مع الشروق : ماذا يريدون من إيران؟

تورس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق : ماذا يريدون من إيران؟, اليوم الجمعة 20 يونيو 2025 11:50 مساءً

مع الشروق : ماذا يريدون من إيران؟

نشر في الشروق يوم 20 - 06 - 2025

2357595
منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979، شكّلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية كيانا سياسيا مختلفا في بنية النظام الدولي، خرج عن المعادلات التي اعتاد عليها الغرب في تعامله مع دول المنطقة...ولم تقف طهران عند حدود الخطاب السيادي أو المناهض للاستعمار والصهيونية، بل تحوّلت إلى لاعب إقليمي مستقل، يرفض التبعية للهيمنة الأمريكية، ويعلن بشكل لا لبس فيه رفضه لوجود الكيان الصهيوني، ويدعم علنا حركات المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا واليمن. و خير دليل على ذلك هو الدعم الايراني الأخير لطوفان الاقصى الذي كسر اسطورة هذا الكيان المحتل . هذا التوجه جعل منها عدوا استراتيجيا للولايات المتحدة و"إسرائيل"، وسببا مستمرا لحالة التوتر والصراع التي لم تتوقف، وإن تنوّعت أشكالها.
وخلال السنوات الأخيرة، خصوصا بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي عام 2018 بقرار من الرئيس دونالد ترامب، وتصاعد الهجمات الصهيونية مؤخرا على المنشآت الإيرانية والقيادات العسكرية والعلمية، بدا واضحا أن المسألة تجاوزت ملف البرنامج النووي، وأن الهدف الحقيقي هو ضرب النظام الإيراني نفسه، أو على الأقل إنهاكه وتشويهه، وصولا إلى تغييره بنظام عميل يخدم أهداف الغرب والصهاينة في المنطقة.
و الحرب التي تُخاض اليوم ضد إيران ليست فقط حربا إسرائيلية، كما قد يبدو على السطح. بل هي حرب ثلاثية الأبعاد: أمريكية – إسرائيلية – غربية، تستخدم فيها كل الأدوات الممكنة من حصار اقتصادي، إلى حرب سيبرانية، إلى عمليات اغتيال، إلى ضغوط دبلوماسية، بل وحتى إثارة الفوضى من الداخل.
والحديث المتكرر عن ضرورة "وقف التهديد النووي الإيراني" لم يعد يخدع أحدا من المتابعين للشأن الإقليمي. فالدول التي تمتلك ترسانة نووية كاملة، والتي تتجاهل الترسانة الإسرائيلية غير المعلنة، لا يمكن أن تكون قلقة من مشروع سلمي نووي تديره إيران تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وإنما القلق الحقيقي هو من مشروع سياسي عقائدي يُبنى على رفض التطبيع والاستعمار، ويؤسس لتحالفات إقليمية موازية لقوى الهيمنة، ويعيد تعريف الأمن في المنطقة من منظور شعوبها لا من منظور مصالح الخارج.
والدليل الأبرز على أن الهدف هو إسقاط النظام لا تعطيل البرنامج النووي، هو التصريحات العلنية التي يطلقها قادة الاحتلال الإسرائيلي كرئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه المجرم ، وكذلك بعض المسؤولين الأمريكيين وعلى رأسهم الرئيس ترامب، بالدعوة إلى استهداف رأس القيادة في إيران، وعلى وجه التحديد المرشد الأعلى السيد علي خامنئي.
هذه الدعوات، وإن بدت شاذة في السياق الدبلوماسي، تعبّر عن منطق الحرب المفتوحة ضد ما تمثله إيران من مشروع مضاد. لكنها قوبلت برفض واسع من الداخل الإيراني و من قوى دولية فاعلة كروسيا، التي أعلن رئيسها فلاديمير بوتين بوضوح أن مجرد التفكير في اغتيال القيادة الإيرانية أو ضرب منشآتها النووية سيؤدي إلى تداعيات خطيرة تتجاوز إيران والمنطقة.
وعليه فإن ما يسعى إليه الصهاينة والغرب اليوم هو اجتثاث مشروع سياسي قائم... هم يريدون من إيران أن تتخلى عن عقيدتها السيادية، وأن تنسحب من دعم قوى المقاومة، وأن تقبل بمعادلات السلام الصهيوني والامريكي ... لكن إيران، حتى الآن، ترفض هذا المسار وتواصل تمسّكها بخياراتها، مما يعني أن المواجهة ستبقى مفتوحة، وأن ما يُحاك ضدها ليس سوى فصل جديد من حرب طويلة لم تنتهِ بعد.
ناجح بن جدو

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق