تحولت فرحة تتويج نادي باريس سان جيرمان بلقب دوري أبطال أوروبا، مساء السبت، إلى مشاهد عنف وفوضى في قلب العاصمة الفرنسية، بعد أن اجتاحت الجماهير الباريسية الشوارع احتفالاً بالإنجاز التاريخي، الذي تحقق لأول مرة في تاريخ النادي.

وأشعل الانتصار الساحق الذي حققه فريق العاصمة الفرنسية على حساب إنتر ميلان الإيطالي بنتيجة خمسة أهداف دون رد في النهائي الذي احتضنته مدينة ميونيخ الألمانية، فتيل الاحتفالات في مختلف أرجاء باريس، وخصوصا في شارع الشانزليزيه الشهير، غير أن هذه الأجواء الحماسية لم تلبث أن انزلقت إلى أعمال شغب ومواجهات عنيفة بين المشجعين وقوات الأمن.

ونشرت السلطات الفرنسية ما يناهز 5,400 شرطي في شوارع العاصمة عقب المباراة تحسبا لأي انفلات أمني، إلا أن الوضع خرج عن السيطرة في بعض المناطق، مما اضطر رجال الأمن إلى استعمال الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لتفريق الحشود التي تجمعت بأعداد ضخمة، بعضها لم يكن حتى يتابع المباراة، بل استغل المناسبة للقيام بأعمال تخريبية.

وأفادت مصادر أمنية أن قوات الشرطة استهدفت بالمفرقعات والشهب النارية، خصوصا قرب ساحة "إتوال" المجاورة لقوس النصر، حيث اضطرت السلطات إلى استخدام مدفع مياه لمنع المتجمهرين من التقدم، كما أكدت اعتقال 131 شخصا في أحداث متفرقة، من بينهم 30 شخصا ضبطوا وهم يقتحمون متجرا للأحذية في الشانزليزيه، فيما أضرمت النيران في سيارتين بالقرب من ملعب حديقة الأمراء.

وتكررت مشاهد الفوضى أيضاً داخل ملعب "أليانز أرينا" في ميونيخ، حيث حاول الآلاف من أنصار الفريق اقتحام أرضية الملعب بعد صافرة النهاية، وعلى الرغم من استنفار الشرطة الألمانية التي طوقت منطقة الجماهير الباريسية، إلا أن التدافع العنيف أعاق تدخلها للحظات أثناء احتفال اللاعبين بالكأس.

وفي تصريحات إعلامية بعد المباراة، دعا عثمان ديمبيلي، نجم باريس سان جيرمان، جماهير فريقه إلى الاحتفال بشكل حضاري، قائلا: "دعونا نفرح بهذا التتويج، ولكن دون أن نخرب مدينتنا"، بينما اختار ديزيريه دوويه، صاحب هدفين في النهائي، التعبير عن فرحته فقط قائلا: "لا أملك الكلمات… شكرا باريس، لقد فعلناها".

ولم يتردد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المعروف بتشجيعه لنادي أولمبيك مارسيليا، في تهنئة الغريم الباريسي عبر منصة "إكس"، وكتب: "يوم مجيد لباريس سان جيرمان! برافو، نحن جميعا فخورون. باريس، عاصمة أوروبا هذا المساء"، كما أعلن قصر الإليزيه أن ماكرون سيستقبل لاعبي الفريق يوم الأحد، في الوقت الذي يرتقب فيه أن يجوب رفاق حكيمي شارع الشانزليزيه في موكب احتفالي ضخم، إن سمحت الظروف الأمنية بذلك.

ودخل باريس سان جيرمان بهذا الإنجاز الرياضي الكبير، التاريخ من أوسع أبوابه، لكن الوجه الآخر لهذا التتويج ألقى بظلاله على العاصمة الفرنسية، التي عاشت ليلة بين المجد والدموع، وبين نشوة النصر ومرارة العنف.