في حادثة وصفت بالخطيرة وغير المسبوقة، أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، الرصاص الحي بشكل مباشر تجاه وفد دبلوماسي أوروبي وعربي أثناء زيارته لمدخل مخيم جنين في الضفة الغربية، حيث كان الوفد يطّلع على الأوضاع الإنسانية المأساوية في المخيم.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أن إطلاق النار استهدف الوفد قرب البوابة الحديدية التي نصبها الاحتلال على مدخل المخيم الشرقي، وذلك أثناء تواجد عدد من الصحفيين لتغطية الزيارة.

وضم الوفد سفراء وممثلين عن دول عربية وأجنبية، وكان قد زار مقر محافظة جنين في وقت سابق من اليوم، حيث تلقى أعضاء الوفد شرحًا مفصلًا من المحافظ حول الواقع الاقتصادي للمدينة، وتأثير العدوان العسكري الإسرائيلي على البنية التحتية والمرافق الحيوية، إضافة إلى معاناة أكثر من 22 ألف نازح أُجبروا على مغادرة منازلهم في المخيم.

إدانة فلسطينية رسمية وتحذير من التصعيد

أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية ما وصفته بـ"الاعتداء الجبان" على الوفد الدبلوماسي، مشيرة إلى أن ما جرى يُعد خرقًا صارخًا للقانون الدولي ولأبسط قواعد العلاقات الدبلوماسية المنصوص عليها في اتفاقية فيينا لعام 1961، والتي تكفل حماية البعثات والوفود الدبلوماسية.

وأكدت الوزارة أن هذا التصعيد يُعبّر عن "استهتار ممنهج" من قبل الاحتلال الإسرائيلي بسيادة دولة فلسطين وبحرمة الممثلين الدبلوماسيين على أراضيها، محمّلة الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن الحادث.

ودعت الخارجية الفلسطينية الدول المعنية بأعضاء الوفد المستهدف إلى اتخاذ مواقف واضحة وإجراءات رادعة ضد سلطات الاحتلال، والعمل على وقف الانتهاكات المتواصلة، بما في ذلك الاعتداءات على الممثلين الدبلوماسيين.

كما جدّدت مطالبتها بضرورة توفير حماية دولية عاجلة للشعب الفلسطيني وللأطقم الدبلوماسية العاملة في أراضي دولة فلسطين.

ردود دولية غاضبة واستدعاء رسمي في إيطاليا

وطالبت وزارة الخارجية الإيطالية الحكومة الإسرائيلية بتقديم توضيحات رسمية بشأن إطلاق النار على الوفد خلال زيارته لمخيم جنين، مؤكدة أن "تهديد حياة الدبلوماسيين أمر غير مقبول".

وأعلن وزير الخارجية الإيطالي عن استدعاء السفير الإسرائيلي في روما للحصول على تفسيرات رسمية حول ما جرى.

من جانبها أدانت مفوضة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي "إطلاق إسرائيل النار على الوفد الدبلوماسي الأوروبي في جنين".

رواية الاحتلال: "انحراف عن المسار"

من جهته، برّر الجيش الإسرائيلي إطلاق النار على الوفد الدبلوماسي، زاعمًا أن الوفد دخل "منطقة محظورة" في مخيم جنين، و"انحرف عن المسار المعتمد مسبقًا"، ما دفع القوات إلى اتخاذ ما وصفه بـ"إجراءات تحذيرية".

سياق العدوان المتواصل على شمال الضفة

وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار العدوان العسكري الإسرائيلي على شمال الضفة الغربية منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي، والذي بدأ بمدينة جنين ومخيمها، قبل أن يمتد في 27 من الشهر ذاته إلى مدينة طولكرم.

ووفق إحصائيات وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، أسفر العدوان عن استشهاد 13 فلسطينيًا، واعتقال وإصابة العشرات، إضافة إلى تهجير أكثر من 4200 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس.

كما تم تدمير أكثر من 400 منزل بشكل كامل، وتضرر 2573 منزلًا بشكل جزئي، إلى جانب دمار واسع بالبنية التحتية والمتاجر في المناطق المستهدفة.