في تطور دراماتيكي يعكس تصاعد المواجهات الإقليمية، سقط صاروخ باليستي أطلق من اليمن صباح اليوم الأحد على مطار بن جوريون الدولي في تل أبيب، متسبباً في إصابات مادية وبشرية وفوضى واسعة، فيما فشلت أنظمة الدفاع الإسرائيلية المتطورة مثل "حيتس 3" و"ثاد" في اعتراضه. 

الحادثة وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بـ"الأكثر خطورة منذ بدء الحرب" تطرح أسئلة محرجة عن قدرة تل أبيب على حماية عمقها الاستراتيجي، وتضع دولة الاحتلال تحت مرمى نيران "الحوثي"  

انهيار المنظومات الدفاعية  وتوقف الحياة في المطار 

أفادت إذاعة الجيش الإسرائيلي بأن الصاروخ أصاب المطار بشكل مباشر (وليس شظايا اعتراضية)، ما أدى إلى إصابة شخصين بجروح متوسطة وطفيفة، وإصابات نفسية جماعية بالهلع. 

وأوقفت السلطات حركة القطارات والمواصلات العامة والخاصة المؤدية للمطار، فيما انتشرت فرق الإسعاف والإطفاء في المكان. وبثت وسائل إعلامية لقطات تظهر سحب دخان كثيفة تتصاعد من موقع الاصطدام، الذي تبين لاحقاً أنه أحد مداخل المطار الرئيسية. 

الأمر الأكثر إثارة للقلق في تل أبيب هو الفشل الذريع لأنظمة "حيتس 3" (النسخة المتطورة من القبة الحديدية) و"ثاد" الأمريكية في اعتراض الصاروخ، رغم أن الجيش الإسرائيلي أكد محاولات الاعتراض. وهو الفشل الذي يعيد إلى الأذهان الهجمات السابقة للحوثيين التي وصلت إلى إيلات وأشكلون، لكن استهداف بن غوريون – الرمز السيادي والاقتصادي لإسرائيل – يمثل تصعيداً غير مسبوق. 

ردود فعل إسرائيلية.. من الهلع إلى التهديد بإيران 

حالة من الذعر سادت الأوساط الأمنية والإعلامية الإسرائيلية، حيث وصفت صحيفة "معاريف" الحادثة بأنها "دراما على نطاق عالمي"، فيما طالبت منصات إعلامية بـ"رد فعل قوي جداً".

 من جانبه، اتهم السياسي الإسرائيلي بيني جانتس إيران بالوقوف خلف الهجوم، غاضّاً الطرف عن مصدر الصاروخ اليمني، وكتب على "إكس": "هذه ليست اليمن، بل إيران. إنها تطلق صواريخ باليستية على إسرائيل وعليها أن تتحمل المسؤولية". 

وفي إشارة إلى تداعيات اقتصادية محتملة، أشارت القناة 12 العبرية إلى مخاوف من أن تقرر شركات الطيران الدولية تعليق رحلاتها إلى بن غوريون خشية الاستهداف، ما يعيد سيناريو تعطيل المطار خلال حرب 2014 على غزة. 

رد يمني على التصعيد الأمريكي البريطاني 

الهجوم يأتي في خضم تصاعد العدوان الأمريكي-البريطاني على اليمن، وفق "الميادين" التي أشار مراسلها إلى  44 غارة خلال الساعات الماضية استهدفت محافظات مأرب والجوف وصعدة والحديدة، بما في ذلك غارات على جزيرة كمران الاستراتيجية.

 ورغم هذا التصعيد، واصلت القوات المسلحة اليمنية تنفيذ وعودها بدعم غزة، حيث كررت خلال الأيام الماضية قصف أهداف إسرائيلية بصواريخ باليستية وفرط صوتية، كما استهدفت سفناً مرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر. 

اختراق السيادة الإسرائيلية و تراجع هيبة الأنظمة الدفاعية

وفق خبراء فإن الصاروخ اليمني كشف اختراق السيادة الإسرائيلية، لأن  مطار بن جوريون – البوابة الجوية الرئيسية لإسرائيل – ما يثبت أن التهديدات البعيدة المدى للحوثيين قادرة على اختراق "العمق الآمن" للكيان، حتى مع الدعم الأمريكي المباشر. 

كما أثبت تراجع هيبة الأنظمة الدفاعية بفشل "حيتس" و"ثاد" وإضعاف المروّجات الإسرائيلية عن مناعة هذه الأنظمة، خاصة بعد تكرار اختراقها منذ 7 أكتوبر. 

أما من حيث التكلفة الاقتصادية فإن  تعطيل المطار قد يُعيد إحياء مخاوف الاستثمارات الأجنبية، خصوصاً مع تهديدات الحوثيين باستمرار العمليات حتى توقف العدوان على غزة، بينما الاتهامات الإسرائيلية المباشرة لإيران قد تفتح باب مواجهة أوسع، رغم محاولات طهران نفي تورطها المباشر في عمليات الحوثيين. 

منذ نوفمبر 2023، يشن الحوثيون هجمات على سفن مرتبطة بإسرائيل وأهداف داخل الكيان رداً على الإبادة الجماعية في غزة، التي خلفت أكثر من 170 ألف قتيل وجريح فلسطيني. وبينما تحاول واشنطن وحلفاؤها كسر شوكة اليمن عبر قصف مكثف، تثبت العمليات الأخيرة أن صنعاء قادرة على تحويل المعادلة إلى حرب استنزاف بعيدة المدى.