول أن كلوب بالفعل طلب ضم براندت من باير ليفركوزن في 2017 بدلاً من صلاح، لكن المسؤولين صوتوا لصالح المهاجم العربي.

ويوضح: "ليفربول كان بحاجة إلى جناح وقتها وصلاح كان الخيار الأمثل وهذا أقنع كلوب بالتعاقد معه".

وفي وثائقي عن تتويج ليفربول بلقب دوري أبطال أوروبا 2019 تحدث نفس الشخص: "براندت كان خياره المفضل وهو يعرفه جيداً من الدوري الألماني، ولكننا اتفقنا على أنه لا يزيد عن كونه لاعب بارز لكن ليس بنجومية صلاح، ومن وجهة نظر البيانات والأرقام وتحليلها فإن صلاح كان أفضل مهاجم شاب في أوروبا بلا منازع".

وواصل: "كان روما تحت ضغط لبيعه بسبب ضعف موارده المالية، لذلك كنا نعلم أنه متاح بسعر مناسب. لعب براندت دورًا هجوميًا وجناحيًا كنا بحاجة إلى سدّه في ذلك الوقت، بينما كان براندت لاعب وسط هجومي. يُحسب ليورجن أنه انخرط في هذا النقاش بصراحة ووضوح، قائلاً: "حسنًا، أنا منفتح على الاقتناع، أرني أن محمد صلاح أفضل".

إن الطريقة التي تعامل بها يورجن كلوب مع أزمات محمد صلاح وساديو ماني المهاجم السنغالي للنصر السعودي ولاعب الريدز السابق الذي اشتبك أكثر من مرة مع الدولي المصري، لم تكن مرضية لهداف الدوري الإنجليزي الممتاز.

ورغم أن صلاح كان يواجه غضب ساديو ماني بتجاهل الأزمة في تصريحاته الإعلامية وبحديث فاتر أغلب الوقت دون إبداء أي ضغينة لكن يبدو أنه لم يكن مقتنعاً بالطريقة التي تعامل بها الألماني.

وينسحب أسلوب تعامل كلوب مع أزمة صلاح وماني مع أمور أخرى ربما تظهر مع مرور الوقت وتترجم لماذا لم يقتنع الجناح المصري بالطريقة التي أدار بها الألماني الفريق.

تقول صحيفة "ديلي ميل" البريطانية أن علاقة صلاح وكلوب كانت طوال الوقت مبنية على الاحترام لكنهما لم يكونا أبداً قريبين من بعضهما البعض.

بالإضافة إلى ذلك فإن صلاح لم يتغافل عما اعتبره إشادة كلوب الدائمة بساديو ماني بصورة كبيرة على عكس الطريقة التي يعامله بها.

ولقد تغيرت علاقة صلاح عند قدومه في صيف 2017 إلى أنفيلد ثم بعدها بعام حين بات الدولي المصري مرشحاً للفوز بجائزة الكرة الذهبية: "في بداية موسم صلاح الأول مع ليفربول، كان هو وساديو ماني يتبادلان أطراف الحديث بهدوء على الطاولات المجاورة في غرفة العلاج، مستمتعين بصحبة بعضهما البعض. ومع بداية موسمه الثاني تغيرت طبيعة العلاقة".

سخط صلاح على جوارديولا

رفض بيب جوارديولا في يناير 2018 المقارنات التي وضعت بين صلاح والأرجنتيني ليونيل ميسي أسطورة برشلونة بسبب وضع الإسباني للبرغوث في مكانة استثنائية.

وقتها قال بيب عن مقارنة صلاح وميسي قائلا:ً "مقارنة محمد صلاح بليو ميسي؟ أحترم صلاح كثيرًا. ولكن أرفض مقارنته بليو ميسي".

ويبدو أن هذه العبارات لم تروق للفرعون المصري الذي سجل في مواجهة حسمها ليفربول 4-3 في الدوري وذهب للاحتفال وهو يصرخ غضباً أمام بيب وأعضاء الجهاز الفني لمانشستر سيتي.

وفي الإطار ذاته فإن صلاح لا يعير اهتماماً للانتقادات التي توجه له من حين لآخر إما بسبب الاحتفال بالكريسماس أو آراءه في أمور بعيدة عن كرة القدم، حيث أكد بأنه لا يهمه ما يقوله الناس عنه وأن هذا لن يغير من الأسلوب الذي يتبعه في حياته بشكل عام.