نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
خبير في إدارة المياه: السياسات العمومية في إدارة الموراد المائية تعيد إنتاج نفسها وإنتاج الفشل, اليوم السبت 31 مايو 2025 03:49 مساءً
نشر في باب نات يوم 31 - 05 - 2025
(حوار وداد مدفعي)- أقر الخبير في إدارة المياه، حسين الرحيلي، في حوار أجراه مع وكالة تونس إفريقيا للأنباء، بفشل السياسات العمومية في إدارة الموراد المائية، واعتبر أنّها "تعيد إنتاج نفسها، وبالتالي هي تعيد إنتاج الفشل على مر السنين".
وفي تقييمه لمدى نجاح السياسات العمومية في إدارة الموارد المائية، قال الرحيلي، أن هذه السياسات قد انبنت على خيارات السوق الخارجية خلال فترة الإنفتاح الإقتصادي، أي أنّها تم تطويعها بطلب من الأسواق الخارجية، واصفا هذه الخيارات ب"المحافظة جدا".
وأردف القول" لاتزال السياسات العمومية في إدارة الموارد المائية تصاغ في الإدارة، وهي ذات خط واحد في ظل غياب مقاربة تشاركية تعبر على رأي المجموعة ككل".
وتحدث الرحيلي، في هذا الصدد، عن إخفاق السياسات العمومية، خاصّة، في المجال الفلاحي. وظهر ذلك أكثر مع انعكاسات تغير المناخ، ومساهمته في تقلص الموارد المائية، ناهيك عن تأخر ب 69 سنة في مجال التعداد الفلاحي، و"عدم إلمام الدولة بكل ما يتعلق بالمستغلات الفلاحية، وغياب خارطة إنتاج فلاحي صارمة، والمراقبة اللازمة من قبل السلط المعنية".
وأشار إلى أن السياسات المائية في الأرياف مازالت تراوح مكانها، نظرا لعدم تدخل الشّركة الوطنيّة لاستغلال وتوزيع المياه إلا في تجمّعات سكنية ريفية كبيرة.
وأكد الخبير، في السياق ذاته، أن ملف المجامع المائية، "ملف فساد بامتياز"، في علاقة بالمديونية وانعدام الكفاءة، "وقد تم توظيفه سياسيا، خاصّة، بعد 14 جانفي 2011، فضلا عن أن القوانين الصادرة في الغرض بعد هذا التاريخ تعد مجرد ذر رماد على العيون". وقال "من يملك الماء، يملك السلطة".
وذكر، بأن خيارات الإنفتاح الإقتصادي قد قلبت الموازين منذ سبعينات القرن الماضي، وتغيرت السياسات العمومية المتعلّقة بالماء باتجاه دعم التصدير لقطاعي الفلاحة والصناعة، وبالتالي أكثر إستهلاكا للماء، إلى جانب قطاعات مستنزفة بطبعها للموارد المائية، على غرار النسيج والصناعات الغذائية والكيميائية وتحويل الفسفاط والسياحة.
ولم تواكب السياسات العمومية في المجال الإقتصادي، بحسب الرحيلي، ومنذ ذلك التاريخ، مختلف التطورات، كما أنها غير مطابقة لإمكانيات البلاد، التي تعاني ندرة الماء، ولا للقيمة المضافة للماء، بالإضافة إلى مشكل التلوث، الذي ظهر في عديد المناطق آنذاك.
وبيّن أن آخر برنامج قامت به الدولة في مجال المياه يكمن في الخطة العشرية لتنمية الموارد المائية (1990-2000)، واحتكار تعبئة الموارد المائية في المناطق الممطرة، ولم يقع منذ سنة 1995 التفكير في مسألة الإجهاد المائي والتغيرات المناخية.
وأضاف، في الإطار ذاته، إلى أن نسبة استغلال الموارد المائية قد تضاعفت خلال الثلاث عقود الماضية في ظل غياب الوعي بضرورة ترشيد الإستهلاك والأخذ بعين الإعتبار عاملي التغيرات المناخية وندرة المياه.
وحث الخبير، على إرساء ثقافة مواطنية لإستهلاك الماء، والتي "تعد مغيبة على جميع المستويات"، وإدماج الماء كمادة أساسية ضمن البرامج التعليمية (إبتدائي وإعدادي وثانوي)، وتدريس مجلّة المياه كنص قانوني في كلية الحقوق، إلى جانب خلق ترابط جيلي للتفكير بطريقة تشاركية في القضايا الإستراتيجية، التي تهم موضوع المياه.
ودعا الخبير في إدارة المياه، في هذا الشأن، إلى تحديد رؤية واضحة ودقيقة حول كيفية تصوّر تونس في أفق 2040-2050، والعمل على عودة "تونس خضراء"، كما كانت عليه سابقا وضمان السيادة الغذائية، وحسن إستغلال الموارد لتوفير حاجيات الشعب، إضافة إلى الحرص على التقليص من المديونية ومراكمة الثروة، كي يتمكن المواطن من العيش في رفاه إجتماعي.
وشدد، على تقييم الخيارات الإقتصادية والسياسات العمومية المرتبطة بالماء على امتداد 60 عقدا من الزمن، "بعيدا عما وصفه بمنطق الإنجازات وتزييف الحقائق والواقع الراهن"، وضبط الأولويات خلال المرحلة القادمة والإستثمار في تحسين مياه الشرب، وتوفيرها بنوعية جيدة وبطريقة مستديمة، بهدف التحكم في كلفة الصحة بشكل عام، والقطع الفوري مع تصدير الماء، أو الإختيار بين تصديره بقيمة مضافة عالية أو الحفاظ عليه لتحقيق الإكتفاء الذاتي.
كما طالب الريحلي، أيضا، بإعادة النظر في التركيبة الصناعية والنسيج الصناعي، بتناغم مع الإمكانيات المائية المتاحة واستغلال المياه في صناعات ذات قيمة مضافة عالية، بدل صناعات ملوّثة وذات قيمة مضافة ضعيفة.
.
0 تعليق