نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نهر بارد جديد لسحب السلاح الفلسطيني من المخيمات؟, اليوم الاثنين 26 مايو 2025 03:18 صباحاً
لم تمر الزيارة التي قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى لبنان الاسبوع الفائت، مرور الكرام، بل اكتسبت اهمية لافتة، في ظل الحديث عن اتفاق تم بينه وبين رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون والمسؤولين اللبنانيين على ضرورة سحب السلاح من ايدي الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية وعلى كامل اراضي الدولة، وتغيير واقع هذه المخيمات وتحويلها الى مناطق "مدنية"، وعدم النظر اليها على انها بؤرة لايواء الارهابيين والمطلوبين الى العدالة.
يأتي هذا التفاهم ضمن سياق إقليمي معقد، حيث تسعى بيروت لإعادة تأكيد سيادتها على كامل أراضيها بعد التطورات العسكرية الأخيرة، بما يعكس رغبة الدولة اللبنانية في استعادة احتكار القوة المسلحة، خاصة في ظل الضغوط الدولية المتزايدة لتطبيق الرغبات الدولية ان بالنسبة الى سلاح حزب الله، او بالنسبة الى سلاح المخيمات.
من وجهة النظر الفلسطينية، قد يمثل هذا التفاهم محاولة للتكيف مع المعطيات الجديدة والحفاظ على العلاقات مع الدولة اللبنانية المضيفة، في وقت تواجه فيه القضية الفلسطينية تحديات متعددة تتطلب مرونة دبلوماسية. كما يظهر بما لا يقبل الشك، الرغبة في سيطرة حركة "فتح" على الاوضاع في هذه المخيمات بعد الضربة التي تعرضت لها حركة "حماس" والتوجه نحو تقليص نفوذها الى حده الادنى في الاراضي المحتلة وخارجها على حد سواء.
نجاح هذه المبادرة من شأنه ان يساهم في تعزيز الاستقرار الداخلي اللبناني من خلال تقليل مصادر التوتر الأمني وإزالة نقاط الاحتكاك المحتملة. كما قد تمهد لإعادة هيكلة شاملة للمنظومة الأمنية اللبنانية، بما يتماشى مع متطلبات بناء دولة قويّة قادرة على فرض سلطتها. إلاّ أن التحدّي الأساسي يكمن في آليات التنفيذ العملي، إذ أنّ تطبيق مثل هذا الاتفاق يتطلب توافقاً واسعاً بين مختلف الأطراف الفلسطينيّة، وهو ما قد يصطدم بمقاومة من فصائل معينة ترى في السلاح ضمانة لوجودها السياسي.
ومن نافل القول ان حصول مواجهات بين الجيش اللبناني والفصائل الفلسطينية على نحو ما شهده مخيم نهر البارد عام 2007، هو امر غير وارد، فلا الجيش يرغب في تكبّد شهداء له، ولا الفلسطينيين يرغبون في تأجيج الحقد ضدهم وخسارة تفهم اللبنانيين بعد ان خسروا تفهّم قسم كبير من العالم. وبالتالي، لم يعد هناك سوى التفاهم بين الفصائل وبين السلطة الفلسطينية والدولة اللبنانية لانجاز هذا الملف من دون مواجهات عسكرية ترتد سلباً على الطرفين.
في السياق الإقليمي الأوسع، تكتسب هذه الخطوة أهمية خاصة في ضوء التحولات الجذرية التي شهدتها المنطقة، خاصة بعد الأحداث العسكرية الأخيرة التي أضعفت قدرات حزب الله، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا. هذا التطور قد يسهم في إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية، حيث قد يبرز لبنان كنموذج لحل النزاعات من خلال الحوار والتفاوض.
سقوط النظام السوري وصعود قيادة جديدة تحت رئاسة أحمد الشرع (ابو محمد الجولاني)، مع إشارات محتملة حول رغبته في التطبيع مع إسرائيل، يضع لبنان أمام تحدٍ جديد. هذا التغيير الدراماتيكي في الجوار السوري قد يخلق ضغوطاً إضافية على لبنان لإعادة تعريف موقعه الإقليمي وعلاقاته الخارجية، خاصة في ظل تراجع الدور الإيراني في المنطقة، وتطور المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن. كما أن هذا التوجه قد يلقى ترحيباً دولياً، خاصة من قبل الولايات المتحدة الاميركية وهي اللاعب الاهم حالياً على الساحة، مما قد يفتح آفاقاً جديدة للدعم الاقتصادي والسياسي للبنان.
رغم الإيجابيات المحتملة، تواجه هذه المبادرة تحديات جوهريّة، أبرزها ضرورة ضمان عدم خلق فراغ أمني قد تستغله جماعات متطرّفة. كما أنّ نجاح هذه الخطوة مرهون بتوفير بدائل سياسية واقتصادية للفصائل التي ستتخلى عن سلاحها، وقد يشكل نموذجاً يؤدّي الى تقوية وضع السلطة الفلسطينيّة واحكام قبضتها على القرار الفلسطيني الذي يتقاسمه حالياً عدد من الفصائل.
0 تعليق