نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الإيمان المستقيم, اليوم السبت 31 مايو 2025 03:18 صباحاً
تقيم الكنيسة في الأحد السابق لأحد العنصرة المجيد تذكارًا لآباء المجمع المسكونيِّ الأوَّل القدِّيسين، الَّذي انعقد في نيقية (تركيا حاليًّا) في العام 325م وحضره 318 أسقفًا؛ قسم كبير منهم شهداء أحياء تعرَّضوا لاضطهادات كبيرة ومختلفة لينكروا المسيح، وبقوا متمسِّكين بإيمانهم تحت الحديد والنار والتعذيب والضرب والجلد والسجن، وكانت آثار التعذيب ظاهرة على أجسادهم، كذلك الحروق، عدا الَّذين بُتِرَت أعضاؤهم.
انعقد المجمع بدعوة من الإمبراطور قسطنطين الكبير، بطلب من الآباء القدِّيسين، وخاصَّة بطاركة الإسكندريَّة وأنطاكية وأورشليم، وكان هدفهم رفض هرطقة الكاهن آريوس الَّذي أنكر ألوهة الربِّ يسوع المسيح الواحد في الجوهر مع الآب.
اعتبر آريوس أنَّ يسوع هو مخلوق وليس مولودًا أزليًّا من الآب خارج الزمن، كما اعتبر أنَّه كان يوجد زمن كان الآب فيه موجودًا من دون الابن.
تمَّ في المجمع صياغة القسم الأوَّل من دستور الإيمان الَّذي نتلوه في صلواتنا، أي إلى «والروح القدس». مع التأكيد أنَّ الكنيسة لم تخترع دستور الإيمان، بل هو من رحم الكتاب المقدَّس. وكان يوجد عدَّة دساتير إيمانيَّة يتلوها المؤمنون قبل الصياغة النهائيَّة، وكانت جميعها متشابهة في الفحوى والمعنى.
أتى تعليم آريوس الهرطوقيّ نتيجة تكبرّه وتحاليل فكريَّة منحرفة ومخالفة للإيمان المستقيم الَّذي تسلَّمته الكنيسة من الربِّ بواسطة الرسل الأطهار الَّذين بشَّروا به في أرجاء المسكونة كما أوصاهم يسوع بعد قيامته.
انتشرت أقوال آريوس بقوَّة وخدعت أناسًا كثيرين، وقد دحضها الآباء القدِّيسون لكونهم كانوا رجال صلاة وأمينين على التسليم الشريف.
كذلك حدَّد المجمع أن يُحتفل بعيد الفصح يوم الأحد الَّذي يلي أوَّل بدر (قمر مكتمل) بعد الاعتدال الربيعيِّ وطبعًا بعد الفصح اليهوديِّ.
كان المسيحيُّون في بعض المناطق في بادئ الأمر يحتفلون الفصح في يوم الفصح اليهوديِّ، إلَّا أنَّ المجمع جعل العيد على أساس يوم الأحد وليس تاريخًا عبريًّا متغيِّرًا، لكون يوم الأحد هو يوم القيامة المجيدة، مع المحافظة على الارتباط الفلكيِّ، أي البدر، لأنَّه يرمز إلى اكتمال النور بعد الظلمة، والربُّ غلب ظلمة الجحيم.
كذلك أصدر المجمع 20 قانونًا كنسيًّا تتعلَّق بالكهنوت وحياة المؤمنين الإيمانيَّة.
من الَّذين برزوا في المجمع، القدِّيس أثناسيوس الكبير الَّذي كان في وقتها شمَّاسًا شابًّا ومساعدًا لأبيه الروحيِّ بطريرك الإسكندريَّة ألكسندروس. كان أثناسيوس مدافعًا قويًّا في وجه آريوس وأدحضه بقوَّة وأسكته. كذلك القدِّيس نيقولاوس أسقف ميرا والقدِّيس اسبيريدون العجائبيُّ، الَّذي جرت عجيبة على يده في المجمع، وهي أنَّه أمسك حجرًا من الفخَّار (قرميدة) قائلًا: «كما أنَّ هذا الحجر الواحد يتكوَّن من النار والماء والطين، هكذا الله الواحد الآب والابن والروح القدس»، وضغط على الحجر بقوَّة، فخرج اللهب من أعلى الحجر، وسال الماء من أسفله، وبقي الطين في يده. وكانت هذه العجيبة بمثابة شهادة للثالوث القدُّوس الآب والابن والروح القدس. فالنار والماء والطين عناصر متمايزة وغير منقسمة عن الجوهر، كذلك الآب هو الوالد والابن مولود من الآب أزليًّا والروح القدس منبثق أزليًّا من الآب، وثلاثتهم واحد في الجوهر الإلهيِّ.
أمران لافتان مع القدِّيسين أثناسيوس وإسبيريدون. الأوَّل كان شمَّاسًا واعتُبر بطَل المجمع بامتياز وسط كلِّ الأساقفة، والثاني كان راعي غنم بسيطًا لكنَّه ممتلئ من الروح القدس. هذا كلُّه ليقول: «وأمَّا الروحيُّ فيحكم في كلِّ شيء، وهو لا يُحكَم فيه من أحد» (1 كورنثوس 2: 15).
هناك أيقونة مميَّزة تمثِّل المجمع لميخائيل داماسكينوس بأسلوب كريتيٍّ بشكل عامٍّ من القرن السادس عشر، نشاهد فيها العرش Hetoimasia في الوسط المركزيِّ فارغًا موضوعًا عليه الإنجيل المقدَّس مفتوحًا، إشارة إلى أنَّ المسيح يترأَّس المجمع، والإيمان المستقيم هو المعيار. كما نشاهد مشهد يسوع القائم من بين الأموات والواقف بين الرسل، وتوما يقترب منه ليفتِّش عن مكان الطعن في صدره.
كذلك نشاهد الربَّ واقفًا خلف العرش يقيم سرَّ الإفخارستيَّا. فالرباط وثيق جدًّا بين وحدة العقيدة والإفخارستيَّا المقدَّسة.
الأساقفة يحملون الإنجيل لأنَّهم مؤتمنون على المحافظة عليه والاعتراف به لأنَّه مرجعهم. ونشاهد الإمبراطور القدِّيس قسطنطين الكبير بلباسه الإمبراطوريِّ لكونه راعي المجمع. صحيح جلس في صدر المجمع إلَّا أنَّه لم يتدخَّل في النقاشات اللاهوتيَّة.
هناك مشهد لافت جدًّا في الأسفل حيث نرى آريوس الهرطوقيَّ يغلق أذنيه بيديه الاثنتين تعبيرًا عن أنَّه يرفض سماع الحقِّ. هو ملقى على الأرض في وسط الظلمة لأنَّه بعدم اعترافه بألوهة يسوع انفصل عن النور وقبع في الظلمة.
افتح يا ربُّ بصيرتنا وأعطنا حسن الإصغاء وثبِّتنا في الإيمان المستقيم، وأنر أذهاننا بنورك الإلهيِّ.
إلى الربِّ نطلب.
0 تعليق