نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
«تحالف الراغبين» يواجه نقص الإرادة السياسية والإمدادات العسكرية لدعم أوكرانيا, اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 03:22 صباحاً
xأخيراً تخلى القادة الأوروبيون عن عدم استساغتهم لعبارة «تحالف الراغبين»، التي كانت تُستخدم في عهد الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، واختاروها لتكون شعاراً لهم في مساعدة أوكرانيا، وبينما ظلوا يجتمعون مراراً وتكراراً لمناقشة الدعم المستمر لأوكرانيا، فإن اختيارهم هذا الشعار أصبح مثيراً للسخرية، فقد كان قادة أوروبا في السابق أضعف من أن يمنعوا التحالف الأميركي من غزو العراق، وحتى الآن فكل ما فعله تحالفهم الجديد هو إبراز ضعفه وتردّده الشديدين في مساعدة أوكرانيا فعلياً.
تحالف ضعيف
ويبدو «تحالف الراغبين» مثيراً أيضاً للتساؤل، فمنذ فبراير عُقدت اجتماعات ضمت 30 دولة في العاصمتين الفرنسية باريس والبريطانية لندن، وأماكن أخرى، لمناقشة كيفية ملء الفراغ الذي خلّفه الانسحاب الأميركي من الدعم المقدم لأوكرانيا، و«طمأنتها ودعمها وحمايتها».
وفي أوائل مايو الماضي، توجه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيراهما الألماني والبولندي، إلى كييف، حيث اقترحوا وقف إطلاق نار لمدة 30 يوماً، ووعدوا بـ«زيادة الضغط على الآلة الحربية الروسية».
لكن عملياً لايزال التحالف ضعيفاً، فأوروبا حريصة على تزويد أوكرانيا ببدائل للإمدادات الأميركية المفقودة، لكنها تكافح للحصول على الأسلحة التي تحتاج إليها كييف بالسرعة الكافية، وبكلفة معقولة، وسيستغرق العديد من الالتزامات التي قُطعت، سنوات قبل أن تظهر على أرض الواقع، وحتى العقوبات الموعودة على روسيا لرفضها وقف إطلاق النار، لم تتجاوز مجرد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات إضافية على السفن التي تنقل النفط الروسي.
الالتزام العسكري
تكمن المشكلة الكبرى التي تواجه التحالف في مسألة التزامات القوات بعد وقف إطلاق النار، التي كانت مصممة في الأصل كقوة حفظ سلام لردع أي هجوم روسي مستقبلي، ومنذ طرح التحالف الفكرة على الطاولة، انخفض عدد القوات «قيد المناقشة» من أكثر من 100 ألف إلى نحو 20 ألفاً، ولم تعد عمليات نشر القوات المقترحة تُركز حتى على الردع في الخطوط الأمامية، بل يناقش القادة وجوداً رمزياً لحماية البنية التحتية أو الموانئ، من دون اتفاق على من سيوفر القوات.
وينشأ هذا الفشل عن مشكلات عدة، أولاها أن الجيوش الأوروبية ستواجه صعوبة في القتال، وقد لا يكون لديها ما تقاتل به، لقد عانت هذه الحكومات في معظمها، نقصاً مزمناً في تمويل جيوشها، ما أدى إلى استنزاف قدرتها على القيام بعمليات معقدة، وقد تفاقم هذا الوضع بسبب المساعدات المقدمة لأوكرانيا منذ عام 2022، والتي أدت إلى استنزاف العديد من الدول الأوروبية لمخزونها العسكري بالكامل.
أما المسألة الثانية فستكون هناك مقايضات، فقد أعلنت رومانيا وبولندا، وهما من بين أكثر المؤيدين صراحة لأوكرانيا، أنهما لن ترسلا أي قوات إلى أوكرانيا، ونتج ذلك عن المخاوف المتزايدة بين الدول الأوروبية بشأن التزام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تجاه حلف شمال الأطلسي (الناتو)، فأي قوات متمركزة في أوكرانيا، بعد كل شيء، لا يمكن استخدامها للدفاع عن الوطن الذي تنتمي إليه، وبينما تكافح الحكومات للتحضير لمستقبل لا توفر فيه واشنطن الدفاع لأوروبا، ستكون الخيارات أكثر وضوحاً بالنسبة لتلك الدول الأقرب إلى روسيا.
الإرادة السياسية
وأخيراً، هناك نقص في الإرادة السياسية، إذ لايزال الأوروبيون بشكل عام أكثر دعماً لأوكرانيا من الأميركيين، على الرغم من أن الآراء تختلف بشكل كبير في جميع أنحاء القارة، ففي فرنسا يؤيد 67% ممن استُطلعت آراؤهم إرسال قوات فرنسية إلى أوكرانيا بعد اتفاق سلام، بينما تؤيد أغلبية ضئيلة من الألمان (49%) نشر قوات حفظ سلام تابعة للجيش الألماني في تلك المرحلة، ومع ذلك يؤيد 43% فقط من البريطانيين إرسال قوات، حتى بعد وقف إطلاق النار المحتمل.
وهناك فجوة بين تأكيدات القادة الأوروبيين على دعمهم لكييف، وما يُمكنهم تقديمه فعلياً، كما توجد فجوة بين تصريحاتهم وما يُمكن لشعوبهم تحمّله، وفي الواقع لا يوجد نقاش جاد حول نشر القوات، لأن القادة لا يريدون الاعتراف بإرسال قوات فرنسية أو بريطانية أو ألمانية إلى أوكرانيا كقوة «فخ» مصممة لردع روسيا، عن طريق جرّ هذه الدول إلى أي حرب محتملة في المستقبل.
إظهار القوة
ومن الواضح أن الزعيمين البريطاني والفرنسي ستارمر وماكرون ونظراءهما يريدون إظهار قوتهم ودعمهم لأوكرانيا من خلال الإيحاء بأن أوروبا قادرة على ملء الفراغ الناتج عن الانسحاب الأميركي من دعم أوكرانيا، ولكن بتغييرهم المستمر لمواقفهم، بتقليص حجم عمليات نشر القوات المحتملة، وإطلاق تهديدات فارغة في الغالب لروسيا، أظهر قادة الاتحاد الأوروبي ضعفهم، لهذا من الأفضل التخلي عن هذه المواقف، وعن خطط تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا على غرار حلف «الناتو» والتي تتطلب دعماً أميركياً.
وبدلاً من ذلك، ينبغي على «تحالف الراغبين» التركيز على المجالات التي يمكن أن يُحدث فيها فرقاً، مثل دعم كييف في بناء جيشها الخاص بعد الحرب، وتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية الأوروبية، والتخطيط لإعادة الإعمار بعد الحرب.
وحتى الآن، لعبت هذه المجالات دوراً ثانوياً في الغالب، مقارنة بعمليات نشر القوات التي يُتوقع فشلها، لكنها لا تقل أهمية، والأهم من ذلك أنها ممكنة.
إيما آشفورد*
*كاتبة وزميلة في مركز ستيمسون للأبحاث
عن «فايننشال تايمز»
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
0 تعليق