نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من زنزانة الشاه إلى قمة السلطة.. رحلة خامنئي من السجن إلى مواجهة إسرائيل, اليوم الخميس 19 يونيو 2025 04:52 مساءً
بعد أربعة عقود من الهيمنة يواجه آية الله علي خامنئي (86 عاماً) - المرشد الأعلى لإيران - أزمته الوجودية الأكثر تعقيداً، فـ"السيد القائد"، كما يناديه ملايين الموالين، بات هدفا على طاولة الضربات الإسرائيلية، في وقت لا يستبعد فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عملية اغتياله، ما يهدد مؤسسة "ولاية الفقيه المطلقة" التي جعلته "ظل الله على الأرض" وفقاً للدستور الإيراني.
تستمد شرعية خامنئي من المادة 5 و107 من الدستور الإيراني التي تنص على أن "الولاية في زمن الغيبة (غيبة المهدي) تناط بالفقيه العادل المتقي".
وأضيف وصف "المطلق" لصلاحياته عام 1989، لتمنحه سلطة مطلقة تشمل إقالة الرؤساء وتوجيه الجيش والسياسة النووية، وفق إطار قانوني يحول المعارضة السياسية إلى "محاربة لحكم الله" وفقاً لتفسيرات المحاكم الثورية، مما وفر غطاءً شرعياً لقمع أي معارضة.
الرحلة الملتبسة.. صعود خامنئي إلى قمة الهرم السياسي
وفقاً لوثائق مجلس الخبراء (1989) التي راجعتها "بي بي سي فارسي"، لم يكن المرشد الحالي الخيار الأول لخلافة الخميني، حيث تفوق عليه حسين علي منتظري في الترشيحات الأولية.
إلا أن تدبيراً محكماً من هاشمي رفسنجاني استبعد منتظري بحجة "تساهله مع المعارضة"، ليرتقي خامنئي رغم انتقادات لافتقاده آنذاك لمرتبة "آية الله العظمى".
وكشفت صحيفة "كيهان" الرسمية عام 1990 أن 40% من علماء الدين في قم قاطعوا مراسم تنصيبه، في إشارة إلى الخلافات العميقة داخل المؤسسة الدينية.
السجن.. محطة محورية في تشكيل وعي خامنئي
في مذكراته المنشورة على موقعه الرسمي، يذكر أنه اعتقل ست مرات بين عامي 1963 و1978 بتهمة "النشاط المعادي للنظام".
خلال هذه الفترة، تلقى دروساً في اللغة الإنجليزية من محيي الدين آل ناصر، الناشط الأحوازي الذي أُعدم لاحقاً عام 1964 بتهمة تأسيس "حركة تحرير عربستان". كما اكتشف الشعر الشعبي الأحوازي من سجين آخر هو سيد باقر النزاري.
الصحفي هوشنك أسدي، الذي تقاسم معه الزنزانة في سجن قزل قلعة، سجل في مذكراته المنشورة بـ"إندبندنت فارسي" أن خامنئي كان "نحيفاً، مرحاً، وثرثاراً"، يرفض أدب صادق هدايت (أيقونة الحداثة الإيرانية) ويسخر من اليساريين، بينما يعد السجناء بـ"جنة العدل" تحت حكم الإسلام.
بناء شبكة نفوذ إقليمية هي الأضخم في الشرق الأوسط
بعد توليه المنصب عام 1989، شرع خامنئي في بناء شبكة نفوذ إقليمية هي الأضخم في الشرق الأوسط، فبين عامي 1990 و2023، أنشأ إمبراطورية من الميليشيات بالوكالة، بما في ذلك "حزب الله" في لبنان المدعوم بـ150 ألف صاروخ، و"الحشد الشعبي" في العراق الذي يتلقى دعماً سنوياً يقدر بـ40 مليار دولار وفق مركز دراسات الخليج، و"الحوثيين" في اليمن الذين زودتهم إيران بصواريخ باليستية كما وثق تقرير الأمم المتحدة 2023.
لكن هذا الصرح بدأ ينهار منذ هجوم أكتوبر 2023، حيث وجهت إسرائيل ضربات موجعة شملت تدمير 70% من أنفاق حماس وفق بيان جيش الدفاع الإسرائيلي، واغتيال 12 قائداً بارزاً في حزب الله بينهم وائل أبو فاعور، وتقليص وجود الحرس الثوري في سوريا بنسبة 80% بعد إزاحة خمسة جنرالات وفق صحيفة "هآرتس".
عزلة غير مسبوقة
مصادر أمنية غربية (طلبت عدم الكشف عنها) أكدت لـ"رويترز" أن خامنئي يتحرك منذ يناير 2024 بين قصور سرية في جبال البرز، بعد إلغاء جميع ظهوراته العلنية إثر ضربة إسرائيلية استهدفت مقر الحرس الثوري في مدينة "خمين". وتشير تقارير استخباراتية متعددة إلى تدهور حالته الصحية، خصوصاً مع تفاقم مرض باركنسون الذي يعاني منه.
تنازلات تكتيكية لضمان استمرارية النظام
على مدار عقود، أظهر خامنئي ما أسماه "المرونة البطولية" تتضمن تنازلات تكتيكية لضمان استمرارية النظام، ففي عام 1988، حيث دعم إنهاء الحرب مع العراق رغم تكبد إيران مليون ضحية.
وفي 2015، وافق على الاتفاق النووي لرفع العقوبات الاقتصادية الخانقة، كما سمح عام 2022 بمفاوضات غير مباشرة مع السعودية، لكن الأزمة الحالية تختبر حدود هذه الاستراتيجية، فالعقوبات الغربية خفضت احتياطي النقد الأجنبي بنسبة 40% وفق صندوق النقد الدولي، بينما يهاجر 300 ألف شاب سنوياً منذ 2020 بحسب إحصاءات الهجرة الإيرانية.
من يخلف "الظل الإلهي"؟
في غياب آلية دستورية واضحة، فبينما يدفع التيار المتشهد بمجتبى خامنئي (ابن المرشد)، يفضل جناح الحرس الثوري قائد "فيلق القدس" إسماعيل قاآني، فيما يراهن الإصلاحيون الضعفاء على حسن خميني (حفيد مؤسس الثورة).
في خضم هذه العاصفة، ربما يسترجع الرجل الذي كان سجيناً رقم 242 في سجن قزل قلعة ذكريات ماضيه، لكن التحدي اليوم أعقد: فـ"الولي الفقيه" يواجه حربا مصيرية مع إسرائيل تجعله على رأس الأهداف.
0 تعليق