نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
شراكة قوية مع الصين وإفريقيا: تونس تستعد لمرحلة الانضمام لتجمع «البريكس», اليوم الخميس 29 مايو 2025 03:50 مساءً
نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 29 - 05 - 2025
يدفع رئيس الدولة قيس سعيد نحو مصالحة تونس مع إرثها التاريخي بتوطيد علاقات الشراكة والتشاور مع الصين وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء.
والواضح أنه من خلال فحوى اللقاء الذي جمعه بمبعوث الحزب الشيوعي الصيني والمكالمة الهاتفية التي أجراها مع نظيره الجنوب إفريقي الذي تضطلع بلاده بالأمانة العامة لتجمع البريكس يجدد رئيس الدولة عزم تونس الثابت على الإضطلاع بدور فاعل في نحت نظام عالمي جديد يكرّس بالفعل توازن المصالح ويقطع مع كل أشكال الإستغلال والإبتزاز.
كما تدرك تونس أن تشبيك قدرات شعوب الجنوب يمثل شرطا جوهريا لإصلاح أوضاع البشرية التي أفسدتها سرديات تفوق الرجل الأبيض وشعب اللّه المختار التي أوصلت العالم إلى مرحلة فوضى وهمجية غير مسبوقة في التاريخ الإنساني.
والواضح أيضا أنه من خلال المرجعيات الكبرى لمسار 25 جويلية ولاسيما «التعويل على الذات» ومناهضة الحركة الصهيونية باعتبارها حركة معادية لإنسانية تكتسب تونس معايير التحرر التي تمنحها مكانة رفيعة في تحالف الجنوب الصاعد وتسهل إندماجها في المسارات الجديدة وفي مقدمتها مبادرة «الحزام والطريق» المعروفة بطريق الحرير باعتبارها الأقدر على استيعاب تطلعات الشعب التونسي نحو التحقيق استدامة «الرخاء والأمن» واجتثاث بذرة الإرتداد إلى التخلف.
وفي الواقع تستعيد تونس بهذه الخيارات الجديدة دورها التاريخي في إفريقيا كحاضنة لفكر التحرر حيث كان استقلال 20 مارس 1956 فاتحة لإنعتاق الشعوب الإفريقية من الاستعمار الغربي كما استلهم الزعيم «نيلسون مانديلا» الذي زار تونس قبل اعتقاله من قبل سلطات الميز العنصري من خصوصية الحركة الوطنية التونسية المعروفة بسياسة المراحل والقائمة على التناغم بين الكفاح المسلح والنضال السياسي.
كما شكل العصر الذهبي للقارة الإفريقية في خمسينات وستينات القرن الماضي العمود الفقري لتحالف «دول عدم الإنحياز» الذي شكل قوة مضادة لمقاربة الإستقطاب التي أفرزتها توافقات المنتصرين في الحرب العالمية الثانية ساعدت بلدان الجنوب على بناء تجارب وطنية تتبع من خصوصياتها كما رسخت التضامن التاريخي بين الصين ودول الجنوب الذي أدى بالتراكم إلى كسر احتكار المعسكر الغربي لعناصر القوة الثلاثة صناعة الدواء والصناعات الميكانيكية والتكنولوجيا العكسرية.
وتثبت هذه الوقائع أن توازن العلاقات الدولية واستدامة الأمن والسلم الدوليين مرتبطان شديد الإرتباط بمدى قدرة تحالف الجنوب زائد الصين على تعزيز الروابط السياسية والثقافية بين بلدانه باعتباره الإطار الأمثل لتثمين القدرات الخلاقة لشعوب الجنوب التي تدور حول ثنائية الثروة البشرية والثروات الطبيعية.
وتدرك تونس في المقابل أن الإنطلاق نحو آفاق أرحب تكرّس بالفعل حق أكل أبنائها في الغد الأفضل يقتضي وجوبا كسر العزلة الثقافية والسياسية التي خضعت لها طيلة نصف قرن بسبب الإرتباط المفارط بالمعسكر الغربي الذي أدى إلى تراكم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية وهيأ لمرحلة الصدمة الحضارية العنيفة التي جسدتها عشرية الإرهاب والفساد.
والواضح أيضا أنه كلما تقدمت تونس بثبات على درب معالجة أسباب الأزمة الداخلية التراكمية على أساس التلازم بين السيادة الوطنية والانتعاش الاقتصادي والرخاء الاجتماعي فإنها تكتسب حتما معايير «الإلتزام» التي تمنحها صفة «الشريك الموثوق» بوصفه المدخل الطبيعي للإضطلاع بدور فاعل في نحت تاريخ جديد للبشرية لا يتمفصل عن رهان استكمال أسس النظام الاقتصادي العالمي الجديد الذي يدور بشكل أو بآخر حول مبادرة الحزام والطريق.
والواضح أن المرحلة الجديدة التي بلغها مسار الإصلاح في تونس وأعلن عنها رئيس الدولة في الأيام الأخيرة من خلال التأكيد على أن كل القطاعات ستشهد إصلاحات جذرية تعد تونس لموقع أكثر تقدما في كوكبة الدول التي تدفع نحو تسريع قيام النظام الاقتصادي العالمي الجديد.
ويبدو جليا في هذا الصدد أن التناغم الحاصل بين ثبات مسار الإصلاح في الداخل واستعادة قوة الروابط السياسية والثقافية مع الصين وإفريقيا جنوب الصحراء يفتح الباب أمام تونس للإنضمام إلى تجمع «البريكس» بوصفه استحقاقا يسنده قدرة تونس على الإلتزام تجاه شركائها الجدد مثلما يدعمه منحى تحسن سائر المؤشرات الاقتصادية ولاسيما التضخم والتداين الخارجية كنتيجة طبيعية لبناء صلب يدور حول غايتين مركزيتين «مجتمع القانون» و«اقتصاد المحتوى».
الأخبار
.
0 تعليق