نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
اعتراف بريطانيا بمغربية الصحراء يعري تناقضات وصبيانية النظام الجزائري, اليوم السبت 7 يونيو 2025 04:23 مساءً
في خطوة جديدة تكرس عدالة قضية الصحراء المغربية وتؤكد وجاهة المقترح المغربي للحكم الذاتي، أعلنت المملكة المتحدة، القوة الدولية ذات الثقل التاريخي والدبلوماسي، دعمها الرسمي للمقترح المغربي كحل واقعي وذي مصداقية للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية، لكن الحدث لم يكشف فقط عن تحول مهم في مواقف العواصم الكبرى لصالح المملكة، بل عرى مجددا هشاشة الخطاب الرسمي الجزائري وتناقضاته الفجة، التي باتت تتخبط بين الصراخ الإعلامي الفارغ وبلاغات "الأسف" الباهتة.
وكما حدث مع الولايات المتحدة ، اكتفى النظام الجزائري بالتعبير عن "الأسف الشديد" تجاه الموقف البريطاني، دون أن يجرؤ على استدعاء سفيره من لندن، كما فعل مع مدريد وباريس في مناسبات سابقة، حيث يعكس هذا التمييز في الردود بجلاء الانتقائية الطفولية في سلوك الدبلوماسية الجزائرية، التي لا تتعامل مع مواقف الدول بناء على مبادئ أو ثوابت مزعومة، بل على حسابات المصلحة الضيقة والخوف من الدخول في صدام مع قوى لا تستطيع مجاراتها لا سياسيا ولا اقتصاديا.
ووجدت الجزائر، التي رفعت عقيرتها بالصراخ والتصعيد أمام مدريد، وذهبت حد قطع علاقاتها الاقتصادية والطاقية مع إسبانيا، نفسها فجأة تتحول إلى حمل وديع أمام لندن، رغم أن المضمون السياسي للموقف البريطاني لا يقل وضوحا عن ذلك الذي تبنته مدريد وباريس، بل يعد استكمالا لاعتراف دولي متنام بسيادة المغرب الكاملة على صحرائه، وهي الازدواجية نفسها التي نراها تتكرر في كل محطة، لتفضح أمام العالم أجمع، وتنكشف معها حدود “الرجولة الدبلوماسية” التي لطالما تبجح بها الإعلام الرسمي الجزائري.
ومن الواضح أن النظام في الجزائر يعيش حالة إفلاس دبلوماسي عميق، تتجلى في عجزه المزمن عن إقناع أي قوة كبرى بأطروحته الانفصالية البالية، وفي محاولاته المتكررة لابتزاز العالم عبر ورقة الغاز، التي لم تعد تخيف أحدا، حيث أن بريطانيا لا تعتمد على الغاز الجزائري، والولايات المتحدة ليست بحاجة إليه أصلا، أما فرنسا وإسبانيا، فقد تجاوزتا ابتزاز النظام الجزائري وعادتا تدريجيا إلى التعاون مع المغرب دون أن يحرز النظام العسكري أي مكسب يذكر من تهوره وخطابه العدائي.
ولأن التصعيد الأجوف لم يثمر شيئا سوى المزيد من العزلة، فقد باتت الجزائر تلجأ إلى بلاغات “الأسف” لإيهام الداخل بأنها لا تزال صامدة، في حين أنها تنهار سياسيا في الخارج، ما يجعل هذه البلاغات موجهة للاستهلاك الداخلي، حيث أوضح العديد من المحللين، أن هدفها إنقاذ ماء وجه نظام يتغذى على وهم “البطولة” ومقاومة “الاستعمار”، في وقت يلهث فيه خلف رضا العواصم الغربية ويقدم لها التنازلات تلو الأخرى على أمل تغيير موقف لم يعد يقبل النقاش.
لكن السقوط الجزائري المدوي لا يقف عند حدود التناقض الدبلوماسي، بل يمتد إلى انكشاف صبيانية خطاب النظام، الذي لا يتوانى عن استعمال مفردات تعبوية جوفاء، في الوقت الذي تتوالى فيه الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، وتكاد أطروحة الانفصال تدفن تحت ركام الأكاذيب التي روجت لها الجزائر لعقود، باعتبار أن الاعتراف البريطاني ليس مجرد بيان بروتوكولي، بل هو تموقع استراتيجي لدولة كبرى تعي جيدا أين تكمن الشرعية وأين تكمن الأسطورة.
والمفارقة المضحكة المبكية في هذه النازلة هي أن النظام الجزائري، الذي يدعي الدفاع عن “حق الشعوب في تقرير مصيرها”، يمنع ذلك الحق عن شعبه، ويسجن ويقمع كل من يطالب بالحرية والديمقراطية في الداخل، بينما ينفق الملايير على كيان وهمي لا مستقبل له، ويصر على معاداة جار لم يبادله يوما سوى اليد الممدودة، في سياسات عبثية لا تخدم إلا مشروعا واحدا يتمثل في بقاء الجنرالات على سدة الحكم بأي ثمن، ولو على حساب مصالح الشعب الجزائري ومستقبل المنطقة المغاربية ككل.
ويشكل اعتراف بريطانيا بمغربية الصحراء اختصارا لقصة نزاع طال أكثر من اللازم، مفاده أن المغرب على حق، والجزائر على باطل، والعالم بدأ يكتشف زيف الدعاية التي طالما روجها النظام العسكري، حيث لم يبق أمام الجزائر سوى مراجعة الذات، والتخلي عن مناوراتها العقيمة، والعودة إلى جادة الصواب، إن كانت تسعى فعلا إلى بناء مغرب كبير متكامل يخدم شعوبه، بدل إذكاء نار الانفصال والعداء باسم قضايا خاسرة لم تعد تقنع أحدا.
0 تعليق