100 يوم في البيت الأبيض.. ما تأثير "العاصفة الترامبية"؟

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
100 يوم في البيت الأبيض.. ما تأثير "العاصفة الترامبية"؟, اليوم الأربعاء 30 أبريل 2025 01:06 مساءً

لم تمر المئة يوم الأولى من ولاية دونالد ترامب الثانية في البيت الأبيض، كأي بداية رئاسية تقليدية. فالرئيس الذي عاد إلى سدة الحكم على وقع استقطاب داخلي وصراعات خارجية، لم يأتِ ليحكم وفق الأعراف، بل ليهدمها ويعيد بناء سلطة تنفيذية تتمحور حول شخصه ورؤيته.

تلك المئة يوم الأولى كشفت عن نهج هجومي شامل، طال الاقتصاد، والهجرة، والمؤسسات، والتحالفات الدولية.

وفي قلب هذا الحراك، ينقسم المراقبون بين من يرى في ترامب قائدا يعيد أميركا إلى جوهرها، ومن يتوجس من مشروع يُعيد تشكيل الديمقراطية الأمريكية من الداخل.

"الهجوم المنظم"

يرى الخبير الاستراتيجي الجمهوري جيك نوفاك، خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية أن ما قام به ترامب خلال هذه المئة يوم ليس مجرد استعراض سياسي، بل "تطبيق دقيق لخطة استعادة السيطرة على مفاصل القرار الأميركي"، مضيفًا أن الرئيس "بدأ من حيث انتهى خصمه، فاستهدف تفكيك السياسات الاقتصادية والضريبية والمناخية التي اتبعها بايدن، وركّز على خلق بيئة استثمارية تعيد الثقة لأسواق المال الأميركية".

ويُوضح نوفاك أن ترامب لا يعتمد فقط على القرار التنفيذي، بل على "إعادة تشكيل النخب"، من خلال تعيين شخصيات موالية في مواقع استراتيجية. ويؤكد أن هذه الخطة تهدف إلى "إحكام السيطرة على الدولة العميقة، وتحييد خصومه ضمن المؤسسة ذاتها التي حاولت عزله سابقًا".

في هذا السياق، يشير نوفاك إلى أن ترامب يُدير البيت الأبيض كـ"غرفة عمليات سياسية واقتصادية"، يهدف من خلالها إلى فرض واقع جديد يجعل من معارضته أمرًا مكلفًا سياسياً وشعبياً.

ترامب يحكم بعقلية الثأر ويضع الديمقراطية في مأزق

أما الخبير الاستراتيجي الديمقراطي إيريك هيوي، فيرسم صورة أكثر قتامة، ويذهب إلى القول إن "ترامب لم يدخل البيت الأبيض كرئيس لكل الأميركيين، بل كقائد لمعركة شخصية ضد النظام".

ويضيف: "هو يهاجم القضاء، يضغط على الإعلام، ويُغذي نظرية المؤامرة، ليُعيد إنتاج لحظة السادس من يناير، ولكن من داخل مؤسسات الدولة".

ويُحذر هيوي من أن ترامب يستغل الشرعية الانتخابية لإضعاف قواعد اللعبة الديمقراطية ذاتها، عبر ضرب استقلالية السلطة القضائية، والتشكيك الدائم في نزاهة الانتخابات، والتحريض المستمر ضد خصومه السياسيين.

ويقول: "المئة يوم الأولى تكشف عن رئيس يُريد أن يحكم دون معارضة، وهذا تهديد وجودي للجمهورية الأميركية كما نعرفها".

ترامب يُفاوض العالم بلغة الداخل

في قراءة جيوسياسية أكثر شمولا، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد قواص، أن ترامب يُعيد تشكيل السياسة الخارجية الأميركية من زاوية غير تقليدية، قائلًا: "هو لا يتعامل مع أوروبا كحليف، بل كخصم تجاري. ولا يرى في الصين شريكا محتملا، بل تهديدا دائما. ويفكر في الشرق الأوسط كخريطة صفقات، لا استراتيجيات طويلة المدى".

ويرى قواص أن ترامب يربط بين الداخل والخارج بطريقة مباشرة، موضحا أن قراراته المتعلقة بالهجرة، أو الانسحاب من الاتفاقيات، أو العقوبات، كلها تصاغ بلغة الداخل الأميركي:

العالم يترقّب

أما حسن المومني، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، فيُشير إلى أن السياسة الأميركية لم تعد مفهومة بالمنطق التقليدي.

ويقول: "ما نشهده اليوم هو تحوّل واشنطن من لاعب دولي متّزن إلى لاعب مصلحي شرس، لا يتردد في التخلي عن الحلفاء أو تغيير المواقف جذرياً دون مقدمات".

ويضيف المومني: "ترامب يعيد تشكيل التحالفات الدولية على أسس براغماتية شديدة، ويستخدم أدوات الضغط الاقتصادي والعسكري كأوراق تفاوض دائمة، سواء مع الصين، أو مع الحلف الأطلسي".

ويختم بالقول: "العالم يتعامل الآن مع رئيس أميركي لا يمكن التنبؤ بردود فعله، وهذا بحد ذاته عنصر اضطراب يُربك موازين القوى".

شعبية رغم الضجيج

رغم الجدل الداخلي والانقسامات العميقة، تبقى قاعدة ترامب الانتخابية صلبة، بل وقد ازدادت تماسكًا خلال هذه المئة يوم. فالرجل، برغم العواصف القانونية والسياسية، استطاع الحفاظ على صورة "الرئيس المضطهد" في نظر أنصاره، وهو ما يمنحه طاقة سياسية لا يُستهان بها.

وتكشف استطلاعات الرأي أن نسبة التأييد له في ولايات محورية مثل أوهايو وبنسلفانيا وفلوريدا بقيت مرتفعة، بينما يُعبّر قطاع من الأميركيين عن قلقهم من مستقبل البلاد في حال استمرار الاستقطاب الحاد.

ما بدأ قبل سنوات بشعار "أميركا أولاً" أصبح اليوم مشروعًا متكاملًا لتغيير تعريف الدولة الأميركية الحديثة. فترامب لا يكتفي بالحكم، بل يسعى لإعادة صياغة السلطة، والمؤسسات، والعلاقات الدولية، بما يتناسب مع رؤيته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق