في خطوة علمية غير مسبوقة، ساهم الذكاء الاصطناعي في إعادة تأريخ مخطوطات البحر الميت، واحدة من أندر وأهم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، ليتبيّن أن بعضها يعود إلى فترات أقدم مما كان يُعتقد.

المخطوطات، التي اكتُشفت لأول مرة عام 1946 في كهوف قُمران المطلة على البحر الميت، تضم نحو ألف وثيقة دينية وقانونية وتاريخية مكتوبة بأربع لغات: العبرية، الآرامية، اليونانية، والنبطية. وقد شكّلت مرجعًا رئيسيًا لفهم أصول النصوص المقدسة اليهودية، خصوصًا العهد القديم.

مفاجأة زمنية: مخطوطات تعود للقرن الرابع قبل الميلاد

بحسب دراسة حديثة نُشرت في مجلة PLOS One، قادها البروفيسور ملادن بوبوفيتش من جامعة Groningen الهولندية، فإن تحليلًا مشتركًا بين تقنية الكربون المشع وأداة ذكاء اصطناعي متقدمة تُدعى Enoch أظهر أن بعض المخطوطات تعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد، أي قبل أكثر من 2500 عام، وهو ما يفوق التقديرات السابقة بعدة قرون.

الذكاء الاصطناعي يفكّ شفرة الزمن

اعتمد الفريق العلمي على أداة Enoch، المبنية على شبكة عصبية متطورة تُعرف باسم BiNet، لتدريبها على تحليل أنماط الخط وآثار الحبر في المخطوطات. وتم اختبار الأداة على 135 مخطوطة، حيث قدّمت تقديرات زمنية اعتُبرت دقيقة في نحو 79% من الحالات، وفقًا لخبراء متخصصين في علم دراسة الخطوط القديمة.

وأشار بوبوفيتش إلى أن النتائج الأولية تشير إلى أن "جزءًا متزايدًا من هذه الوثائق القديمة ينتمي إلى فترات زمنية أقدم مما كنا نعتقد"، لافتًا إلى أن الدراسة لا تزال في مراحلها المبكرة، خاصة مع وجود أكثر من ألف مخطوطة لم تُحلّل بعد بالكامل.

قفزة بحثية بفضل التقنية

وتُعد هذه الدراسة نموذجًا على تكامل التكنولوجيا مع علم الآثار واللغات القديمة، حيث بات بإمكان الباحثين، بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنيات التأريخ الحديثة، تحديد أعمار المخطوطات بدقة تصل إلى 50 عامًا.

ويفتح هذا الإنجاز العلمي الباب أمام فهم أعمق لجذور النصوص الدينية والتاريخية، كما يُعيد رسم خارطة تطور الفكر الديني والتقاليد النصية في العالم القديم، ويمنح مخطوطات البحر الميت حياة جديدة في ضوء التقنيات الحديثة.

للمزيد تابع

خليجيون نيوز على: فيسبوك | إكس | يوتيوب | إنستغرام | تيك توك