في اختراق علمي لافت، كشفت دراسة وراثية موسعة عن وجود رابط جيني خفي بين مرض السكري من النوع الثاني والتغيرات الهيكلية في مناطق حيوية من الدماغ، ما قد يفسّر سبب زيادة خطر التدهور المعرفي والخرف لدى مرضى السكري.

الدراسة، التي نُشرت في دورية Nature Genetics، استندت إلى تحليل بيانات جينية لأكثر من عشرات الآلاف من الأفراد، وكشفت عن وجود 129 موقعًا جينيًا مشتركًا يؤثر على كل من بنية الدماغ وخطر الإصابة بالسكري.

السكري والدماغ.. تداخل جيني غير مسبوق

من بين أبرز هذه المواقع الجينية المشتركة، برز جين APOE المعروف بصلته القوية بمرض ألزهايمر، والذي وُجد أنه يرتبط أيضًا بكل من السكري وحجم النواة المتكئة، وهي منطقة في الدماغ مرتبطة بوظائف المكافأة والانتباه.

كما أظهرت النتائج أن جين TCF7L2، وهو أحد أهم العوامل الوراثية المرتبطة بالسكري، يرتبط أيضًا بحجم اللوزة الدماغية، بينما ارتبط جين Hp 1-1 بحجم الحُصين، وهو الجزء المسؤول عن الذاكرة.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل وجد الباحثون أن درجات الخطر الجيني لمستويات الهيموغلوبين السكري HbA1c ترتبط بشكل وثيق بحجم المادة الرمادية في الدماغ، ما يعزز فرضية تأثير مرض السكري على القدرات المعرفية مع التقدم في السن.

تأثيرات تبدأ قبل الولادة

واحدة من أبرز المفاجآت التي رصدتها الدراسة كانت اكتشاف أن هذه الجينات المشتركة بين السكري وبنية الدماغ تنشط بشكل ملحوظ خلال المرحلة الجنينية. وهو ما يعني أن تأثير السكري على الدماغ قد يبدأ في التكوين حتى قبل الولادة.

ويشير الباحثون إلى أن هذه الجينات تتركز في أنسجة رئيسية مثل البنكرياس، الكبد، القلب، والدماغ، وتلعب دورًا مهمًا في عمليات استقلاب الطاقة وتطور الجهاز العصبي.

خطر الخرف يتضاعف

ووفقًا للدراسة، فإن الجينات المرتبطة بتقلص الحُصين - مركز تكوين الذكريات في الدماغ - قد تفسر لماذا يكون مرضى السكري أكثر عرضة للإصابة بـالخرف بمقدار الضعف مقارنة بغير المصابين.

خطوة نحو التشخيص المبكر والعلاج الوقائي

يقول البروفيسور ليانغ تشو، أستاذ الوراثة بجامعة بكين والمشرف الرئيسي على الدراسة:

"هذه النتائج تفتح الباب أمام تطوير أدوات تشخيصية مبكرة يمكنها التنبؤ بخطر التدهور المعرفي لدى مرضى السكري استنادًا إلى تركيبهم الجيني".

وأضاف:

"الفهم الأعمق للتداخل الجيني بين السكري وبنية الدماغ قد يمهّد الطريق لتطوير علاجات وقائية تستهدف هذه المسارات المشتركة قبل أن تظهر الأعراض الإدراكية".

خلاصة:

الدراسة تمثل طفرة في فهم العلاقة بين مرض مزمن واسع الانتشار كداء السكري، وتدهور القدرات الدماغية، وتضع أسسًا علمية لأبحاث مستقبلية قد تُحدث فارقًا حاسمًا في تشخيص وعلاج الخرف المرتبط بالسكري.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك