ياسر حمدي يكتب: محور قناة السويس العالمية

اخبار جوجل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ياسر حمدي يكتب: محور قناة السويس العالمية, اليوم الاثنين 2 يونيو 2025 12:33 مساءً

تمثل إستراتيجية مصر الإقتصادية التنموية، في محور قناة السويس، أحد أهم المشروعات القومية التي تستهدف إعادة رسم الخريطة الإقتصادية للدولة، وتحقيق نقلة نوعية في مكانتها على خريطة التجارة العالمية.

إن إهتمام مصر بهذا المحور الإقتصادي العالمي العظيم، هو ما حفز شركة «شين فينج» الصينية إلى الإعلان عن إنشاء مجمع صناعي متكامل في منطقة السخنة التابعة لمحور قناة السويس بحجم إستثمارات 1.65 مليار دولار على مساحة 3.75 مليون متر مربع، ليشمل 9 مصانع ومراكز خدمية متنوعة. 

محور قناة السويس لا يعد فقط ممرًا ملاحيًا إستراتيجيًا يربط بين الشرق والغرب، بل أصبح محورًا تنمويًا متكاملًا يسعى إلى تحويل مصر إلى مركز لوجستي وتصنيعي عالمي، من خلال استغلال المزايا الجغرافية الفريدة وتعظيم الإستفادة من البنية التحتية المتطورة والموانئ المتصلة بسلاسل الإمداد العالمية.

تعتمد الرؤية المصرية في تنمية هذا المحور على إقامة مناطق صناعية وخدمية متكاملة، وتطوير الموانئ البحرية مثل ميناء شرق بورسعيد والسخنة ودمياط والعين السخنة، وربطها بشبكات نقل حديثة من طرق وسكك حديدية ومراكز لوجستية، بما يتيح تسهيل حركة البضائع ويخفض تكاليف النقل والتخزين ويزيد من تنافسية مصر في الأسواق الإقليمية والدولية.

كما تهدف الإستراتيجية إلى جذب الإستثمارات الأجنبية والمحلية في قطاعات متعددة منها الصناعات الثقيلة والخفيفة، وصناعات القيمة المضافة مثل تجميع السيارات، وصناعات البتروكيماويات، والتكنولوجيا، والتغليف، وتكرير النفط، وإنشاء مجمعات صناعية ضخمة تعمل وفقًا لمعايير الاستدامة والتنافسية العالمية.

وتعزز هذه الخطة من قدرة مصر على التحول من مجرد نقطة عبور للبضائع إلى مركز لإعادة التصدير والتصنيع، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتنمية الصادرات، وزيادة حصيلة النقد الأجنبي، وتقليل الإعتماد على الواردات.

وتُظهر البيانات الرسمية أن محور قناة السويس استطاع أن يجذب إستثمارات تجاوزت مليارات الدولارات في السنوات الأخيرة، كما شهدت القناة نفسها توسعات وتطويرات رفعت من قدرتها الاستيعابية وعدد السفن المارة يوميًا، مما عزز من إيرادات الدولة وزاد من ثقة المستثمرين.
وتأتي هذه الجهود في سياق رؤية مصر 2030، التي تسعى لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، وتوظيف الموقع الإستراتيجي للدولة في خدمة الإقتصاد القومي؛ وبجانب الأبعاد الإقتصادية، يمثل المشروع بعدًا سياسيًا وإستراتيجيًا يعزز من مكانة مصر الدولية والإقليمية، ويدعم استقرارها من خلال تحقيق نمو إقتصادي حقيقي يرتكز على الإنتاج والتصدير.

كما يُعد محور قناة السويس بوابة رئيسية للاندماج في سلاسل الإمداد العالمية، وخاصةً مع تطورات الإقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية، حيث تعمل الدولة على تطوير البنية التكنولوجية في تلك المناطق وربطها بمراكز الخدمات الذكية وأنظمة تتبع البضائع إلكترونيًا.
تسعى الحكومة كذلك إلى تشجيع القطاع الخاص على الدخول في شراكات مع الدولة في تنفيذ مشروعات هذا المحور، إيمانًا منها بأن التنمية لا يمكن أن تتحقق إلا بتكامل الجهود الرسمية والخاصة.
وبهذا تتضح ملامح إستراتيجية متكاملة تستهدف من خلالها مصر أن تصبح منصة محورية في حركة التجارة العالمية، وقاعدة صناعية تصديرية للقارات الثلاث: إفريقيا وآسيا وأوروبا، ما يعكس تحولًا جوهريًا في الرؤية الإقتصادية والتنموية للبلاد، ويؤكد أن مصر ماضية بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر ازدهارًا وريادة في قلب النظام الإقتصادي العالمي.

إن الإستمرار الجاد في هذا الطريق الذي يجذب الإستثمارات الصناعية الكبرى ويدعم توطين الإنتاج، يمهّد لمرحلة جديدة من الطفرات الإقتصادية والصناعية، وسيكون له أثر ملموس على حياة المواطنين؛ فمع كل مشروع جديد تتسع فرص العمل، ويزداد الإنتاج المحلي، وتُعزّز القدرة التصديرية للاقتصاد، وهو ما يفتح آفاقًا أرحب لتحسين مستوى المعيشة، وتحقيق العدالة الإجتماعية، وبناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للأجيال القادمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق