الاحتلال الإسرائيلي في مأزق استراتيجي.. هل بدأ الغرق في الفخ الإيراني؟

قناة المنار 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاحتلال الإسرائيلي في مأزق استراتيجي.. هل بدأ الغرق في الفخ الإيراني؟, اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 05:13 مساءً

مع تصاعد الحرب المفتوحة بين الاحتلال الإسرائيلي والجمهورية الإسلامية الإيرانية، برزت إلى الواجهة سلسلة من الإخفاقات التقنية والعملياتية في منظومات الدفاع الصهيونية، كشفت هشاشة البنية العسكرية التي لطالما روّج لها الاحتلال بوصفها من بين الأكثر تطورًا في العالم.

فقد أظهرت التطورات الميدانية الأخيرة عجز منظومات الاعتراض الجوي عن التمييز الدقيق بين الصواريخ والطائرات المسيّرة، كما تزايدت الشكوك حول قدرتها على التعامل مع موجات الهجوم المكثفة، وهو ما أثار غضبًا في أوساط المستوطنين، خصوصًا بعد تكرار سقوط الصواريخ دون سابق إنذار.

هذه الثغرات، التي شكّلت صدمة للرأي العام الصهيوني، تخضع حاليًا لتحقيقات مكثفة، وسط محاولات حثيثة لإدخال تقنيات جديدة تواكب التطور الإيراني في مجال الصواريخ الذكية والتشويش الإلكتروني. فالمشكلة لم تعد محصورة في مجرد سقوط قذائف، بل باتت تتجلّى في عجز الاحتلال عن اعتراض صواريخ دقيقة تستهدف منشآت حيوية في عمق الكيان، ما يعني أن مفهوم “الردع”، الذي تباهت به تل أبيب طويلًا، آخذ في التآكل بوتيرة متسارعة.

وبالتزامن مع هذا التراجع الميداني، تتصاعد في الداخل الصهيوني أصوات تشكك في جدوى هذه الحرب من أساسها. فالقرارات التي اتخذها نتنياهو، من قبيل منع مغادرة بعض المناطق والسماح فقط لمن يمتلكون وسائل خاصة بذلك، فضلًا عن ما تردد بشأن انتقال شخصيات عبر غواصات إلى قبرص، كلها مؤشرات على حالة ارتباك رسمي تعكس عمق الأزمة السياسية والأمنية داخل الكيان.

أما الرقابة العسكرية المشددة، فهي محاولة لاحتواء تداعيات الضربات الإيرانية، التي تتسم هذه المرة بكثافة غير مسبوقة ونوعية موجعة، ما يعكس تطورًا لافتًا في قدرات طهران العملياتية.

وفي ظل هذه المعطيات، بدأت تطرح تساؤلات صهيونية حادة بإلحاح متزايد: ما الهدف من هذه الحرب؟ إلى متى ستستمر؟ وهل يستطيع الكيان الإسرائيلي، على المستويات السياسية والعسكرية والاجتماعية، أن يتحمّل استنزافًا طويل الأمد لا أفق له؟ وهل لدى نتنياهو خطة خروج واضحة؟ أم أنه يقود المجتمع الإسرائيلي إلى تكرار تجربة غزة، ولكن بحجم أشد وأخطر؟

الوقائع الميدانية حتى الآن تشير إلى فشل الاحتلال في تحقيق أيٍّ من أهدافه المعلنة. فالمنشآت النووية الإيرانية لم تُصب بأذى فعلي، والقدرات الصاروخية لم تُقوّض، فيما لا تزال طهران تحتفظ بكامل أوراقها وتلوّح بالمزيد من التصعيد.

وقد أكد خبراء صهاينة أن الصواريخ الإيرانية تُصيب أهدافها بدقة بالغة، وأن نحو تسعين في المئة منها موجه نحو أهداف عسكرية حساسة، وتخلّف أضرارًا وخسائر فادحة، رغم النسبة المرتفعة لاعتراضها من قِبل منظومات الدفاع الجوي الصهيونية.

أما في الداخل، فإن مشاهد الرعب والفوضى غير المألوفة داخل المجتمع الصهيوني، إلى جانب الضغوط النفسية والاقتصادية المتزايدة، تنذر بتحوّل الجبهة الداخلية إلى عبء متضخم يصعب احتواؤه.

وأمام هذا الواقع المأزوم، يراهن قادة الاحتلال على جرّ الولايات المتحدة إلى قلب المواجهة، عبر تحويل الصراع إلى حرب إيرانية–أميركية شاملة، وهو طموح عبّرت عنه بوضوح النخب السياسية والإعلامية داخل الكيان.

إلا أنّ الإدارة الأميركية لا تزال تُبدي تحفظًا حذرًا إزاء هذا الخيار، في ظل انقسام داخلي حاد، ووجود تيارات انعزالية متصاعدة ترى أن دعم “إسرائيل” بات عبئًا استراتيجيًا لا طائل منه.

ويشير المراقبون الصهاينة إلى تغيّر جوهري في الموقف الأميركي؛ إذ إن حتى أبرز “الصقور” في الكونغرس، المعروفين بعدائهم لإيران، لم يُبدوا أي حماسة للانخراط المباشر في الحرب. وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة التي تربط بعضهم بحكومة الاحتلال، إلا أنّ التيار الانعزالي المتنامي داخل الولايات المتحدة، ولا سيّما في أوساط ما يُعرف بـ”مجموعة ماغا”، يدفع باتجاه فكّ الارتباط الكامل مع الكيان، والدعوة إلى وقف الدعم العسكري والسياسي له.

وفي هذا السياق، يبرز سؤال استراتيجي لا يمكن تجاوزه: هل سقط الاحتلال الإسرائيلي في الفخ الإيراني كما سقط سابقًا في مستنقع غزة؟ وهل آن الأوان للاعتراف بأن الحرب لم تعد محسوبة، بل تحوّلت إلى ورطة طويلة الأمد؟

الإجابة عن هذا السؤال قد تتضح خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لا سيّما أن المهلة الزمنية التي حددها نتنياهو لعمليته العسكرية، والمقدرة بثلاثة أسابيع، شارفت على الانتهاء من دون أن يظهر أي إنجاز ملموس في الأفق.

وإذا استمرّت الصواريخ الإيرانية في استهداف العمق الصهيوني بوتيرة متصاعدة، فإن الجبهة الداخلية ستشهد تآكلًا سريعًا في الدعم الشعبي، وقد ترتفع الأصوات المطالِبة بمساءلة الحكومة، بل وربما تُطرح للمرة الأولى تساؤلات وجودية حول قدرة هذا الكيان أصلًا على خوض حروب مفتوحة في الإقليم من دون مظلة أميركية، أو حليف قادر على إنقاذه من الورطة التي أوقع نفسه فيها.

وعلى الرغم مما يبدو إجماعًا ظاهريًا على مواصلة الحرب ضد إيران، فإن هذا التوافق تهزّه موجة متنامية من الشكوك حيال طبيعة الأهداف، وما إذا كانت أصلًا قابلة للتحقّق، خاصة في ظل فشل رئيس الحكومة حتى الآن في استدراج الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع الجمهورية الإسلامية.

ومع استمرار تراكم الخسائر المادية والبشرية لكيان العدو في حربه العدوانية على إيران، تتكثف الأسئلة حول الغايات الحقيقية لهذه الحرب وأهدافها النهائية، والمخارج الممكنة منها، لا سيّما في ظل الضبابية المتعمّدة التي ينتهجها نتنياهو، والتي تنطوي على مخاطر جسيمة بالتورّط في حرب طويلة لا يمكن التنبؤ بمسارها، ولا بحجم الخسائر التي قد تلحق بالصهاينة، في وقت تواصل فيه إيران إثبات قدرتها على توجيه ضربات دقيقة وفعالة إلى أهداف استراتيجية في عمق الكيان.

لذلك، تُطرح مجددًا وبإلحاح تساؤلات داخل كيان الاحتلال بشأن الأفق الحقيقي لهذه الحرب، في ظل الشكوك المتصاعدة حيال نوايا نتنياهو، ومدى قدرة تل أبيب على تحمّل تبعات حرب طويلة قد تتحول إلى استنزاف استراتيجي مرهق للداخل الصهيوني.

المصدر: موقع المنار

أخبار ذات صلة

0 تعليق