نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تقارير نارية للمفتشية العامة للمالية تكشف عن اختلالات خطيرة عرفتها صفقات عمومية, اليوم الأحد 1 يونيو 2025 12:25 مساءً
أفصحت المفتشية العامة للمالية في تقارير تفتيشية حديثة عن اختلالات خطيرة وأوضاع مقلقة في تدبير عدد من الصفقات العمومية التي أبرمتها مؤسسات وقطاعات عمومية بالمغرب، حيث اتضح أن هذه الصفقات لم تراع المعايير القانونية والتنظيمية التي من شأنها ضمان شفافية ونزاهة العمليات المالية والإدارية، بعدما اكتشفت أن العديد من الشركات المتعاقدة التي أُسندت إليها هذه الصفقات انتهى بها المطاف إلى إعلان الإفلاس، وهو ما أثار تساؤلات جادة حول مدى احترام الأحكام القانونية المنظمة للصفقات العمومية في بلادنا، خاصة في ظل التزامات دستورية واضحة تتطلب من الجهات المعنية مراقبة صارمة وصيانة المال العام.
ومن أبرز ما جاء في هذه التقارير، إخفاق واضح في تطبيق المادة 31 من المرسوم رقم 2.01.2332، التي تمنح صاحب المشروع الحق في فسخ العقد دون تعويض إذا ما تعرضت الشركة المتعاقدة لتصفية أصولها، إلا أن تقاعسا منسوبا لعدد من المسؤولين المكلفين بتنفيذ هذا النص القانوني أدى إلى تحميل الإدارات العمومية أعباء مالية غير مبررة، إذ أظهرت التقارير حالة من التردد والضعف في اتخاذ القرارات الحاسمة التي تحفظ المال العام وتقيه الضرر، حيث لم يقتصر هذا التهاون على الإخلال بالقانون، وإنما تعداه إلى غياب واضح لمتابعة الأشغال وعدم الالتزام بالمواعيد المحددة للتسليم، ناهيك عن تجاهل ملاحظات لجان المراقبة الداخلية، وهو ما يكشف عن ضعف في آليات الرقابة والمسؤولية داخل المؤسسات العمومية.
وكان من اللافت حسب التقارير ذاتها غياب أي طلب رسمي من قبل المصفين القضائيين للشركات المفلسة، لاستئناف تنفيذ هذه العقود، ما يؤكد أن تلك الصفقات وقعت في فراغ قانوني وإداري مريب، حيث يشير المفتشون إلى أن هذه التجاوزات لا تضر فقط بالمالية العامة، بل تضع أصحاب المشاريع في موقف ضعف أمام إخفاقات التنفيذ التي يمكن تفاديها لو توفرت الرقابة الحازمة والالتزام الصارم بالقوانين.
وتأتي هذه الاختلالات في سياق يتسم بارتفاع ملحوظ في حالات إفلاس الشركات بالمغرب، وهو ما أكدته دراسات حديثة ربطت بين الظاهرة وتأثيرات جائحة كورونا، وتأخر آجال الأداء، والتقلبات المناخية، وتداعيات التضخم، حيث أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تفاقم أزمة الاقتصاد الوطني وأثرت بشكل مباشر على استقرار الصفقات العمومية وعلى قدرة الدولة في ضمان إنجاز المشاريع التنموية بكفاءة وجودة.
وفي ظل هذه الأوضاع، أكدت المفتشية العامة للمالية أن استكمال التحقيقات والعمل على رفع مستوى الشفافية والمساءلة في تدبير الصفقات العمومية لم يعد خيارا بل ضرورة ملحة، وذلك للحفاظ على المال العام وتعزيز ثقة المواطنين في الإدارة العمومية، باعتبار أن تحسين الكفاءة التقنية والإدارية، والالتزام الصارم بالأطر القانونية، يشكلان حجر الزاوية في مواجهة هذه التحديات وضمان استدامة المالية العمومية، وتكريس مبدأ الحكامة الجيدة في مجال الصفقات العمومية.
0 تعليق