نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
رواية ”وحي” اليمنية تُصنف ضمن أفضل 50 رواية عربية في القرن الـ21, اليوم الجمعة 30 مايو 2025 01:23 صباحاً
في إنجاز أدبي يُعد من أهم محطات التقدير الدولي للأدب اليمني، تم اختيار رواية "وحي" للروائي والأكاديمي اليمني حبيب سروري ضمن قائمة أفضل خمسين رواية عربية في القرن الحادي والعشرين ، وفق تصنيف حديث نشرته صحيفة The National الإماراتية الصادرة باللغة الإنجليزية. وهو ما يُعد شهادة جديدة على قوة السرد اليمني وقدرته على التألق حتى وسط أتون الحرب والانقسامات.
ويأتي هذا التصنيف ليسلط الضوء على المكانة المتقدمة التي يحتلها الأدب اليمني في الخارطة الأدبية العربية الحديثة، ويُظهر كيف استطاعت أقلام يمنية كبرى أن تكسر الحصار الثقافي الذي فرضته سنوات النزاع الطويلة، وتفرض حضورها بقوة في الفضاء العربي والعالمي.
رحلة فكرية وسردية عميقة
رواية "وحي" ، الصادرة عن دار الساقي عام 2018، كانت قد سبق لها أن حصدت جائزة كتارا للرواية العربية في دورتها السادسة عام 2019، لتؤكد منذ بدايتها أنها عمل استثنائي يجمع بين العمق الفلسفي والتجربة الروائية الجريئة. تحكي الرواية قصة البطل غسان العثماني ، الذي تنطلق رحلته الفكرية والوجودية من مدينة سورينتو الإيطالية عبر رسالة غامضة، ليعود عبر صفحاتها إلى جذوره في اليمن، حيث تتقاطع فيها خطوط الدين والسياسة والفكر والهوية في مسار تأملي عميق.
وتتناول الرواية بجرأة موضوعات الصراع بين الحداثة والتراث، والدين والعلم، والإيمان والشك، في سياق تراجيدي يعكس الواقع المتشظي للإنسان العربي، خاصة في ظل انهيار الدولة وتفتت المجتمع. ومن خلال شخصياتها ومعطياتها السردية، تقدم "وحي" رؤية فلسفية حول المعنى والوجود والانهيار، مما يجعل منها أكثر من مجرد قصة؛ بل هي انعكاس لوعي ثقافي متأمل يبحث عن ذاته في عالم مضطرب.
حبيب سروري: عقل مزدوج الإبداع
يُعرف الكاتب حبيب سروري بأنه من الأقلام النادرة التي تجمع بين الإبداع الأدبي العميق والتميز الأكاديمي في مجالات علمية دقيقة، إذ يشغل منذ أكثر من ثلاثة عقود منصب أستاذ جامعي في فرنسا، وحصل على شهادات عليا من جامعتي باريس (السوربون) والنورماندي في تخصصات متعددة تشمل الفلسفة وعلوم الكمبيوتر.
بدأ سروري مشواره الأدبي باللغة الفرنسية، لكنه سرعان ما انتقل إلى الكتابة بالعربية، ليقدم مجموعة من الأعمال الأدبية التي تركت بصمتها في المشهد الأدبي العربي، من أبرزها "تقرير الهدهد" و**"الحرمان الكبير"**. وفي كل أعماله، يحرص سروري على طرح الأسئلة الكبرى التي تهم الإنسان العربي، ويتعامل مع القضايا الخلافية بجرأة وموضوعية، دون أن يخضع لخطوط حمراء أو ضغوط أيديولوجية.
تتويج لتجربة سردية نادرة
ويرى العديد من المراقبين أن اختيار رواية "وحي" ضمن هذه القائمة المرموقة لا يمثل فقط اعترافًا بأهمية العمل نفسه، بل هو تتويج لتجربة سردية يمنية نادرة ، تعاند الحرب والتهميش وتصر على التواجد في المشهد الأدبي العربي والدولي. إنها شهادة على أن الثقافة لا تسقط تحت الركام، وأن الكلمة قادرة على العبور فوق الحدود والدمار.
وهذا الإنجاز الجديد يحمل في طياته دلالة واضحة: مهما طال الزمن ومهما اشتدت الظروف، فإن الأدب اليمني قادر على حمل هموم الإنسان اليمني والعربي، وإيصال صوته إلى العالم، بعقلانية جريئة ولغة تتحدى الصمت والغياب.
وبذلك، تُصبح رواية "وحي" ليست مجرد نص أدبي، بل رمزًا للبقاء والمقاومة الثقافية ، ودليلًا جديدًا على أن اليمن، رغم كل ما يعانيه، لم يتوقف عن العطاء، وأن قلم الكاتب فيه لا يزال يرسم الآمال في زمن اليأس.
0 تعليق