نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الرئيس جوزاف عون: استعادة الدور الرئاسي من بوابة المستشارين؟!, اليوم السبت 7 يونيو 2025 08:31 صباحاً
يبدو واضحًا أن الرئيس جوزاف عون يعتمد أسلوبًا مختلفًا في ممارسة دوره السياسي والمؤسساتي، حيث يكرّس نهجًا حديثًا للرئاسة يتجاوز الشكل البروتوكولي إلى أداء عملي ومباشر.
فمن خلال تعيين مستشارين متخصصين، واعتماد تنظيم إداري يشبه النموذج الأميركي في الحكم، يعيد عون صياغة موقع الرئاسة كفاعل مؤثّر في ملفات أساسية، بعضها طالما اعتُبر من اختصاص السلطة التنفيذية فقط.
تعيين ناطقة رسمية بإسم القصر، تخصيص مستشارين لكل ملف، حديث عن تكليف مبعوثين رئاسيين في مهام محددة خلال المرحلة المقبلة، وحتى إسناد ملف بالغ الحساسية كـ"ملف السلاح" إلى مستشار خاص، كلها خطوات تُظهر أنّ الرئاسة، كما يراها عون، ليست موقعًا رمزيًا بل مساحة فعل سياسي منظّم، يعيد التوازن داخل الدولة، ويمنح القصر الجمهوري دورًا محوريًا في رسم السياسات الكبرى.
تحت سقف الدستور وضمن هوامش الشغور، يمارس جوزاف عون نوعًا جديدًا من الرئاسة، قائمًا على الحنكة، التنظيم، واستعادة الدور لا عبر الخطاب، بل عبر الأدوات المؤسساتية والسياسية.
النموذج الأميركي في الحكم؟
منذ تسلمه مهماته، شرع الرئيس في تطبيق ما يمكن وصفه بـ"نموذج رئاسي عصري" يشبه في بعض ملامحه النموذج الأميركي.
أولى إشارات هذا التحوّل تمثّلت في تعيين ناطقة رسمية باسم القصر الجمهوري هي الإعلامية نجاة شرف الدين، مع العلم أن اسمها لم يكن مطروحاً عندما تشكلت هذه الفكرة قبل وصول عون إلى الرئاسة بأشهر، فكانت خطوة غير مألوفة في الحياة السياسية اللبنانية، لكنها تعكس توجّهًا نحو الشفافية والتنظيم، وإعادة هيبة الموقع الأول في الدولة.
لم يكتفِ عون بذلك، بل عمد إلى استحداث مواقع استشارية متخصصة، بحيث أصبح لكل ملف محوري مستشار خاص: الاقتصاد، الأمن، السياسة الخارجية، العلاقات العربية، وأبرزها بحسب مصادر سياسية مطّلعة ملف "السلاح"، سواء كان سلاح المخيمات أو سلاح المقاومة، الذي أوكل إلى مستشار أمني هو من المقربين جداً للرئيس، ويتولّى متابعة هذا الملف الحساس بكل ما فيه من توازنات داخلية وخارجية، ومؤخراً تعيين الوزير السابق علي حمية كمستشار خاص لملف إعادة الإعمار، حيث سيكون حميّة ممثلا لعون في اللجان المعنيّة بهذا الملف حتى ولو كانت حكومية، وتُشير المصادر عبر "النشرة" إلى أن عون تقصّد اختيار شخصية شيعيّة لهذا الملف كونه يتعلق بالشيعة أولا، وهو من الملفات التي يطالب بتفعيل العمل بها الثنائي الشيعي في كل مناسبة.
وتُشير المصادر إلى أنه في المستقبل القريب قد يكون لعون مستشاراً مختصاً بملف النفط والغاز أيضاً.
استعادة الصلاحيات دون صدام
في السياق اللبناني، غالبًا ما تُعد الملفات التنفيذية من اختصاص الحكومة حصرًا، إلا أن جوزاف عون من موقعه ومكانته تمكّن من استعادة مساحة من الدور الرئاسي عبر هذه التعيينات، من دون أن يصطدم بشكل مباشر مع الحكومة أو القوى السياسية، حيث تؤكّد المصادر أنه لا يُريد التعدّي على صلاحيات أحد، ولكنه يُريد أن يكون حاضراً في كل المجالات لمؤازرة الحكومة وبناء تجربة جديدة من العمل الرئاسي.
هذا النمط من العمل يهدف إلى إيصال رسائل سياسية واضحة، وتنفيذ سياسات خارجية فعّالة ولو غير معلنة، ما يعكس إصراره على ألا يكون القصر مجرّد شاهد على المرحلة، بل طرفًا فعّالًا ومؤثرًا فيها، وهو يحظى بسبيل تحقيق هذا الهدف بدعم عربي ودولي لافت كان الداعم الأبرز لإطلاق هذا العهد الجديد.
الدستور والواقع السياسي
صحيح أن الدستور اللبناني لا يمنح الرئيس صلاحيات تنفيذية مطلقة، لكن الواقع السياسي فرض فراغًا حاول عون ملؤه بطريقة متزنة ومدروسة.
هو لا يواجه علنًا المؤسسات الأخرى، لكنه أيضًا لا يكتفي بلعب دور الحَكم أو الحيادي، بل يعمل على تموضعٍ جديد للرئاسة، قد يرسم معالم ممارسة سلطويّة مختلفة في تاريخ لبنان الحديث، ففي بلد اعتاد على الصراعات المفتوحة حول الصلاحيات والتمثيل، يُشكّل النهج الذي يتّبعه حالة سياسية لافتة، تستحق المراقبة.
يُعيد الرجل لموقع الرئاسة جزءًا من روحه ودوره، مستندًا إلى الدعم الخارجي أولاً والداخلي ثانياً، حيث تكشف المصادر أن الرئيس لن يغيب عن معركة الإنتخابات النيابية المقبلة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فهل يكون في مرحلة لاحقة، عنوانًا لرئاسة مختلفة تمامًا عمّا عرفه لبنان منذ الطائف حتى اليوم، مع ما قد يشكله ذلك من قلق لبعض القوى السياسية لا سيما على الساحة المسيحية؟.
0 تعليق