نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نووي إيران.. ترامب واختيار الدبلوماسية مع إبقاء سيف العقوبات, اليوم الخميس 15 مايو 2025 09:27 صباحاً
في أروقة السياسة العالمية، لا شيء يبدو محسومًا كما في ملف إيران النووي. فعلى رغم اختيار واشنطن طريق الدبلوماسية، تواصل إدارة الرئيس دونالد ترامب سياساتها المعهودة في ممارسة أقصى الضغوط، ما يجعل العالم يتساءل: هل يسير ترامب على درب إنجاز اتفاق تاريخي جديد مع طهران؟ أم أن المشهد يخفي وراءه استعدادًا لمواجهة مفتوحة؟.
من الواضح أن الرئيس ترامب لا يسير على نهج سلفه بايدن أو حتى أوباما في تعاطيه مع طهران. فبينما يلوّح بالحلول الدبلوماسية، لم يتخلَّ عن سيف العقوبات. فقد أعلن مؤخرًا أن إيران "أكبر قوة مدمّرة في الشرق الأوسط"، محذرًا من "تصفير صادراتها النفطية" في حال لم تقبل صفقة جديدة.
في المقابل، يبدو أن البيت الأبيض يختبر قدرة إيران على الالتزام، عبر فرض عقوبات جديدة شملت كيانات وأفرادًا مرتبطين بمنظمة الابتكار والبحث الدفاعي في طهران. بيان الخارجية الأميركية تحدث صراحة عن "توسع مقلق في البرنامج النووي الإيراني" ونشاطات "قابلة للاستخدام العسكري"، ما يعزز فرضية أن الدبلوماسية وحدها لن تكون كافية دون ضغط اقتصادي مستمر.
وسط هذا التصعيد، تكشف التصريحات الإيرانية عن تحوّل في الخطاب والمواقف. مصادر إيرانية نقلت لسكاي نيوز عربية أن المرشد علي خامنئي وافق ضمنيًا على "تجميد جزئي للتخصيب" إن تطلبت المفاوضات ذلك. هذا الموقف ترافق مع تصريحات لافتة للحرس الثوري، الذي أعرب عن دعمه "للتوافق البناء بين الجهد الدبلوماسي والوضع الدفاعي الإيراني".
وهو ما رآه المحلل الخاص لسكاي نيوز عربية محمد صالح صدقيان، خلال حديثه إلى برنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية تحوّلا تكتيكيًا محسوبًا أكثر من كونه تغييرًا استراتيجيًا، إذ أشار إلى أن "الإيرانيين يتوقعون إشارات إيجابية"، لكن بدلًا منها يتلقون عقوبات متزايدة، ما "يجعلهم أكثر تشددًا وتخوفًا".
الداخل الإيراني بين الانفتاح والشكوك
يرى محمد صالح صدقيان أن إدارة ترامب، بفرضها للعقوبات تزامنًا مع الحديث عن المفاوضات، تبعث برسائل متضاربة. ففي الداخل الإيراني، لا تزال الذاكرة مشحونة بخروج ترامب من الاتفاق النووي في 2018، الأمر الذي اعتبره "طعنة" لفكرة الثقة بين الطرفين.
ويضيف صدقيان: "هناك تيار أصولي قوي داخل البرلمان والحرس الثوري يشكك في نوايا واشنطن"، موضحًا أن هذا التيار يعتبر أن ما تريده الولايات المتحدة ليس اتفاقا بل "استسلاما سياسيا".
لكن، رغم الشكوك، ثمة تحرك إيراني محسوب نحو الانخراط. إذ تشير المؤشرات إلى ما يسميه صدقيان "النزول التدريجي للسلم"، من خلال تخفيض منسوب التصعيد وتقديم مقترحات ملموسة حول التخصيب وإمكانية رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ويذكّر صدقيان بأن طهران عندما وقعت اتفاق 2015 كانت تخصّب بنسبة 3.67%، بينما اليوم تخصب بنسبة 60%، وهو ما يمثل دليلاً على "فشل استراتيجية الانسحاب والعقوبات في كبح طموحات إيران النووية".
ويضيف: "الجانب الأميركي يملك هو الآخر تيارا أصوليا لا يثق بإيران، ويرى في منشآتها النووية المحصنة تحت الأرض علامة على نوايا عسكرية"، ما يرفع منسوب التوتر والتصلب لدى الطرفين.
لكن المحلل السياسي يصرّ على أن "نقل المفاوضات من الميدان السياسي الأمني إلى التقني الفني" قد يفتح الباب لاتفاق واقعي، بوجود دور فاعل للوكالة الدولية للطاقة الذرية. فالمسألة ليست فقط تخصيبًا، بل ثقة مفقودة بين أطراف تتشكك في نوايا بعضها البعض.
في الخلفية، تبرز تصريحات شبه يومية من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يهدد فيها بضرب المنشآت النووية الإيرانية، ما يعيد شبح الحرب إلى الأذهان. "هذه التهديدات المستمرة تؤثر على موقف إيران وتجعلها تتمسك بقدراتها الدفاعية"، يقول صدقيان، معتبرًا أن "تصعيد التهديدات دون خطوات واقعية لخفض التوتر، يدفع الإيرانيين إلى التحفز بدل الانفتاح".
وفي المقابل، تسعى دول أوروبية وروسيا والصين إلى استعادة اتفاق نووي جديد، وسط إدراك عميق بأن فشل هذا المسار قد يفتح الباب لانفجار واسع في منطقة تعاني أصلًا من هشاشة أمنية.
صفقة ممكنة أم مواجهة محسومة؟
الواقع أن رهان ترامب على الحل الدبلوماسي قد يحمل فرصًا حقيقية، خاصة في ظل مؤشرات ليونة من الجانب الإيراني. لكن المسار لا يزال محفوفًا بالعقبات، وعلى رأسها فقدان الثقة، والتشدد الأيديولوجي، وضبابية الأهداف الأميركية.
يقول صدقيان ان: "الإيرانيون قدموا إشارات، لكنهم بحاجة إلى رسائل إيجابية فعلية من واشنطن"، ويضيف: "الحرب الاقتصادية لا تقل خطرًا عن الحرب العسكرية... وإذا أرادت الولايات المتحدة فعلاً تغيير سلوك إيران، فعليها أولاً أن تغيّر طريقة تعاملها معها".
يبقى السؤال مفتوحًا: هل ينجح ترامب في تمرير صفقة تنهي عقدًا من التوتر النووي؟ أم أن السياسة المزدوجة ستعيدنا إلى دائرة المواجهة؟ في المشهد الإقليمي المتقلب، كل الاحتمالات واردة، والعد التنازلي لا ينتظر.
0 تعليق