نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حرب الظل والمفاوضات العلنية..النووي الإيراني أمام اختبار صعب, اليوم الثلاثاء 29 أبريل 2025 03:25 مساءً
بين طاولات التفاوض في العلن وعمليات التخريب في الخفاء، تخوض إيران واحدة من أكثر معاركها حساسية منذ سنوات.
وعلى وقع الضغط المتزايد من إسرائيل، والدعم الضمني من واشنطن، تحاول طهران التوفيق بين استمرار التخصيب النووي والاحتفاظ بماء وجهها داخليا وخارجيا، فيما تتسع دائرة حرب الظل، غير المعلنة رسميا، ولكن الحاضرة بقوة في كل تفجير وانفجار واغتيال.
في قلب هذا المشهد، يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مصمما على ما يسميه "منع إيران من امتلاك سلاح نووي"، معتبرا أن "الاتفاق السيء أسوأ من لا اتفاق"، ومشددا على ضرورة اتفاق شامل يحرم إيران من القدرة على تخصيب اليورانيوم، وتطوير الصواريخ الباليستية، بما يشابه النموذج الليبي.
وفي المقابل، يظهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب متمسكا بخط المفاوضات، رغم الضغوط الإسرائيلية المكثفة، مما يدفع تل أبيب إلى تفعيل أدواتها التقليدية: الاغتيالات، الهجمات السيبرانية، وتفجير المنشآت، ضمن سياسة تهدف إلى عرقلة البرنامج النووي الإيراني دون الحاجة إلى تدخل عسكري مباشر.
لا منتصر في حرب الظل
في تحليل عميق للمشهد، يقول الدبلوماسي الإيراني السابق عباس خامه يار، خلال حديثه إلى برنامج "التاسعة" عبر "سكاي نيوز عربية"، إن ما يجري هو "حرب ظل حقيقية لا يُعلن فيها عن المنتصر أو الخاسر"، مشيرا إلى أن الصراع بات متعدد الوجوه، من السيبراني إلى السياسي إلى النفسي.
وحذر خامه يار من التسرع في إطلاق الاتهامات بشأن الحوادث الأخيرة، مثل تفجير ميناء رجائي، مؤكدا أن النظام الإيراني بطبيعته لا يستطيع كتمان الأسباب الحقيقية لمثل هذه الأحداث، مضيفا: "لا أحد يستطيع في إيران أن يكتم السبب الرئيسي... طبيعة النظام السياسي والأمني تفرض إعلان النتائج لاحقا، لذلك من غير المنطقي الاتهام دون أدلة دامغة".
وأوضح خامه يار أن "التزامن بين التفجيرات وحركة المفاوضات يثير الشكوك بلا شك"، لكنه دعا إلى "عدم الاعتماد على روايات أحادية الجانب" في ظل تعقيد المشهد وصعوبة إثبات مسؤولية جهة بعينها بشكل قاطع.
مفاوضات العلن.. وكواليس الظل
على طاولة المفاوضات، تتمسك طهران بخطوط حمراء واضحة: استمرار التخصيب وعدم التخلي عن القدرة الدفاعية، رغم ما تتعرض له من ضربات موجعة في عمق بنيتها التحتية.
وأكد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن إسرائيل تحاول فرض إرادتها على السياسة الأميركية، محذرا من أن طهران لن تقبل بإملاءات تأتي من تل أبيب أو واشنطن.
أما المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، فشدد على أن عملية التخصيب جزء لا يتجزأ من أي اتفاق نووي، مما يجعل احتمالات التوصل إلى تسوية مرضية لجميع الأطراف أكثر تعقيدا.
في موازاة ذلك، تواصل طهران رسائلها النارية، مع تحذير صريح من مستشار الأمن القومي الإيراني علي شمخاني بأن أي استهداف مباشر للمفاعلات الإيرانية ستكون له "نتائج لا يمكن تصورها"، في تهديد ضمني بأن الرد الإيراني قد لا يكون محدودا هذه المرة.
هل تعيد إسرائيل عقارب الساعة إلى الوراء؟
التصعيد الأخير يعيد إلى الأذهان استراتيجية إسرائيل التقليدية: تدمير القدرات النووية قبل اكتمالها.
فمن عملية "ستوكسنت" الإلكترونية الشهيرة، إلى اغتيالات العلماء، وحتى حرائق الموانئ والمنشآت الصناعية، تبدو إسرائيل مصممة على تأخير أو إنهاء المشروع النووي الإيراني بأي ثمن، لكن خامه يار يرى أن الأمور أكثر تعقيدا هذه المرة، مؤكدا: "الحرب النفسية والإعلامية الجارية اليوم تهدف إلى الضغط على إيران ودفعها لتقديم تنازلات، لكن لا يجب أن نحسم النتائج بناءً على معلومات مبكرة وغير موثوقة".
وشدد خامه يار على أن "الضربات السيبرانية والهجمات الانتقائية لن تُسكت إيران، وإذا ثبت ضلوع إسرائيل، سيكون الرد الإيراني حتميا ولكن بطريقتها الخاصة"، داعيا إلى التريث في الحكم حتى تتضح الصورة بشكل نهائي عبر تحقيقات رسمية.
إيران في مأزق.. وأعين الجميع على المرشد
بينما تتعرض المنشآت لهجمات مادية متكررة، والبرنامج النووي لهجمات دبلوماسية لا تقل شراسة، يبقى السؤال الأساسي: بأي وجه سيخرج المرشد الأعلى علي خامنئي من هذه المواجهة؟.
هل تلتزم إيران بسياسة ضبط النفس بانتظار أن تمر العاصفة، أم تقرر التصعيد المفتوح، خاصة إذا استمرت الضربات الإسرائيلية أو تحول الضغط إلى تهديد وجودي؟.
مراقبون يرون أن خامنئي قد يسمح بامتصاص الضربات طالما لم تصل إلى مستوى يستدعي الرد الكبير، حفاظا على مسار المفاوضات، في وقت تحتاج فيه إيران إلى تخفيف العقوبات لاستعادة أنفاس اقتصادها المنهك.
وتبقى حرب الظل مفتوحة، والمفاوضات مستمرة، والمواجهة الكبرى مؤجلة، بانتظار من سيرتكب الخطأ القاتل أولا.
0 تعليق