نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
علاج آلام الظهر المزمنة بدون جراحة: حقن النخاع العظمي لمرضى الأقراص الفقرية, اليوم السبت 17 مايو 2025 09:34 مساءً
في خطوةٍ طبية ، تُعيد تعريف أساليب مواجهة آلام الظهر المزمنة، كشفت تجارب سريرية حديثة عن نجاح مذهل لعلاجٍ مبتكر يعتمد على الحقن غير الجراحي لنخاع عظمي مُتبرَّع به داخل الأقراص الفقرية المتدهورة.
إنجاز علمي، نُشرت تفاصيله في دورية "BMC Musculoskeletal Disorders" ونقلته منصّة "New Atlas" المتخصصة، يُعدُّ طوق نجاةٍ للملايين ممن يعانون آلامًا مزمنة ناجمة عن تآكل الأقراص بين فقرات العمود الفقري، مع إمكانية تأخير أو حتى استبدال التدخل الجراحي التقليدي.
من العمود الفقري إلى جذور الألم
تُشكّل الأقراص الفقرية حاجزًا مرنًا بين الفقرات، تتألّف من نواة هلامية (النواة اللبية) محاطة بطبقة ليفية صلبة. تعتمد هذه النواة على محتواها المائي العالي لامتصاص الصدمات وتوزيع الضغط أثناء الحركة. لكن مع التقدم في العمر أو التعرّض لإصابات، تفقد النواة اللبية مرونتها وتجفّ، مما يُضعف قدرة القرص على أداء وظيفته ويُطلق سلسلةً من الآلام المبرحة التي تُصنَّف تحت مسمّى "آلام القرص المنشأ". هنا تبدأ معاناة المرضى مع العلاجات التقليدية التي تتراوح بين المسكنات والعلاج الطبيعي وصولًا إلى الجراحة، والتي تحمل بدورها مخاطرَ لا يُستهان بها.
الطب التجديدي من المختبر إلى عيادات الألم
تبرز شركة أمريكية متخصّصة في التقنيات الحيوية بتجربتها السريرية لعلاج "VIA Disc NP"، الذي يعتمد على فلسفة الطب التجديدي. يعمل هذا العلاج على إصلاح الأنسجة التالفة داخل القرص الفقري عبر حقن مادة مُستخلصة من نخاع عظمي بشري مُتبرَّع به، مُعالَجَة بطريقة خاصة لضمان سلامتها وفعاليتها. الفكرة الثورية هنا تكمن في استخدام خلايا حيوية لتحفيز تجديد الأنسجة بدلًا من مجرد تخفيف الأعراض، وهو ما يُغيّر قواعد اللعبة في إدارة الألم المزمن.
كيف تُحقن الحياة في الأقراص المتآكلة؟
تبدأ الرحلة العلاجية بتحضير النخاع العظمي المُتبرَّع به، حيث تُقطع الأنسجة إلى جزيئات دقيقة وتُعقم بعناية. عند الحاجة، يُعاد تكوين المادة عن طريق خلطها بمحلول ملحي معقم، ثم تُحقن مباشرة في القرص المتدهور عبر إجراءٍ بسيط يُجرى تحت تخدير موضعي. يُمكن للمرضى مغادرة العيادة في نفس اليوم، والعودة إلى أنشطتهم المعتادة خلال 24 ساعة فقط، دون الحاجة إلى فترة نقاهة طويلة أو قيودٍ حركية. تُتبع العملية بزيارات دورية على مدى عامٍ كامل لرصد التحسّن في شدة الألم ومدى استعادة وظيفة الظهر.
60% من المرضى يشهدون تحولًا جذريًا
وفقًا للنتائج المنشورة في دورية "Pain Physician"، أبلغ نحو 60% من المشاركين في التجربة عن انخفاضٍ كبير في شدة الألم – ليصل إلى 3 درجات أو أقل على مقياس من 10 – بعد مرور عامٍ على العلاج. الأكثر إثارةً أن هذه النتائج حافظت على استقرارها بين الشهر السادس والثاني عشر، دون أي تراجعٍ في الفعالية، مما يُشير إلى تحسُّنٍ دائمٍ وليس مجرد مسكّنٍ مؤقت. كما سجّلت التحاليل تحسّنًا ملحوظًا في القدرة على الحركة وأداء المهام اليومية، ما يعكس استعادةً جزئيةً على الأقل لوظيفة القرص الفقري.
سلامة فوق كل اعتبار: آثار جانبية تحت السيطرة
على الرغم من الطبيعة التوغُّلية نسبيًا للإجراء، سجّلت التجربة آثارًا جانبيةً طفيفةً في معظم الحالات، مثل آلام مؤقتة في أسفل الظهر أو تشنجات عضلية، تمت معالجتها جميعًا دون مضاعفات. ولم تُسجَّل سوى حالةٍ واحدةٍ من التهاب موضع الحقن، تم التعامل معها بنجاح. لم يضطر أي مريضٍ إلى الخضوع لجراحةٍ ثانوية، مما يعزز موقف هذا العلاج كبديلٍ آمنٍ أمام الخيارات الجراحية الأكثر خطورة.
مستقبلٌ بلا مشرط: تداعيات النجاح على مسار العلاج العالمي
يُعلق الباحثون آمالًا كبيرة على هذه النتائج، ليس فقط لقدرتها على تغيير حياة المرضى، بل أيضًا لإمكاناتها في إعادة تشكيل البروتوكولات العلاجية العالمية. فالقدرة على تأخير أو تجنُّب عمليات مثل "رأب القرص" أو دمج الفقرات – والتي غالبًا ما تؤدي إلى مضاعفاتٍ طويلة المدى – تُقلب الموازين لصالح الطب التجديدي. يقول الفريق العلمي: "التحسُّن المستمر في وظيفة الظهر يفتح الباب أمام حقبةٍ جديدةٍ من العلاجات الوقائية، حيث نتدخل قبل فوات الأوان".
0 تعليق